افتتاحيات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • افتتاحيات

    تنحي ثاباتيرو



    مع معاودة السُحب المعتمة الظهور فوق منطقة اليورو في صورة إنقاذ مالي مرجح للبرتغال، تبقى إحدى النقاط المضيئة متمثلة في تحسن وضع الاقتصاد والمالية العامة في إسبانيا. فبفضل عملية تقليص شجاعة للعجز وإصلاحات هيكلية، ما عاد ينظر إلى إسبانيا في الأسواق المالية على أنها قطعة دومينو محكوم عليها باقتفاء أثر اليونان، وإيرلندا، والبرتغال والسقوط في حضن صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. الجانب الأكبر من الفضل في ذلك يعود إلى خوزيه لويس رودريجيز ثاباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا الاشتراكي، الذي صرح في نهاية الأسبوع بأنه لن يترشح لفترة ثالثة في الانتخابات العامة في آذار (مارس) المقبل.


    وبعيداً عن إضفاء حالة من عدم اليقين على المشهد السياسي الإسباني، ومع خطر أن يتم اجتذاب البلاد بعمق أكثر في أزمة الديون في منطقة اليورو، فإن تصريح ثاباتيرو يبدو وكأنه خطوة حكيمة. ففي ظل عدم وجود ما يخسره سوى سمعته التاريخية، لدى ثاباتيرو كل الدوافع للاستمرار في الإصلاحات التي بدأها – من المعترف به أنها جاءت في اللحظة الحاسمة – عقب الفوضى اليونانية التامة التي حدثت في العام الماضي.


    وحتى مع ذلك، فإن رفاقه الاشتراكيين والحزب الشعبي المحافظ المعارض يحتاجان إلى إظهار المسؤولية إزاء مستقبل إسبانيا خلال الأشهر المقبلة. على الاشتراكيين مقاومة إغراء البحث عن مزايا انتخابية بإبعاد أنفسهم عن التقشف المالي لثاباتيرو وإصلاحات سوق العمل التي طبقها. ومن جانبه، على الحزب المعارض ألا يحاول عزله من المنصب قبل الأوان بالإطاحة بحكومة الأقلية التي يقودها، من خلال باقتراع برلماني. فمثل تلك التحركات يمكن تُحيي قلق الأسواق وتعرض نجاحات إسبانيا المحرزة بشق الأنفس للخطر.


    إن إسبانيا ليست خارج الأحراش بالكامل. فالبطالة تبلغ 20.5 في المائة من مجموع قوة العمل، وهي الأعلى في الاتحاد الأوروبي، ومعدل التوظيف بين الشباب ممن هم دون 25 عاماً في مستوى يبعث على الصدمة، يبلغ 43.5 في المائة. ومساعي الحكومة المركزية لخفض النفقات العامة يقوضها عدم انضباط الأقاليم الإسبانية ذات الحكم الذاتي، مثل كاتالونيا وبلنسية. وبنوك القطاع العام الإسبانية تحتاج إلى إعادة رسملة مكثفة وإعادة هيكلة، لكن هذه ليست عملية يسيرة: في الأسبوع الماضي انهار اندماج مهم بين أربعة بنوك للادخار. وأخيراً، بنوك إسبانيا في حالة انكشاف بالغ على الدين البرتغالي ـ 108.6 مليار دولار في أيلول (سبتمبر) الماضي.


    لقد عانت البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية الفرانكوية في السبعينيات، ويبدو أن الإسبان غير ميالين إلى إعادة انتخاب الحزب الاشتراكي. لكن مع مضي الوقت ربما يعودون إلى تثمين الخدمات التي قدمها ثاباتيرو إلى بلاده في ساعة الحوجة.








    بافيت موضع ثقتنا




    مثلما لاحظ وارن بافيت ذات مرة، يتطلب الأمر ''20 عاماً لبناء السمعة وخمس دقائق لهدمها''. إن لم تهدم الأوضاع في شركة بركشاير هاثاواي، التي يديرها بافيت، سمعتها السابقة كنجمة استثمار عملاقة، فلا شك في أنها لطختها.


    أياً كان الوضع القانوني لعمليات شراء الأسهم من جانب ديفيد سوكول ـــ رفيق بافيت الذي تخلى عنه الآن ـــ في شركة لوبريزول، يبدو أن من المستحيل تبريرها من الناحية الأخلاقية. شركة بركشاير هاثاواي شركة استحواذية عملاقة، وكانت جزءاً من عمل سوكول لاستكشاف فرص الاستحواذ. وبشكل خاص، اشترى سكوكول أسهماً في شركة الكيماويات الأمريكية ''لوبريزول''، بعد إلحاح من جانب مصرفيين اعتبروها هدفاً استحواذياً. وعقب ذلك حث سكوكول زملاءه على تقديم عرض بسعر أعلى خلال أسابيع. ويبدو هذا مماثلا للشراء بناء على معلومات داخلية.


    في معظم الشركات الاستحواذية، الأهداف المحتملة التي من هذا النوع يتم إدخالها فورا ضمن ''قائمة رمادية''، تحظر على التنفيذيين شراء أو بيع الأسهم في الوقت الذي تكون فيه الصفقة خاضعة للتقييم. ولم يكن سوكول، وهو من بين الأوفر حظا لخلافة بافيت، خاضعا لمثل هذا القيد. والواقع أنه عندما أطلع رئيسه التنفيذي بأنه امتلك أسهماً في شركة لوبريزول قبيل تقديم العرض، لم يكن يبدو عليه أنه قد سُئل عما يملكه منها، أو متى اشتراها.


    أن يتاح لسوكول تكوين محفظته الاستثمارية أمر أكثر من مجرد حالة تجاهل غير مقصود. المسألة كلها تسلط الضوء على أسلوب ''بركشاير'' غير الرسمي في العمل. وهذا محتمل جراء مستوى الثقة العالي الذي يضعه المستثمرون في الشركة. وبوسع بافيت وفريقه تمشيط العالم بحثاً عن الفرص غير المقيدة بتفويضات الاستثمار وغيرها من القيود.


    وبالطبع، الرخصة موجودة بفضل سجل بافيت الممتاز في مجال الاستثمار. فقد فاق مؤشرات البورصات بهامش عريض منذ منتصف الستينيات. لكن سيكون من الصعب على ''بركشاير'' الاستمرار في التجلي بالنظر إلى حجمها الكبير الآن، وهو ما أقر به حتى بافيت. وينبغي أن يتيح هذا فرصة للمستثمرين للتوقف والتقاط الأنفاس. فالخطر من أن يسيء التنفيذيون استغلال العمليات غير الرسمية يكون أكبر في الأوقات التي يكون فيها الأداء التشغيلي واقعا تحت حالة من الضغط.


    إن شركة بركشاير هاثاواي مدينة للمستثمرين بأن تتعلم من استقالة سوكول. فعلى عكس معظم شركات الاستثمار، تتداول بركشاير بعلاوة كبيرة قياساً بقيمة موجوداتها المقررة ـــ وهو تعبير مالي عن الثقة. وهذا ينبغي إيقافه. وعلى بافيت إجراء مراجعة لعملية الإدارة الرشيدة للشركة، للتأكد من عدم محاكاة أي من تنفيذيي ''بركشاير'' لسوكول. وبعدها يمكنه صرف انتباهه نحو خطة سليمة لخلافته.
يعمل...
X