التضخم الياباني يرتفع لـ2.9% وبنك اليابان يفضل الانتظار
ارتفع التضخم الاستهلاكي الأساسي في اليابان خلال شهر سبتمبر، مما يضع ضغوطاً متزايدة على بنك اليابان المركزي قبل اجتماعه المقبل المقرر يومي 29 و30 أكتوبر. لكن التحليل التفصيلي للبيانات المنشورة كشف عن تباطؤ في الاتجاه الأساسي للتضخم، مما قد يدفع البنك المركزي للإبقاء على سياسته النقدية الحالية دون تغيير.
أظهرت البيانات الحكومية الرسمية الصادرة يوم الجمعة أن أسعار المستهلكين الأساسية، التي تستثني الأغذية الطازجة لكنها تشمل أسعار الوقود والطاقة، سجلت ارتفاعاً سنوياً بنسبة 2.9%. جاءت هذه النتيجة متطابقة مع توقعات الأسواق المالية، وتمثل تسارعاً واضحاً مقارنة بارتفاع 2.7% المسجل في أغسطس الماضي. يبقي هذا المعدل التضخم أعلى بكثير من الهدف الرسمي لبنك اليابان المركزي البالغ 2%.
رغم هذا التسارع الظاهري، قدم مؤشر “التضخم الأساسي المزدوج” الذي يفضله بنك اليابان صورة مختلفة تماماً للوضع الاقتصادي الحقيقي. يستثني هذا المؤشر كلاً من الأغذية وتكاليف الطاقة المتقلبة، مما يجعله مقياساً أكثر دقة لقياس الطلب الأساسي في الاقتصاد الياباني. أظهر هذا المؤشر الحيوي ارتفاعاً بنسبة 3.0%، وهو ما يمثل تباطؤاً ملحوظاً مقارنة بزيادة 3.3% المسجلة خلال شهر أغسطس.
يعود التسارع في الرقم العنوان الرئيسي للتضخم إلى عاملين أساسيين. أولاً، الارتفاع المتجدد في تكاليف الطاقة التي شهدت انتعاشاً بعد فترة من الاستقرار النسبي. ثانياً، أسعار الأغذية المرتفعة بعناد والتي قفزت بنسبة كبيرة بلغت 7.6%، مما يشكل عبئاً إضافياً على الأسر اليابانية ويؤثر على قوتهم الشرائية.
تمثلت إحدى العلامات الرئيسية على الضعف الاقتصادي التي يراقبها بنك اليابان عن كثب في التأخر المستمر لتضخم قطاع الخدمات. ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 1.4% فقط، وهو معدل ضئيل للغاية. يشير هذا الإيقاع البطيء، الذي يتخلف كثيراً عن القفزة البالغة 4.2% في أسعار السلع، إلى أن الشركات اليابانية لا تزال تنقل ارتفاعات تكاليف العمالة إلى المستهلكين بشكل تدريجي وحذر.
يعتبر نقل تكاليف العمالة المتزايدة إلى أسعار الخدمات شرطاً مسبقاً حاسماً لكي يستأنف بنك اليابان دورة رفع أسعار الفائدة. غياب هذا العامل يشير إلى أن ضغوط التضخم الناتجة عن الطلب الحقيقي لا تزال محدودة، مما يقلل من الحاجة الملحة لتشديد السياسة النقدية في الوقت الراهن.
أشار المحللون الاقتصاديون إلى أن هذا التقرير المختلط يوفر لبنك اليابان المركزي الغطاء اللازم للحفاظ على موقفه الحذر والمتأني. صرح أبهيجيت سوريا، الاقتصادي الأول في شركة كابيتال إيكونوميكس، قائلاً: “في الوضع الحالي، كلا مؤشري التضخم في طريقهما لتحقيق أو تجاوز توقعات بنك اليابان للعام المالي الجاري”. أضاف: “مع ذلك، ظلت رسائل البنك حذرة ومتحفظة، وهو ما لا يشير إلى أن رفع أسعار الفائدة وشيك أو قريب”.
يتوقع سوريا أن ينتظر بنك اليابان حتى شهر يناير المقبل قبل رفع أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 0.5%. يمنح هذا التأخير البنك المركزي فرصة لمراقبة المزيد من البيانات الاقتصادية وتقييم مدى استدامة الضغوط التضخمية الحالية قبل اتخاذ أي خطوات تشديدية قد تؤثر سلباً على التعافي الاقتصادي الهش.
من المرجح أن يعزز هذا التقرير المختلط موقف بنك اليابان الحذر والمتربص القائم على سياسة “الانتظار والترقب”. سيضع هذا النهج ضغوطاً هبوطية على الين الياباني في أسواق الصرف الأجنبي. فبينما يبقي رقم التضخم العنوان البالغ 2.9% توقعات رفع أسعار الفائدة على الطاولة نظرياً، من المتوقع أن يركز المتداولون على التباطؤ في مؤشر التضخم الأساسي المزدوج وضعف تضخم الخدمات.
يقلل هذا التركيز من الضغط المباشر على بنك اليابان لرفع أسعار الفائدة في الأجل القريب. بدوره، يجب أن يدعم هذا الوضع السندات الحكومية اليابانية من خلال الحفاظ على الطلب عليها في ظل بيئة الفائدة المنخفضة المستمرة. كما سيوفر رياحاً داعمة لمؤشر نيكاي للأسهم اليابانية، حيث أن ضعف الين يعود بالنفع على الشركات المصدرة اليابانية التي تستفيد من تنافسية أسعارها في الأسواق الدولية.
يعكس هذا الوضع التحدي المعقد الذي يواجهه بنك اليابان في تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي. يتطلب الأمر نهجاً دقيقاً يأخذ في الاعتبار العوامل المختلفة المؤثرة على الاقتصاد الياباني، من أسعار الطاقة العالمية إلى ديناميكيات سوق العمل المحلي والطلب الاستهلاكي الداخلي.
لمشاهدة المزيد من الأخبار الاقتصادية
