نومورا يتوقع بدء البنك المركزي الأمريكي خفض الفائدة.

قامت مجموعة نومورا هولدنجز المصرفية اليابانية بتعديل توقعاتها الاقتصادية بشكل كبير، حيث تتوقع الآن أن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تطبيق سياسة نقدية أكثر تيسيراً من خلال تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهر سبتمبر القادم. هذا التغيير في التوقعات يأتي استناداً إلى تراجع أداء سوق العمل الأمريكية وتراجع المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم.
العوامل الاقتصادية المؤثرة على القرار
تستند توقعات نومورا إلى تحليل شامل للمؤشرات الاقتصادية الأمريكية الحالية، والتي تشير إلى ضعف واضح في سوق العمل الأمريكية. هذا الضعف يتجلى في عدة جوانب، منها تراجع معدلات نمو الوظائف الجديدة، وزيادة طفيفة في معدلات البطالة، وتباطؤ نمو الأجور مقارنة بالفترات السابقة.
من ناحية أخرى، تشهد المخاطر التضخمية تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفضت أسعار السلع الأساسية والطاقة على مستوى العالم، مما قلل من الضغوط التضخمية على الاقتصاد الأمريكي. هذا التطور يمنح البنك المركزي الأمريكي مساحة أكبر للمناورة في سياسته النقدية دون القلق من تفاقم التضخم.
التوقعات المستقبلية لخفض أسعار الفائدة
يتوقع الاقتصاديون في بنك نومورا حدوث خفضين إضافيين في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما، وذلك في شهري ديسمبر والمارس القادمين. هذا يعني أن إجمالي التخفيض المتوقع سيصل إلى 75 نقطة أساس خلال فترة ستة أشهر، مما يمثل تحولاً كبيراً في اتجاه السياسة النقدية الأمريكية من التشديد إلى التيسير.
هذه التوقعات تعكس اعتقاد نومورا بأن الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى دعم إضافي من خلال السياسة النقدية التيسيرية للحفاظ على النمو الاقتصادي وتجنب الدخول في حالة ركود. خفض أسعار الفائدة سيؤدي إلى تحفيز الاستهلاك والاستثمار، مما يدعم النشاط الاقتصادي العام.
مقارنة بالتوقعات السابقة والتحليل السوقي
يمثل هذا التعديل في التوقعات تغيراً جذرياً عن الموقف السابق لنومورا، والذي كان يتوقع أن يتم التحرك الأول لخفض الفائدة في وقت لاحق من العام. هذا التقديم في التوقيت يشير إلى تسارع التطورات الاقتصادية وضرورة اتخاذ إجراءات أسرع من قبل البنك المركزي.
في حين أن العديد من المحللين الاقتصاديين كانوا قد توقعوا حدوث خفض في أسعار الفائدة خلال الأشهر الثلاثة القادمة، إلا أن تعديل نومورا لتوقعاته يؤكد على تزايد الثقة في السوق بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيتحرك في وقت أقرب من المتوقع سابقاً.
تأثير التوقعات على الأسواق المالية
هذا التغيير في التوقعات له تأثيرات واسعة على الأسواق المالية العالمية، حيث يؤثر على حركة رؤوس الأموال والاستثمارات الدولية. خفض أسعار الفائدة الأمريكية عادة ما يؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة بحثاً عن عائدات أعلى، كما يؤثر على قوة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.
بالنسبة لأسواق الأسهم، فإن خفض أسعار الفائدة يعتبر عاملاً إيجابياً عادة، حيث يقلل من تكلفة الاقتراض للشركات ويحفز الاستثمار والنمو. كما أنه يجعل الأسهم أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات ذات العائد الثابت مثل السندات.
التحديات والمخاطر المحتملة
رغم أن خفض أسعار الفائدة قد يكون ضرورياً لدعم الاقتصاد، إلا أنه يحمل في طياته بعض المخاطر. من أبرز هذه المخاطر إمكانية إثارة مخاوف تضخمية جديدة في المستقبل، خاصة إذا تم تطبيق السياسة التيسيرية لفترة طويلة دون مراقبة دقيقة للمؤشرات الاقتصادية.
كما أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تشكيل فقاعات في بعض الأصول، مثل العقارات أو الأسهم، نتيجة للسيولة الزائدة في النظام المصرفي. لذلك، سيكون من المهم أن يوازن البنك المركزي بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار المالي.
آثار السياسة النقدية على العملات العالمية
تؤثر قرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل كبير على أزواج العملات في الأسواق العالمية. من المتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى ضعف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى، مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني.
هذا التطور قد يكون مفيداً للاقتصاد الأمريكي من ناحية تعزيز القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية، حيث أن انخفاض قيمة الدولار يجعل السلع الأمريكية أرخص بالنسبة للمشترين الأجانب. في المقابل، قد يؤدي هذا إلى زيادة تكلفة الواردات، مما قد يساهم في رفع التضخم بشكل طفيف.
خلاصة التوقعات والتوجهات المستقبلية
تشير توقعات نومورا إلى بداية مرحلة جديدة من السياسة النقدية الأمريكية، تتميز بالتحول من التشديد إلى التيسير النقدي. هذا التحول يعكس تغير الظروف الاقتصادية والحاجة إلى دعم النمو في مواجهة التحديات المختلفة.
النجاح في تطبيق هذه السياسة سيعتمد على قدرة البنك المركزي على تحقيق التوازن المناسب بين تحفيز النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار. كما سيتطلب مراقبة دقيقة للمؤشرات الاقتصادية والاستجابة السريعة لأي تطورات غير متوقعة قد تؤثر على فعالية السياسة المتبعة.