بنك الشعب الصيني يتخذ موقفاً حذراً من خفض أسعار الفائدة

يتوقع محللو بنك سيتي أن يواصل بنك الشعب الصيني اتباع نهج حذر فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة، وذلك رغم البيانات الضعيفة للائتمان في شهر يوليو التي أظهرت انخفاضاً حاداً في القروض الجديدة.
شهدت القروض الجديدة بالعملة الصينية اليوان انخفاضاً بمقدار خمسين مليار يوان خلال شهر يوليو، وهو ما يمثل أضعف قراءة شهرية مسجلة على الإطلاق. هذا الانخفاض الكبير في الإقراض يثير تساؤلات حول صحة الاقتصاد الصيني والحاجة لتدخل نقدي أكثر جرأة.
تراجعت قروض الأسر المعيشية على المدى القصير والطويل بشكل ملحوظ، مما يعكس تردد المستهلكين الصينيين في الاقتراض وسط ظروف اقتصادية غير مستقرة. ومع ذلك، لا يعتبر المحللون مشاكل سداد القروض العقارية مصدر قلق رئيسي في الوقت الحالي، حيث يبدو أن معدلات التخلف عن السداد تبقى ضمن حدود مقبولة.
يشير الخبراء الاقتصاديون في سيتي إلى أن الدعم المالي للاقتصاد لا يزال قوياً، وأن نمو الناتج المحلي الإجمالي يجب أن يستمر بوتيرة مستقرة. يساعد في ذلك الأداء القوي للصادرات الصينية في شهر يوليو، والذي قدم دفعة إيجابية للاقتصاد الوطني رغم التحديات الداخلية.
الأداء التصديري المتميز يعكس قدرة الصين على الحفاظ على تنافسيتها في الأسواق العالمية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والتصنيع المتقدم. هذا النمو في الصادرات يوفر وسادة أمان للاقتصاد الصيني ويقلل من الضغط على السلطات النقدية لاتخاذ إجراءات تحفيزية عاجلة.
ومع ذلك، حذر المحللون من أن حملة بكين لمكافحة المنافسة المفرطة قد تؤثر سلباً على الطلب الضعيف للشركات. هذه السياسة الحكومية، التي تهدف إلى تنظيم السوق ومنع الممارسات الاحتكارية، قد تخلق عبئاً إضافياً على الشركات التي تواجه بالفعل تحديات في البيئة الاقتصادية الحالية.
انخفضت قروض الشركات أيضاً في الشهر الماضي، مما يشير إلى تراجع في الاستثمارات التجارية والتوسعات الرأسمالية. هذا الانخفاض في الإقراض التجاري يعكس حذر الشركات من التوسع في ظل عدم اليقين الاقتصادي والسياسات الحكومية الجديدة.
البنك المركزي الصيني يواجه معضلة صعبة بين الحاجة لتحفيز الاقتصاد من خلال خفض أسعار الفائدة وبين المخاوف من زيادة المخاطر المالية. السلطات النقدية تفضل اتباع نهج تدريجي ومحسوب لتجنب خلق فقاعات مالية أو زيادة مستويات الديون بشكل غير مستدام.
يتوقع الخبراء أن يركز البنك المركزي على أدوات السياسة النقدية الأخرى مثل تخفيف متطلبات الاحتياطي للبنوك أو توفير السيولة المستهدفة لقطاعات محددة. هذه الأساليب تتيح تحفيزاً أكثر دقة دون المخاطرة بآثار جانبية واسعة النطاق على الاستقرار المالي.
الوضع الاقتصادي الحالي في الصين يتطلب توازناً دقيقاً بين دعم النمو والحفاظ على الاستقرار المالي. البنك المركزي يسعى لتحقيق هذا التوازن من خلال مراقبة مؤشرات متعددة واتخاذ قرارات مدروسة تدعم الاقتصاد على المدى الطويل.