بنك إنجلترا يحذر من استمرار التضخم فترة أطول
أكدت كاثرين مان عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا أن مخاطر بقاء التضخم مرتفعاً لفترة ممتدة أصبحت واقعاً ملموساً. جاءت تصريحاتها لتعكس موقفها المتشدد تجاه السياسة النقدية والحاجة للحذر في التعامل مع الضغوط التضخمية المستمرة.
شددت مان على ضرورة تحقيق التوازن الدقيق بين مكافحة التضخم ودعم النشاط الاقتصادي. تعتبر هذه المعادلة من أكبر التحديات التي تواجه صناع السياسة النقدية في المرحلة الراهنة حيث يتطلب الأمر موازنة حساسة بين هدفين قد يبدوان متعارضين.
أوضحت أن البنك المركزي يجب أن يعطي وزناً أكبر لاحتمالية استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة. يعني ذلك أن السلطة النقدية بحاجة لاتخاذ موقف أكثر حذراً تجاه أي تحركات قد تؤدي لتفاقم الضغوط التضخمية في الاقتصاد البريطاني.
تعكس هذه النظرة قلقاً متزايداً من أن التضخم قد لا ينخفض بالسرعة المتوقعة. تستند هذه المخاوف لمجموعة من المؤشرات الاقتصادية التي تشير لترسخ التضخم في أجزاء مختلفة من الاقتصاد بما يشمل الأجور والخدمات.
أكدت مان أن الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية يمثل الخيار المناسب في الفترة الراهنة. يعني ذلك أن البنك المركزي لا يرى مبرراً لتغيير موقفه النقدي في الوقت الحاضر رغم الضغوط المتزايدة من بعض الأطراف للتخفيف أو التشديد.
يأتي هذا الموقف انعكاساً للحاجة لمواصلة تقييم تأثير الزيادات السابقة في أسعار الفائدة. تحتاج السياسة النقدية وقتاً كافياً لتظهر آثارها الكاملة على الاقتصاد مما يجعل التعجل في اتخاذ قرارات جديدة غير حكيم.
حذرت من وجود انجراف ملحوظ في توقعات التضخم بين المستهلكين والشركات. تعتبر توقعات التضخم من العوامل الحاسمة في تحديد مسار الأسعار الفعلي حيث يمكن أن تتحول لنبوءة ذاتية التحقق إذا ارتفعت بشكل كبير.
عندما يتوقع المستهلكون ارتفاع الأسعار يميلون لزيادة إنفاقهم الحالي تحسباً لزيادات مستقبلية. في الوقت نفسه تطالب النقابات العمالية بزيادات أجور أكبر لتعويض التضخم المتوقع مما يخلق دوامة من ارتفاع التكاليف والأسعار.
أشارت مان لحقيقة أن معدل التضخم ظل فوق المستوى المستهدف لفترة زمنية طويلة جداً. يستهدف بنك إنجلترا معدل تضخم عند اثنين بالمئة لكن الواقع أظهر تجاوزاً مستمراً لهذا الهدف على مدى سنوات.
هذا الارتفاع المستمر فوق المستوى المستهدف يقوض مصداقية البنك المركزي ويزيد صعوبة ترسيخ التضخم عند المعدل المطلوب. كلما طالت فترة بقاء التضخم مرتفعاً زادت احتمالية ترسخه في نفسية المستهلكين والشركات.
لفتت الانتباه لاستمرار المشاكل في جانب العرض من الاقتصاد البريطاني. تشمل هذه التحديات نقص العمالة الماهرة واضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام.
تؤثر مشاكل العرض على القدرة الإنتاجية للاقتصاد وتحد من إمكانية تلبية الطلب دون ضغوط تضخمية. عندما يكون العرض محدوداً فإن أي زيادة في الطلب تنعكس مباشرة في ارتفاع الأسعار بدلاً من زيادة الإنتاج.
نوهت لاستمرار التحولات في المشهد التعريفي الجمركي العالمي. تشهد التجارة الدولية تغيرات كبيرة مع فرض تعريفات جمركية جديدة وإعادة تشكيل الاتفاقيات التجارية مما يضيف عدم يقين للآفاق الاقتصادية.
هذه التغيرات في السياسات التجارية تؤثر على تكاليف الاستيراد والتصدير. بالنسبة للاقتصاد البريطاني الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية فإن أي اضطرابات في النظام التجاري العالمي تنعكس على الأسعار المحلية.
تعتبر مان من أكثر أعضاء لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا تشدداً تجاه التضخم. يعني ذلك أنها تفضل الحفاظ على سياسة نقدية أكثر تقييداً لفترة أطول مقارنة بزملائها الذين قد يميلون لتخفيف السياسة بشكل أسرع.
لا تفكر مان حالياً في رفع أسعار الفائدة لكنها في الوقت نفسه تشعر بعدم الارتياح تجاه خفض الفائدة بشكل أكبر. يعكس هذا الموقف رغبتها في رؤية أدلة أقوى على عودة التضخم للمستوى المستهدف قبل التحرك نحو تخفيف السياسة النقدية.
تطالب بمزيد من الوضوح في البيانات الاقتصادية قبل اتخاذ أي خطوات نحو تيسير السياسة النقدية. تريد التأكد من أن التراجع في معدلات التضخم المسجلة يمثل اتجاهاً مستداماً وليس مجرد انخفاض مؤقت.
كررت مان تصريحات مماثلة في اليوم السابق مما يعني أن موقفها ثابت ومستمر. الاتساق في الرسالة يعزز مصداقية البنك المركزي ويساعد الأسواق على فهم اتجاه السياسة النقدية المستقبلية بشكل أفضل.
يعكس موقف مان المتشدد قلقاً حقيقياً من أن التسرع في خفض أسعار الفائدة قد يؤدي لعودة التضخم للارتفاع. تشير الخبرة التاريخية لأن التحرك السريع في تخفيف السياسة النقدية قبل ترسيخ السيطرة على التضخم قد يتطلب جهوداً أكبر لاحقاً.
تواجه السياسة النقدية البريطانية تحدياً معقداً في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي واستمرار الضغوط التضخمية. يتطلب ذلك توازناً دقيقاً بين دعم النشاط الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار على المدى الطويل.
لمشاهدة المزيد من الأخبار الاقتصادية
