حققت توصياتنا في شهر مايو 2525 نقطة.  

عرض النتائج

هل يمكن لترامب إقالة جيروم باول؟

في ظل تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، يطرح الكثيرون سؤالاً محورياً: هل يمتلك الرئيس صلاحية إقالة رئيس البنك المركزي؟

خلال الأسابيع الأخيرة، شنّ ترامب هجمات لاذعة على باول، واصفًا إياه بـ”الخاسر الكبير”، ومُلمحًا إلى أن إقالته “يجب أن تتم بأسرع وقت”. لكن خلف هذه التصريحات الصاخبة يبرز سؤال قانوني ودستوري معقّد: هل يحق للرئيس فعلاً عزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟


خلاف قديم يتجدد

التوتر بين ترامب وباول ليس وليد اللحظة. فمنذ تعيينه خلفًا لجانيت يلين عام 2017، انتقد ترامب أداء باول، خصوصًا فيما يتعلق بوتيرة خفض أسعار الفائدة.

وفي آخر تصريحاته، قال ترامب في مناسبة رسمية بتاريخ 23 أبريل:
“إنه يُبقي أسعار الفائدة مرتفعة للغاية… لقد تأخر كثيرًا… وأنا غير راضٍ عمن أوصى بتعيينه.”

جاء هذا التصريح بعد إعلان باول أن البنك المركزي لا يعتزم خفض أسعار الفائدة سريعًا، رغم تراجع التضخم وتزايد الضغط السياسي.


استقلالية الاحتياطي الفيدرالي على المحك

رغم الانتقادات العنيفة، شدّد باول مرارًا على أهمية استقلالية البنك المركزي. ففي يناير الماضي، أكد أنه لم يتواصل مع الرئيس، وأن قرارات السياسة النقدية ستبقى مبنية على بيانات الاقتصاد، لا السياسة.

تم تعيين باول رئيسًا للفيدرالي عام 2018، وأعيد تعيينه في 2022 لفترة ثانية. وبصفته عضوًا في مجلس المحافظين، يمكنه البقاء حتى عام 2028، ما لم تتم إقالته لسبب وجيه—وهو شرط قانوني صارم.


هل يمكن لترامب عزله قانونيًا؟

الإجابة ببساطة: ليس من السهل على الإطلاق.

ينص قانون الاحتياطي الفيدرالي على أن إقالة أي عضو في المجلس، بما في ذلك الرئيس، لا تتم إلا “لأسباب وجيهة”، وهي تُفَسَّر قانونيًا على أنها سوء سلوك جسيم أو انتهاك قانوني—not خلاف سياسي أو تباين في وجهات النظر الاقتصادية.

ووفقًا لتقارير وول ستريت جورنال، فإن بعض كبار مسؤولي الإدارة—منهم وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك—نصحوا ترامب بعدم الإقدام على هذه الخطوة، مؤكدين أن عزل باول قد يفتح بابًا لصراع قانوني، ويهزّ ثقة الأسواق المالية، دون ضمانات بأن يؤدي ذلك إلى خفض الفائدة.

حتى إن لوتنيك أبلغ الرئيس بأن غالبية أعضاء مجلس الفيدرالي قد يواصلون السير على نهج باول في السياسة النقدية، حتى لو تم عزله.

وفي مؤتمر صحفي بتاريخ 22 أبريل، خفف ترامب من لهجته، قائلاً:
“لا أنوي إقالة باول… هذا وقت مثالي لخفض الفائدة، وإن لم يفعل، فهل ستكون نهاية العالم؟ لا، لن تكون كذلك.”


دروس من التاريخ

آخر محاولة رئاسية للتدخل في استقلالية البنك المركزي تعود إلى السبعينيات، حين ضغط الرئيس ريتشارد نيكسون على رئيس الفيدرالي آنذاك، آرثر بيرنز، لتيسير السياسة النقدية قبيل انتخابات 1972. وقد وافق بيرنز، لكن النتيجة كانت تضخمًا حادًا استمر لسنوات، تطلّب تدخلًا حادًا من باول فولكر في الثمانينيات لمعالجته.

رغم أن استقلال الاحتياطي الفيدرالي ليس محصنًا دستوريًا، فإن هناك إجماعًا واسعًا من الحزبين في واشنطن على ضرورة إبقاء البنك المركزي بعيدًا عن التدخلات السياسية.


تداعيات محتملة وخطيرة

يرى خبراء قانونيون، مثل الخبير الاقتصادي تيم ماهيدي، أن أي محاولة لعزل رئيس الفيدرالي بسبب قرارات سياسية قد تشكّل سابقة خطيرة، وتؤدي إلى ما وصفه بـ”حدث مالي نظامي”.

كما تسعى وزارة العدل الأمريكية حاليًا لإلغاء مبدأ قانوني عمره 90 عامًا يحمي رؤساء الوكالات المستقلة من العزل بدون مبرر. وعلى الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي ليس هدفًا مباشرًا لهذه الجهود، إلا أنها تثير القلق بشأن استقرار مؤسسات الدولة.


التأثير على الاقتصاد الأمريكي

رغم رغبة ترامب في تخفيف السياسة النقدية، يرى العديد من الاقتصاديين أن الفيدرالي على صواب في تبنّي الحذر، خاصة في ظل التحديات المتجددة.

وبينما بلغ التضخم 2.4% في مارس 2025، ظل سعر الفائدة عند مستوى 4.25%-4.5%. ويرجع ذلك إلى مخاوف من عودة التضخم، خاصة مع فرض ترامب رسومًا جمركية تصل إلى 145% على الواردات الصينية، ما قد يدفع الأسعار للارتفاع مجددًا.

شركات كبرى مثل وول مارت وتارجت حذّرت من أن الرسوم قد ترفع الأسعار على المستهلكين، بينما صرّح إيلون ماسك، المستشار الاقتصادي الحالي للرئيس، بأنه سيحث ترامب على إلغائها.


الخلاصة: المعركة لم تُحسم بعد

مستقبل جيروم باول: هل سيبقى حتى 2026؟

رغم التهديدات، يبدو أن جيروم باول سيبقى في منصبه حتى عام 2026، ما لم تحدث تطورات قانونية غير مسبوقة. وبحسب محللين، فإن محاولة عزله قد تضر أكثر مما تنفع، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.