الرابحون والخاسرون في سباق التعافي الاقتصادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرابحون والخاسرون في سباق التعافي الاقتصادي

    الوقت مبكر جداً لإصدار تقييم للسلوك النسبي لمختلف أجزاء العالم الصناعي في الركود الأخير الذي يكاد يكون غير مسبوق، لكنه ليس مبكراً لإجراء اختبار تمهيدي.

    إذا نظرنا إلى انخفاض الناتج من أعلى ربع قبل الركود في عام 2007 أو 2008 إلى أدنى مستوى إبان الركود وإلى التعافي منذ ذلك الوقت، تظهر الولايات المتحدة باعتبارها الرابح السهل. فقد كان الانخفاض في الناتج فيها أقل بقليل من الانخفاض الذي شهدته منطقة اليورو، أو المملكة المتحدة، أو اليابان، وكان التعافي أكثر إثارة للإعجاب. وهي البلد الوحيد من المجموعات الرئيسية الأربع التي تعافى فيها الناتج إلى ما يتجاوز الذروة التي سبقت الركود. ولعلكم تعتقدون أن رد الفعل الأمريكي الداخلي إزاء ذلك يتسم بالابتهاج، لكنه ليس كذلك.


    قلما يمر يوم من دون صدور تحذيرات تنذر بالسوء صادرة عن السياسيين الجمهوريين، وعن كثير من المحللين الماليين، وحتى عن بعض الاقتصاديين. صحيح، كما يشير كلايف كروك، كان سيكون لدى السلطات الأمريكية مجال أوسع للمناورة لو كان هناك اتفاق في الكونجرس حول مشكلة الميزانية في المدى الطويل، لكن ما قامت به تلك السلطات ليس سيئاً كما يبدو. فقد أزالت العوائق النقدية والمالية للمحافظة على سير الاقتصاد، ولم يكن هناك انفجار تضخمي.


    ونادراً ما ارتفعت الزيادة السنوية في الأسعار الاستهلاكية كثيراً فوق 3 في المائة، ويأتي الخطر التضخمي الرئيسي من أسعار الطاقة والسلع الخارجية التي تنشأ خارج بلدان العالم المتقدم. واتسم الدولار، كغيره من العملات الرئيسية الأخرى ( باستثناء الجنيه الاسترليني)، بالتذبذب منذ عام 2007، من دون أن يتخذ اتجاهاً صريحاً.








    وفي جميع الحالات، لا يوجد مكان واضح يذهب إليه أصحاب الأموال الذين لا يثقون بـ ''التسهيل الكمي''. فلم يعد الين مغرياً كما كان في وقت من الأوقات، كما أن فكرة اليورو الذي تحاصره المشاكل كملاذ آمن هي بصراحة نكتة.


    وحتى لو أراد المستثمرون أن يحصلوا على الذهب فعليهم أن يحصلوا على العملات التي يشترون بها الذهب من حملته الحاليين. إن المشكلة الحقيقية التي تعانيها الولايات المتحدة هي مشكلة التعافي من البطالة. وهذا هو الجانب الآخر من الارتفاع السريع في الإنتاجية - وهي ناحية أخرى تتقدم فيها الولايات المتحدة على العالم الغربي - والحل لهذه المشكلة ما زال يتمثل في النمو الأسرع وليس في البرامج الخاصة فقط.


    إن أسوأ البلدان على صعيد أداء الناتج المحلي الإجمالي هو اليابان، ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى عمق ركودها. لكن البلد الذي يليها سوءاً هو المملكة المتحدة ببساطة. فالتعافي الضعيف ترك ناتج المملكة المتحدة حتى الآن أقل من أعلى مستوى وصل إليه قبل الركود بنسبة 4 في المائة.


    ولو كان الارتفاع إلى ذلك المستوى العالي يدين كثيراً لفقاعة مالية وأن معدل النمو الأساسي هو الآن 1.5 في المائة سنوياً، كما يؤكد النائب السابق لمحافظ بنك إنجلترا، فإن هذا يجعل الصورة أسوأ، لأن مجال اللحاق بالركب يكون عندها أقل. وبغض النظر عن قيمتها، تظهر البيانات وجود تباطؤ ملحوظ في خطى تعافي المملكة المتحدة بين آخر ثلاثة أرباع في عهد حكم العمال والأرباع الثلاثة منذ الانتخابات. لكن دعونا لا ندخل فيما كان يدعى بالترابط العرضي بين الأحداث. فالناحية الأكثر خطورة هي أن الحكومة وبنك إنجلترا لديهما مصلحة خفية في التقليل من قدرة الاقتصاد البريطاني على التعافي، لأنه كلما ألقيت مسؤولة انخفاض النمو على عوامل هيكلية، قلت إمكانية إلقاء مسؤولية هذا الانخفاض على برنامجهما التقشفي الذي يبدو أن التعرض له بالنقد يعتبر ضرباً من التجديف.


    ويعتبر هوس السلطات المالية، كالبنك المركزي الأوروبي، بالتضخم مثالاً آخر على قتال الجنرالات في العام الماضي. إن الجهة الوحيدة في مناطق العملات الرئيسية التي توجد لديها مشكلة تضخم هي المملكة المتحدة، وهذه مشكلة جنتها على نفسها إلى حد بعيد، وهي تعكس الزيادة في ضريبة القيمة المضافة والتقليل من آثار الانخفاض الكبير، لكنه صامت في قيمة الجنيه الاسترليني في الفترة 2008-2009. ربما كان الانخفاض في قيمة الجنيه مرغوباً فيه، لكن كانت له تكاليفه. وعلى عكس ما قال هارولد ويلسون ذات مرة، لقد تم خفض قيمة الجنيه الموجود في جيبك.


    بالنسبة إلى منطقة اليورو، يظهر أنها حول المتوسط في كل شيء، باستثناء الأداء المالي، حيث ينبغي لسجلها أن يسعد الديناصورات الذين يؤمنون بالميزانيات المتوازنة. ولا أستطيع أن أنهي مقالي من دون الإشارة إلى دراسة ممتازة حول منطقة اليورو والحالة اليونانية أجراها جيسون مانولوبولوس بعنوان ''دين اليونان البغيض''. وهو يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن منطقة اليورو بعيدة عن أن تكون منطقة عملة مثلى.


    لقد خدع حكام منطقة اليورو أنفسهم بشكل خاص فيما يتعلق بطبيعة اليونان التي لم تتخلص من إرثها العثماني، والتي تعتبر الحكومة فيها مصدراً للعطايا وليس مزوداً للخدمات التي يمولها دافعو الضرائب.


    إن إقدام اليونان والبرتغال على عملية شطب حادة للديون نتيجة محتومة. وفي رأيي أن البلدان سيكونان أفضل حالاً من دون اليورو. لقد نفذت إيرلندا عملية خفض داخلية لقيمة عملتها، حيث انخفضت تكاليف وحدة العمل بنسبة 15 في المائة منذ عام 2008، وهو ما تحقق بتكلفة باهظة تمثلت في ارتفاع معدل البطالة بنسبة 15 في المائة. وتستطيع هذه الجمهورية أن تظل مع اليورو إذا رغبت في ذلك، رغم رأيي الشخصي المتمثل في أنها ستكون أفضل حالاً إذا عادت إلى الجنيه الاسترليني. وبطبيعة الحال، الخروج من منطقة عملة له تعقيداته المالية، لكنه حدث في السابق. وذلك يؤكد فقط الحاجة إلى الخطة بـ (غير المنشورة) بدلاً من خروج فوضوي.
يعمل...
X