الجراحة التجميلية لن تنقذ منطقة اليورو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجراحة التجميلية لن تنقذ منطقة اليورو

    <hr style="color:#F7F7F7; background-color:#F7F7F7" size="1"> بإمكان الزعماء الأوروبيين على الأقل أن يتفقوا على كريستين لاجارد، وزيرة مالية فرنسا، لتكون المدير العام المقبل لصندوق النقد الدولي. لكن خلف عرض الوحدة هذا، هناك حرب دائرة حول كيفية حل أزمة الدين اليوناني مع دخولنا في أخطر مرحلة من الأزمة حتى الآن.

    لقد عرفنا منذ بعض الوقت أن البنك المركزي الأوروبي يعارض أي شكل من أشكال إعادة هيكلة الديون. وهذا يشمل أيضا تمديداً ''طوعياً'' لأجل استحقاق الدين المترتب على اليونان، وقد اخترع وزراء المالية الأوروبيون عبارة جديدة لهذه العملية هي ''إعادة الجدولة الميسرة''.


    والأمر الذي لم نعرفه من قبل هو مدى قوة شعور البنك المركزي الأوروبي حيال هذا الأمر. لقد خرج جان ـــ كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، غاضباً من أحد الاجتماعات مع وزراء المالية في السادس من أيار (مايو). وكان ذلك هو الاجتماع الفائق السرية الشهير، الذي أنكر المسؤولون عقده أصلا. ومنذ ذلك الوقت صعّد البنك المركزي الأوروبي من لهجته، وهو يهدد الآن بمنع البنوك اليونانية من الوصول إلى عمليات إعادة التمويل الخاصة بالبنك بعد أية عملية إعادة هيكلة للدين.


    فكر في هذا لثانية. إن حرمان اليونان من سيولة البنك المركزي الأوروبي من شأنه أن يشكل تصعيداً دراماتيكياً لأزمة الدين التي تواجهها منطقة اليورو. ذلك أنه سيجبر اليونان على الخروج من منطقة اليورو في غضون أيام. ويمكنك القول إن البنك المركزي الأوروبي يهدد بخلق هذا القدر من التعطيل في النظام المالي لدرجة تؤدي فعلياً إلى انهيار الاتحاد النقدي.


    ما العمل الآن؟ يتمثل أحد الخيارات في دعوة البنك المركزي الأوروبي لتنفيذ تهديده ـــ إذا كنت تعتقد أنه تهديد ـــ وأن يتم إصدار أمر بإعادة جدولة الدين اليوناني. بعدئذ قم بخطوة إلى الوراء وانظر ماذا سيحدث. هل سيقوم البنك المركزي الأوروبي حقاً بتدمير منطقة اليورو؟ ومرة أخرى، هل نرغب حقاً في خلق وضع يواجه فيه البنك المركزي الأوروبي خياراً استراتيجياً بين حدوث كارثة لا يمكن التعافي منها على صعيد سمعته، وحدوث كارثة فعلية لا يمكن التعافي منها؟


    في ظني أن الغلبة ستكون لموقف البنك المركزي الأوروبي، لأن الوزراء أنفسهم منقسمون فيما بينهم. فالوزيرة لاجارد تتفق مع البنك ـــ أو على الأقل هذا ما فعلته يوم الثلاثاء الماضي. واستبعدت أنجيلا ميركل إعادة هيكلة غير طوعية قبل عام 2013. والمستشارة الألمانية مدافعة حذرة عن البرامج الطوعية لمشاركة المستثمرين، لكنها لم توضح حتى الآن ما الذي تعنيه بذلك. وفي اعتقادي أن الحذر سيسود في النهاية. ولن تكون هناك أية إعادة للهيكلة في المستقبل القريب.


    لكنني أستطيع أن أرى بعض الاختلاف عن مبادرة فيينا. كانت هذه المبادرة برنامجاً تم وضعه عام 2009 بناء على طلب من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لإقناع البنوك الغربية بعدم الانسحاب من أسواق أوروبا الشرقية والوسطى. كما تعهدت أيضاً بإعادة رسملة البنوك التابعة لها في المنطقة.


