التاريخ لا يقدم جوابا سهلا للمنتظر في ليبيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التاريخ لا يقدم جوابا سهلا للمنتظر في ليبيا

    يشهد هذا العام الذكرى السنوية الـ 25 لنشر كتاب ''التفكير في الوقت الصحيح: استخدامات التاريخ بالنسبة إلى صانعي القرارات'' Thinking in Time: The Uses of History for Decision-Makers الذي يبحث في أفضل استخدام لدروس الماضي. وهو يقدم نتيجة طبيعية للقول المأثور بأن أولئك الذين لا يستطيعون أن يتذكروا التاريخ مدانون بتكراره. وينطبق ذلك بصفة خاصة على ليبيا، حيث تم توظيف التاريخ لتقديم حجج مؤيدة ومعارضة للتدخل العسكري.الذين يأخذون بالمبرر الأخلاقي لهذا الإجراء، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما، غالباً ما يشيرون إلى الحاجة إلى تجنب الإخفاق في التدخل في رواندا عام 1994. ومن يقدمون حججاً لإقامة مناطق حظر للطيران يتذكرون شمالي العراق، أو يوغسلافيا السابقة. غير أن أيا من هذه الحالات لا يمثل شبيهاً مطابقاً. فعلى العكس من رواندا نجد أن المجتمع الليبي ليس مركباً وفقاً لخط إثني فاصل واحد، أو مهيمن. كما أن تهديد معمر القذافي بأنه لن يظهر رحمة في مواجهة خصومه، يمكن أن يكون مجرد تهديد ضمن سياق انتفاضة مدنية لترهيب أولئك الذين عارضوه مستخدمين السلاح. وليس بالضرورة أنه كان تهديداً لكل رجل، وامرأة، وطفل في بنغازي.

    يمكن القول إن التجارب الحديثة في العراق وأفغانستان أكثر صلة بهذا الأمر. وهناك فشلت البرامج الكبرى الهادفة إلى إعادة تشكيل المجتمعات حين واجهت الوقائع المحلية. وثبت أن من الصعب والمكلف تحويل الانتصارات العسكرية المبكرة إلى نتائج دائمة – تماماً كما نتعلم الآن أن مناطق حظر الطيران لا يمكنها السيطرة على ما يحدث على الأرض.وبالفعل نجد في ليبيا أن ما بدأ منطقة حظر طيران محددة يصبح شيئاً أكثر طموحاً. وما زلنا بالفعل كما كنا. ولم يعد السؤال القائم الآن هو ما إذا كنا على حق في الانخراط حسب الشروط التي تحركنا ضمنها، وإنما ''ما الذي علينا أن نفعله الآن؟''.إن وقفاً فورياً لإطلاق النار وإنهاءً لكل الهجمات ضد المدنيين – كما طالب به قرار مجلس الأمن رقم 1973 – لا يعتبر من السيناريوهات المحتملة. لكن ماذا يمكن أن يحدث إذا انصاع العقيد القذافي بالفعل؟ إن الولايات المتحدة تدعو إلى رحيله، وذلك ما لم يرد في قرار مجلس الأمن. فهل تقبل إدارة أوباما استمرار نظامه؟ وماذا لو احترمت قواته وقف إطلاق النار، بينما لم يفعل المتمردون ذلك؟كل هذه الأمور غير محتملة، لا لسبب سوى أن من النادر أن تتوقف الحروب الأهلية ببساطة. وهناك ثلاثة سيناريوهات أقوى احتمالاً. أولها استمرار القتال دون أن يسدد أي من الطرفين ضربة قاضية لخصمه. وهنا تكون منطقة الحظر الجوي قد وفرت ساحة قتال متساوية الشروط، كما ظهر من استعادة المتمردين للبلدتين النفطيتين، البريقة وراس لانوف، يوم السبت – لكن ذلك يتم في ظل إطالة للحرب الأهلية. وستكون النتيجة مزيداً من المعاناة وفقدان الأرواح. وسيكون من المثير للسخرية، بل حتى من المأساوي إذا كان ذلك سيؤدي إلى إجراء يتم تبريره بأمور إنسانية. وهذا أمر ممكن.من الممكن كذلك أن تعمل الدبلوماسية على إنهاء القتال، لكن ذلك أيضاً هدف بعيد المنال. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن يدرس المجتمع الدولي زيادة دعمه لخصوم النظام. ويمكن أن يحدث ذلك مباشرة من خلال إدخال قوات أجنبية، أو بصورة غير مباشرة عن طريق تزويد الثوار بالأسلحة.السيناريو الثاني هو احتمال سقوط حكومة القذافي. ويمكن أن يحدث ذلك بعد تقديم الدعم للمتمردين، أو انفجار النظام من الداخل. غير أن التاريخ يفيد هنا أن الأرجح هو أن تتفتت المقاومة بمجرد إنجازها للهدف الوحيد الذي جمعها: عداوتها للنظام.وإذا سقط النظام سيتعين في الأغلب إرسال قوة حفظ سلام خارجية، أو شيء أعلى قدرة إلى ليبيا لتوفير الأمن. ومن المحرج أن مثل هذه الوجود محظور تماماً في الوقت الراهن وفقاً لقرار مجلس الأمن الذي يقر إقامة منطقة الحظر الجوي. وليس من الواضح ما هي الجهة التي ستقدم مثل هذه القوات، أو تتحمل التكاليف. ومصدر القلق الأكبر هو ما إذا كان باستطاعة المعارضة أن تتحول إلى كيان وطني قادر على الحكم بما يحقق مصالح الشعب الليبي. ولكن، ببساطة، لا نعرف الكثير عن هؤلاء الذين نقف إلى جانبهم، الأمر الذي يجعل من المحتمل تصور انشقاق بعض الثوار وإقامة حكم إسلامي غير متسامح على جزء من الأراضي الليبية، أو في عموم ليبيا.أما السيناريو الثالث، فهو أن يتمكن النظام الليبي من إيجاد وسيلة للسيطرة. وسيكون على العالم، في الأجل القصير، أن يفاوض. وفي الأجل الطويل سوف يواجه الغرب خياراً أشد صعوبة: محاولة التخلص من النظام من خلال إجراء سري، وعقوبات، أو تعديل سلوكه من خلال إجراءات اقتصادية، وغير ذلك. وكان ذلك الأسلوب هو الذي أقنع العقيد القذافي بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل.وهناك كثير من الجهات والمتغيرات في ليبيا فيما يتعلق بتوقع النتيجة التي سيسفر عنها هذا التدخل العسكري. وليس بمقدور أحد أن يعرف ما الذي سيحدث تالياً، كما أن المعرفة أقل بكثير بخصوص ما يمكن توقعه لاحقاً. غير أن التاريخ يفيد بأنه سيكون من الصعب تحقيق النجاح. وإذا تحقق، فإنه سيستغرق مزيداً من الوقت، ويتطلب تكاليف أعلى، ويكون له مزيد من العواقب غير المتوقعة بأكثر مما تصوره كثيرون.* الكاتب رئيس مجلس العلاقات الخارجية (مؤسسة فكرية أمريكية)، ومؤلف كتاب ''حرب الضرورة، وحرب الاختيار، مذكرة عن حربين عراقيتين'' War of Necessity, War of Choice: A Memoir of Tow Iraq Wars.
يعمل...
X