ضعف الين يمهّد الطريق لرفع الفائدة وربما زيادات أخرى
يكتسب الوضع المتعلق بعملة الين الياباني الضعف أهمية حاسمة في المشهد الاقتصادي الحالي، حيث يُنظر إليه الآن على أنه العامل الأساسي الذي قد يسمح أخيرًا بتحقيق توافق في الرأي بين بنك اليابان والحكومة من أجل المضي قدمًا في رفع أسعار الفائدة الذي طال انتظاره خلال شهر ديسمبر الجاري، وفقًا لتحليل الخبيرة الاقتصادية أليشيا غارسيا هيريرو.
على الرغم من التحديات التي تشكلها التعريفات الجمركية الأمريكية المتوقعة والمخاطر الجيوسياسية الأوسع، فإن الاقتصاد الياباني أظهر مرونة تتجاوز التوقعات. وكشفت بيانات الثقة التجارية من مسح “تانكان” الذي أجراه بنك اليابان في ديسمبر عن تحسن طفيف في ظروف عمل الشركات المصنعة الكبيرة، بينما حافظت معنويات قطاع الخدمات على مستويات مرتفعة. وحتى القطاعات الأكثر عرضة للتوترات السياسية بين الصين واليابان، مثل الصناعات المرتبطة بالسياحة، لم تشهد سوى تدهور محدود، مما يشير إلى أن الاقتصاد الياباني استوعب حتى الآن هذه الرياح المعاكسة الخارجية.
لكن تحت سطح هذه المرونة، يبرز ضعف الين كمشكلة سياسية ملحة ومتزايدة. وتشير غارسيا هيريرو إلى أنه على الرغم من تسارع نمو الأجور الاسمية، حيث ارتفعت الأجور المنتظمة بنسبة ٢.٦٪ على أساس سنوي في أكتوبر الماضي، وتصلب تضخم الخدمات، إلا أن الأجور الحقيقية لا تزال في تراجع. إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الاستيراد الباهظة يقوضان القوة الشرائية للأسر المعيشية، مما يكبح الاستهلاك الخاص ويعزز بدوره الأثر التضخمي الناجم عن ضعف العملة.
من جهة أخرى، لا تزال توقعات التضخم راسخة فوق الهدف البالغ ٢٪ الذي حدده بنك اليابان عبر الآفاق الزمنية القصيرة والمتوسطة والطويلة، مما يعزز الحجة الداعية إلى مواصلة تطبيع السياسة النقدية. كما ساهمت أسعار الغذاء في دفع التضخم الأساسي إلى مستويات أعلى، ويواصل الين الضعف عند مستوى ١٥٥ يناً تقريباً مقابل الدولار الأمريكي، مما يهدد بتعزيز ضغوط التضخم المستورد.
في هذا السياق، ترى المحللة أن الحسابات السياسية قد تتحول. فحكومة تاكايشي، التي كانت تاريخياً حذرة بشأن تشديد السياسة النقدية، تبدو الآن أكثر استعدادًا لتقبل فكرة رفع أسعار الفائدة مع ازدياد وضوح التكاليف المترتبة على ضعف العملة للأسر العادية. وتتوقع غارسيا هيريرو أن يقوم بنك اليابان برفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار ٢٥ نقطة أساس إلى ٠.٧٥٪ خلال اجتماعه المقرر في ١٩ ديسمبر.
وبالنظر إلى المستقبل، تقترح الخبيرة أنه إذا فشل الين في تحقيق الاستقرار بعد هذه الخطوة، واستمر في التأثير السلبي على الدخول الحقيقية للمواطنين، فقد تقبل الحكومة أيضاً مزيدًا من التشديد في السياسة النقدية. وهذا قد يفتح الباب أمام رفع آخر للفائدة مقداره ٢٥ نقطة أساس في وقت مبكر من العام المقبل، في محاولة لدعم العملة ومواجهة التضخم المستمر.
لمشاهدة المزيد من الأخبار الاقتصادية