    لقد حلت مبادرة فيينا مشكلة تتعلق بالعمل الجماعي ونجحت في ذلك، لكن الوضع في اليونان مختلف. فالمسألة هنا ليست إبقاء القاعدة الرأسمالية لبنوك الاتحاد الأوروبي عاملة في اليونان. غير أن المرء يمكن أن يقنع الشركات المالية بالاحتفاظ بدرجة من التعرض لليونان كإشارة على الدعم.


    لن تحل هذه بطبيعة الحال أزمة الدين اليوناني. سيتطلب الأمر تخفيضاً كبيراً في قيمة الأوراق المالية، أو القيام بعملية إعادة جدولة كبيرة، لخفض القيمة الحالية الصافية للدين اليوناني بأي شكل له معنى. لكن مبادرة على غرار مبادرة فيينا قد تكون مع ذلك لفتة سياسية مفيدة لمساعدة البرلمانات الوطنية المتنازعة، كالبوندستاج (البرلمان الألماني) على إجازة حزمة القروض التالية لليونان.


    إن أفضل الإجراءات التي يمكن لحكومات منطقة اليورو أن تتخذها في هذه المرحلة هي وقف جميع الأحاديث حول هذا الموضوع في وقت واحد، وأن تكون أكثر حذراً عند مناقشة عملية إعادة الهيكلة، أو إعادة الجدولة، وعدم اختراع كلمات جديدة، وإعادة النظر في ناحية مهمة من نواحي تصميم تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي. وينبغي أن تسمح لهذه التسهيلات بالقيام بأعمال شراء السندات في السوق الثانوية، على أن يكون الهدف الصريح لذلك هو مساعدة عملية إعادة الهيكلة. ومن شأن ذلك أن يسمح للاتحاد الأوروبي بطرح سند مواز لسند برادي. ويمكن لتسهيلات الاستقرار المالي الأوروبية أن تستبدل أوراقها المالية المصنفة AAA بالسندات اليونانية، على أن يتم ذلك بحسم. وسيتكبد الطرف المقابل خسارة في هذه العملية، لكنه سيحصل في المقابل على أوراق مصنفة AAA. ومن شأن ذلك من الناحية الفعلية أن يعطي حافزاً يستند إلى السوق لحملة أوراق الدين الخاصة بالبلدان الطرفية للمبادلة. ولن تكون هناك حاجة لتهديدات غير رسمية، أو إقناع من منطلق أخلاقي، أو أي شيء آخر يمكن أن يؤدي إلى خفض تصنيف الدين. سيكلف الأمر بعض المال، لكن لن تصل تكاليفه إلى حجم تكاليف خيارات العجز الكلي عن السداد، أو الإنقاذ الكلي.


    ماذا عن إعادة الجدولة الميسرة؟ الحجة هي أنها عملية لشراء الوقت. لكن أليس هذا ما لا تستهدف قروض الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي فعله؟ قد تكون إعادة الجدولة الميسرة أسوأ الخيارات جميعاً. إنها لن تجعل الدين اليوناني قابلاً للاستدامة، لكنها ربما تؤدي إلى وقوع حادث ائتماني كارثي. وحتى لو قمت بإسقاط التحذيرات الكئيبة التي صدرت عن البنك المركزي الأوروبي، يظل من غير الواضح ما الخير الذي ستجلبه. وإذا كنت تعتقد حقيقة أن الوقت سيحل المشكلة، أليس من الأسهل بكثير أن تقدم لهم قرضاً جديداً؟ إن كل الحديث عن إعادة الجدولة الميسرة هو دلالة على النفاق.


    إن وجود لاجارد على رأس صندوق النقد الدولي يمكن أن يساعد منطقة اليورو. ولدى منطقة اليورو ثلاثة خيارات من الناحية الجوهرية: اتباع البنك المركزي الأوروبي وتدوير الدين الحالي لأطول مدة ممكنة، أو تغيير قواعد تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبية والقبول بسندات برادي، أو فرض عملية إعادة هيكلة كاملة للدين وقبول العواقب. سيكون الأمر واحدا من هذه الخيارات الثلاثة. أما إجراء عملية لتجميل الأنف فلن يجدي نفعاً.
يعمل...
X