بنك اليابان المركزي يؤكد بقاء التضخم دون المستهدف
أكد كازو أويدا محافظ بنك اليابان المركزي أن معدل التضخم الأساسي في البلاد لا يزال دون المستوى المستهدف الذي حدده البنك. جاء ذلك في تصريحات رسمية أوضح فيها أن هذا الوضع يدفع المؤسسة النقدية للحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية لدعم الاقتصاد الياباني. يشير هذا الموقف إلى استمرار نهج البنك المركزي الحذر في التعامل مع أسعار الفائدة.
أوضح محافظ البنك المركزي الياباني أن المؤسسة تسعى لتحقيق مستوى مناسب لأسعار الفائدة يضمن هبوطاً ناعماً ومستقراً للاقتصاد. هذا النهج يهدف إلى تجنب أي صدمات اقتصادية قد تنجم عن تشديد السياسة النقدية بشكل مفاجئ أو سريع. يعكس هذا التصريح حرص البنك على تحقيق توازن دقيق بين تطبيع السياسة النقدية والحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي.
حذر أويدا في الوقت نفسه من المخاطر المترتبة على الإبقاء على السياسة النقدية التيسيرية لفترة طويلة جداً. أشار إلى أن استمرار التيسير النقدي المفرط قد يعيق تحقيق هدف التضخم البالغ 2% بطريقة مستدامة ومستقرة. هذا التحذير يعكس وعي البنك المركزي بضرورة إيجاد التوقيت المناسب لتعديل السياسة النقدية دون التسبب في اضطرابات اقتصادية.
تأتي هذه التصريحات بعد أن أبقى بنك اليابان المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير، وهو قرار كان متوقعاً على نطاق واسع من قبل المحللين الاقتصاديين والأسواق المالية. لكن اللافت في هذا الاجتماع هو تسجيل عضوين من أعضاء مجلس السياسة النقدية أصواتهم المعارضة مرة أخرى، حيث صوتا لصالح رفع أسعار الفائدة بدلاً من الإبقاء عليها ثابتة.
هذا الانقسام في الآراء داخل مجلس السياسة النقدية يعكس التحديات المعقدة التي يواجهها البنك المركزي الياباني في رسم مسار سياسته النقدية. فبينما يرى بعض الأعضاء ضرورة التحرك نحو تطبيع السياسة النقدية، يفضل آخرون الحفاظ على الدعم النقدي لضمان استدامة التعافي الاقتصادي.
لم تحمل نتائج الاجتماع الأخير للبنك المركزي أي مفاجآت كبيرة للأسواق، لكن تركيز المحافظ أويدا بشكل واضح على مفاوضات الأجور الربيعية يقدم إشارات مهمة حول توجهات السياسة النقدية المستقبلية. تعتبر مفاوضات الأجور الربيعية السنوية في اليابان مؤشراً حاسماً لتوقعات التضخم والنمو الاقتصادي، حيث تحدد زيادات الرواتب التي ستمنح للعاملين في القطاعات المختلفة.
يشير تركيز المحافظ على هذه المفاوضات إلى أن البنك المركزي ينتظر نتائجها قبل اتخاذ أي خطوات جوهرية بشأن أسعار الفائدة. هذا الموقف يعني ضمنياً أن الرفع المقبل لأسعار الفائدة قد يتأخر من موعده المتوقع في يناير 2026 إلى شهر مارس من نفس العام أو حتى أبعد من ذلك، حسب نتائج المفاوضات ومؤشرات التضخم.
يواجه الاقتصاد الياباني تحديات فريدة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى. فبعد عقود من الكفاح ضد الانكماش وانخفاض الأسعار، يسعى البنك المركزي الآن لتحقيق تضخم مستدام عند مستوى 2%، وهو هدف ثبت صعوبة تحقيقه في السياق الياباني التاريخي.
التحدي الرئيسي الذي يواجه بنك اليابان المركزي يكمن في تحديد التوقيت الأمثل لسحب التحفيز النقدي الاستثنائي الذي استمر لسنوات طويلة. فمن جهة، يرغب البنك في تطبيع سياسته النقدية والعودة إلى مستويات فائدة أكثر تقليدية، لكن من جهة أخرى، يخشى أن يؤدي التشديد المبكر أو السريع إلى إجهاض التعافي الاقتصادي الهش وإعادة البلاد إلى دوامة الانكماش.
تشير مؤشرات اقتصادية حديثة إلى أن التضخم في اليابان بدأ يظهر بعض الاستقرار، لكنه لا يزال هشاً ويعتمد بشكل كبير على عوامل خارجية مثل أسعار الطاقة المستوردة. هذا الوضع يجعل البنك المركزي حذراً للغاية في تحركاته، حيث يسعى للتأكد من أن أي زيادة في الأسعار ناتجة عن طلب محلي قوي ونمو أجور حقيقي، وليس فقط عن عوامل خارجية مؤقتة.
كما يراقب البنك المركزي الياباني عن كثب التطورات في الأسواق المالية العالمية وسياسات البنوك المركزية الأخرى الكبرى. فالتباين الكبير في مستويات الفائدة بين اليابان والاقتصادات الأخرى المتقدمة له تأثيرات مهمة على سعر صرف الين الياباني، وبالتالي على القدرة التنافسية للصادرات اليابانية والتضخم المستورد.
يبقى نهج بنك اليابان المركزي متسماً بالحذر والتدرج، مع التزام واضح بمراقبة البيانات الاقتصادية والتطورات في سوق العمل قبل اتخاذ أي قرارات حاسمة بشأن تشديد السياسة النقدية.
لمشاهدة المزيد من الأخبار الاقتصادية
