كيف تؤثر الحروب المحلية على الأسواق العالمية؟
كيف تؤثر الحروب المحلية على الأسواق العالمية؟
قد تبدو الحروب التي تشهدها بعض الدول وكأنها صراعات منعزلة يقتصر ضررها على الأرض التي تشهد المعارك، إلا أنه وفي حقيقة الأمر هناك تداعيات عالمية لتلك الصراعات تمتد لتطال سلاسل الإمداد العالمية ومن ثم تؤثر بشكل فعال في الأسواق الخارجية.
ويقول جيفري كوتشيك أستاذ مشارك في جامعة أريزونا وزميل عالمي في مركز ويلسون، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن الناتج المحلي الإجمالي السنوي لأوكرانيا انخفض بنسبة 30 في المائة في السنة الأولى من الحرب مع روسيا. وتم تعديل توقعات النمو الإسرائيلية بالخفض بنسبة 23 في المائة في الشهر الأول من قتال حماس، كما تحمل العديد من الاقتصادات الأخرى “سوريا وميانمار وإثيوبيا” ندوبا دائمة من الصراع طويل الأمد.
لكن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب لا تقتصر على مناطق الصراع.
ويجب أن يشمل السرد الكامل لتكاليف الحرب صدمات السوق التي تشعر بها الأسواق العالمية، بما في ذلك الكيفية التي يقوض بها الصراع الأداء الاقتصادي ويعرض الدول النامية للخطر.
ويقدم الاقتصاديون قائمة طويلة من الأسباب التي تجعل صدمات السوق، التي تعرف بأنها تقلبات حادة لا يمكن التنبؤ بها في تدفقات التجارة والاستثمار، سامة على جميع مستويات السوق.
ويمكن للصدمات، من بين أمور أخرى، أن تضخم عجز الموازنة وتزعزع استقرار قيم العملات. ويمكنها أن تحول التدفقات التجارية وتثبط الاستثمار. ويمكن أن تؤثر حتى على الدخل الفردي من خلال خفض الأجور وفقدان الوظيفة. ويمكن أن تكون الآثار الضارة شديدة إلى درجة أن التعرض المستمر لعدم الاستقرار يقلل من النمو ويعوق التنمية.
ويقول كوتشيك إن الحرب تزيد من تفاقم هذه المشاكل. ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة أن صدمات السوق تأتي بـ “تدبير من الله” مثل الكوارث الطبيعية أو الأوبئة. لكن الأحداث السياسية، بما في ذلك النزاعات المسلحة، هي أسباب أكثر شيوعا لعدم الاستقرار اليومي في الأسواق العالمية.
وهناك بعض الأسباب المباشرة لذلك. وليس أقلها أن الصراع يمكن أن يقطع العلاقات التجارية والاستثمارية عن طريق إلحاق الضرر بالبنية التحتية للتصنيع داخل الدول التي تشهد حربا وإبطاء إنتاج السلع غير الأساسية.
على سبيل المثال، خسر بلد مثل سوريا، الذي يركز اقتصاده بشكل كبير على الزراعة، نحو ثلث ناتجه المحلي الإجمالي عندما توقفت الزراعة. وقد نشأت بالفعل قضايا أمن غذائي مماثلة في أوكرانيا.