توصيات شهر سبتمبر تحقق رقم قياسي 2910 نقطة!

انضم معنا

التضخم الأسترالي يقفز مجدداً ويقضي على آمال خفض الفائدة

سجل التضخم في أستراليا تسارعاً ملحوظاً خلال شهر أكتوبر، مقدماً قراءة أعلى بكثير من التوقعات الاقتصادية. جاءت هذه البيانات لتقضي بشكل شبه كامل على آمال المستثمرين والمحللين في مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأسترالي. بل إن هذه الأرقام المرتفعة أعادت إحياء النقاشات حول احتمالية قيام البنك برفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل.

كشفت بيانات مؤشر أسعار المستهلك الشهرية الجديدة الصادرة عن مكتب الإحصاءات الأسترالي أن التضخم الرئيسي ارتفع بنسبة ثلاثة فاصلة ثمانية بالمئة على أساس سنوي. يمثل هذا الرقم أسرع وتيرة تضخمية خلال عشرة أشهر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى ارتفاع بنسبة ثلاثة فاصلة ستة بالمئة فقط. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذا يمثل الشهر الرابع على التوالي من إعادة التسارع التضخمي منذ أن سجل التضخم أدنى مستوياته في يونيو الماضي.

أما المتوسط المعدل للتضخم، الذي يستبعد العناصر الأكثر تقلباً للحصول على صورة أوضح عن الاتجاه الأساسي، فقد صعد إلى ثلاثة فاصلة ثلاثة بالمئة. هذا المؤشر أيضاً يواصل اتجاهه التصاعدي، مما يعزز المخاوف بشأن ترسخ الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأسترالي بشكل أعمق مما كان متوقعاً.

تفاعلت الأسواق المالية بشكل حاد وسريع مع هذه البيانات المفاجئة. ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة نصف بالمئة ليصل إلى خمسة وستين سنتاً أمريكياً وسنتين مقابل الدولار الأمريكي. في سوق السندات، قفزت عوائد السندات الحكومية لأجل ثلاث سنوات بمقدار إحدى عشرة نقطة أساس لتصل إلى ثلاثة فاصلة ثمانمئة وخمسة وخمسين بالمئة، وهو أعلى مستوى لها منذ فبراير الماضي.

شهدت توقعات السوق بشأن خفض أسعار الفائدة تحولاً دراماتيكياً. انخفضت احتمالات قيام البنك المركزي الأسترالي بخفض الفائدة في مايو القادم من أربعين بالمئة إلى ثمانية بالمئة فقط. في المقابل، ارتفعت احتمالية رفع الفائدة بحلول نهاية عام ألفين وخمسة وعشرين إلى اثنين وثلاثين بالمئة، وهو تحول كبير في التوقعات خلال فترة قصيرة.

وصف الاقتصاديون التقرير بأنه “قبيح” ومقلق للغاية، محذرين من أن البنك الاحتياطي الأسترالي لا يمكنه التفكير في تخفيف السياسة النقدية في الوقت الراهن. بل على العكس، قد يحتاج البنك إلى التفكير جدياً في تشديد السياسة النقدية إذا ظلت ضغوط التضخم وقطاع الخدمات عنيدة ومستمرة في الارتفاع.

رغم أن السلسلة الشهرية الجديدة الكاملة لمؤشر أسعار المستهلك توفر تفاصيل أكثر وبيانات أكثر تكراراً، إلا أن البنك الاحتياطي الأسترالي لا يزال يفضل الاعتماد على البيانات الفصلية. يعود السبب في ذلك إلى التقلب الكبير الذي تشهده الأرقام الشهرية والذي قد يعطي إشارات مضللة حول الاتجاه الحقيقي للتضخم.

ومع ذلك، فإن الطبيعة الواسعة النطاق لارتفاع التضخم في أكتوبر تؤكد حجم التحدي الذي يواجه صناع السياسة النقدية. شمل الارتفاع تضخماً أقوى في قطاع الخدمات الذي بلغ ثلاثة فاصلة تسعة بالمئة، وهو مؤشر مهم لأنه يعكس الضغوط التضخمية المحلية والطلب الداخلي. كما سجل تضخم الإسكان ارتفاعاً ملحوظاً عند خمسة فاصلة تسعة بالمئة، مما يعكس استمرار أزمة الإسكان وارتفاع تكاليف السكن في المدن الأسترالية الكبرى.

تأتي هذه التطورات بعد أن أجرى البنك الاحتياطي الأسترالي ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة خلال العام الجاري، في محاولة لدعم النمو الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن المقترضين. لكن البيانات الجديدة تشير إلى أن هذه التخفيضات ربما لم تكن مناسبة، أو أن العوامل التضخمية أقوى مما كان متوقعاً.

يؤكد الاقتصاديون أن البنك المركزي يجب أن يضمن عودة التضخم نحو النطاق المستهدف الذي يتراوح بين اثنين وثلاثة بالمئة. هذا الهدف ضروري للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وحماية القوة الشرائية للمواطنين الأستراليين. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن التأثير الكامل لتخفيضات أسعار الفائدة السابقة لم يتدفق بعد عبر الاقتصاد بالكامل، مما يجعل اتخاذ القرارات أكثر تعقيداً.

إن ارتفاع تضخم الإسكان بشكل خاص يمثل تحدياً كبيراً، حيث يشكل السكن جزءاً كبيراً من نفقات الأسر الأسترالية. كما أن قطاع الخدمات، الذي يمثل النسبة الأكبر من الاقتصاد الأسترالي، يظهر ضغوطاً تضخمية مستمرة تعكس قوة الطلب المحلي وضيق سوق العمل.

في ضوء هذه التطورات، يواجه البنك الاحتياطي الأسترالي معضلة صعبة في اجتماعاته المقبلة. فمن جهة، يحتاج إلى دعم النمو الاقتصادي الذي يظهر بعض علامات التباطؤ، ومن جهة أخرى، يجب عليه مكافحة التضخم المتسارع الذي يهدد الاستقرار المالي للأسر والشركات.

يراقب المستثمرون والمحللون عن كثب البيانات الاقتصادية القادمة، خاصة بيانات الربع الرابع الفصلية التي ستكون حاسمة في تشكيل قرارات البنك المركزي خلال الأشهر المقبلة. أي مفاجآت إضافية في اتجاه ارتفاع التضخم قد تدفع البنك لاتخاذ إجراءات تشديدية أسرع مما كان متوقعاً.

لمشاهدة المزيد من الأخبار الاقتصادية

التضخم