البنك الوطني السويسري يعود إلى أسعار الفائدة الصفرية.

البنك الوطني السويسري يعود إلى أسعار الفائدة الصفرية: تداعيات وتوقعات.
في خطوة متوقعة، أعلن البنك الوطني السويسري (SNB) عن قرار سياسته النقدية لشهر يونيو، والذي تضمن خفضًا حاسمًا لسعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، ليعود به إلى صفر بالمائة (0%). هذا القرار، الذي كان متوقعًا على نطاق واسع في الأسواق المالية، يأتي بعد أن كان السعر السابق عند 0.25%. يعكس هذا التحرك التزام البنك بمرونته وتكيفه مع التحديات الاقتصادية المتغيرة، بهدف دعم النمو والاستقرار في البلاد.
لماذا العودة إلى الصفر؟ نظرة على الأسباب والتوقعات
لم يكن قرار البنك الوطني السويسري بالعودة إلى أسعار الفائدة الصفرية مفاجئًا للمتابعين. فبعد فترة من التضخم المرتفع نسبيًا، شهدت الضغوط التضخمية تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالربع السابق. هذا التراجع منح البنك مساحة أكبر للتحرك نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا.
وعلى الرغم من عودة أسعار الفائدة إلى الصفر، إلا أن النظرة الاقتصادية لسويسرا لا تزال غير مؤكدة. فالتوقعات العالمية للربع القادمة قد تدهورت بشكل عام بسبب تزايد التوترات التجارية على الساحة الدولية. هذه التوترات، التي تؤثر على سلاسل الإمداد والطلب العالمي، تفرض تحديات كبيرة على الاقتصادات المفتوحة مثل سويسرا.
تعهد البنك الوطني السويسري بـالتدخل في سوق الصرف الأجنبي عند الحاجة، وهو ما يؤكد حرصه على استقرار الفرنك السويسري، الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين. هذه الاستعدادات للتدخل تهدف إلى منع أي ارتفاع مفرط للفرنك يمكن أن يضر بالصادرات السويسرية ويؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
تحديثات التوقعات الاقتصادية للبنك الوطني السويسري
كجزء من بيانه، قدم البنك الوطني السويسري تحديثات لتوقعاته الاقتصادية الرئيسية:
- نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP): لا تزال توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 ثابتة عند حوالي 1.0% إلى 1.5%. ومع ذلك، تم تعديل توقعات عام 2026 بالخفض قليلاً لتصبح حوالي 1.0% إلى 1.5%، بعد أن كانت 1.5%. يشير هذا التعديل إلى نظرة أكثر حذرًا بشأن آفاق النمو على المدى المتوسط.
- مؤشر أسعار المستهلك (CPI): شهدت توقعات التضخم انخفاضًا ملحوظًا. حيث تم خفض توقعات مؤشر أسعار المستهلك لعام 2025 إلى 0.2% (من 0.4% سابقًا)، ولعام 2026 إلى 0.5% (من 0.8% سابقًا)، ولعام 2027 إلى 0.7% (من 0.8% سابقًا). هذه التوقعات المنخفضة تعزز من قناعة البنك بضرورة الإبقاء على سياسة نقدية متساهلة.
ما بعد قرار يونيو: هل نشهد أسعار فائدة سلبية؟
تؤكد هذه التوقعات المنخفضة للتضخم أن النقاش حول أسعار الفائدة السلبية سيزداد حدة قبل نهاية العام. فالسوق يسعّر حاليًا خفضًا آخر لأسعار الفائدة قبل نهاية العام الجاري، ويبدو أن بيان البنك الوطني السويسري لم يقدم ما يثني عن هذا التوقع أو يضيف إليه بقوة.
على الرغم من أهمية القرار، إلا أن تأثيره على أسعار صرف العملات كان محدودًا حتى الآن. فقد بقي سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري (USD/CHF) ثابتًا نسبيًا عند 0.8195، بينما استقر اليورو مقابل الفرنك السويسري (EUR/CHF) عند 0.9400 خلال اليوم. هذا الاستقرار يشير إلى أن السوق قد استوعب القرار مسبقًا، وأن التركيز الآن ينصب على البيانات الاقتصادية المستقبلية وأي إشارات جديدة من البنك.
يظل البنك الوطني السويسري ملتزمًا بـمراقبة الوضع عن كثب وتعديل سياسته النقدية إذا لزم الأمر. هذه المرونة ضرورية في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية. ومن المتوقع أن تستمر السياسة التيسيرية ما دامت الضغوط التضخمية منخفضة ويبقى الاقتصاد العالمي يواجه تحدياته.