هوة العجز الأمريكي آخذة في الاتساع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هوة العجز الأمريكي آخذة في الاتساع

    قبل أسبوع بلغ سقف ديون الحكومة الأمريكية حده القانوني عند 14300 مليار دولار. وفي ظل تجاوز النفقات بقوة للدخل، بدأت الحكومة الأمريكية ''إجراءات غير عادية'' للحؤول دون تجاوز الحد المقرر. وحتى بداية آب (أغسطس)، حسب بيانات وزارة الخزانة، بإمكان الحكومة تحويل الحسابات، مثلا، من خلال تعليق الدفعات إلى التقاعد الاتحادي وصناديق الإعاقة، حتى يتوقف تصاعد ديونها للأطراف الثالثة. لكن بحلول الثاني من آب (أغسطس) تصبح هذه الخيارات غير ممكنة، حسب الإدارة ''وليست هناك خطة ب''، أي أن الحكومة ستعلن العجز عن الوفاء بالتزاماتها.

    ربما تعتقد أن ذلك احتمال مذهل، لكن واشنطن تنظر إليه برباطة جأش. ولم يشكل الموعد النهائي في 16 أيار (مايو)، على الرغم من أنه تم الحديث عنه لعدة أشهر، أي ضغط يذكر على المتفاوضين بشأن الميزانية. وتعامل الكونجرس معه كما لو أنه لم يكن موجوداً. والرأي السائد في الوقت الراهن هو أنه سيتم التوصل إلى صفقة فعلية في الدقيقة الأخيرة قبل الثاني من آب (أغسطس) – الذي يمثل الموعد النهائي ''الفعلي'' الجديد.


    إن الرجال والنساء الأذكياء في الكونجرس الذين يفكرون على الدوام بواجباتهم تجاه الناخبين، يميزون في الوقت الراهن بين أنواع مختلفة من صور العجز. ويتساءل بعضهم لماذا على سوق السندات أن تهتم إذا بدأت الحكومة بالدفع إلى موظفيها من خلال خطابات ''أنا مدينة لكم'' بدلاً من النقود، اعتباراً من الثاني من آب (أغسطس)، طالما تستمر في دفع الفوائد على ديونها المستحقة وكذلك الرساميل الأصلية؟ لماذا يمكن أن يكون ذلك النوع من العجز أمراً جيداً كما يقول بعض الجمهوريين. وقد يتم فرض تخفيض الإنفاق في نهاية الأمر. دعونا لا نندفع في إدانة دون تمييز. فإذا أُنجز ذلك على نحو جيد، فإنه ربما يكون تجربة سارة. وفي ظل مثل هذه النقاشات غير العقلانية لا يستطيع المرء إلا أن يتساءل لماذا لم تفقد الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني aaa بالفعل؟


    في الأسبوع الماضي قال توم كوبيرن، الصقر المالي الجمهوري الذي ترأس الجهود في مجلس الشيوخ لإعداد اتفاقية ميزانية بين الحزبين: ''يمكن أن أخفض تصنيفنا الائتماني خلال دقيقة. أستطيع ذلك في ظل ما أعرف''. وخرج كوبيرن من اجتماع لـ ''عصابة الست'' المؤلفة من أعضاء في مجلس الشيوخ يعملون على خطة لتخفيض العجز شبيهة بخطة أيدتها لجنة باولز – سمبسون، وقال إن محادثاتهم وصلت إلى طريق مسدود. وبعد أيام قليلة أعلن الديمقراطيون في مجلس الشيوخ أنهم لن يقدموا ميزانية. وهكذا مرّ الموعد النهائي في 16 أيار (مايو) وتراجعت توقعات التوصل إلى اتفاقية.


    وتتركز المفاوضات الآن في الهيئة التي يترأسها نائب الرئيس، جو بايدن. وهذا منتدى لا يحمل وعدا. فهو خلافا لـ ''عصابة الست'' التي تم تحييدها في الوقت الراهن، تسوده خلافات حادة حول القضايا الرئيسية، وأعضاؤه غير ميالين إلى الحل الوسط. ومن جانب آخر، وللسبب نفسه، فإن هدفهم أكثر تواضعاً: إصلاح مالي قصير الأجل يرفع سقف الدين، ويؤجل القرارات الصعبة حول الإنفاق طويل الأجل والضرائب إلى ما بعد الانتخابات التالية.


    قبل شهر، كانت هذه النتيجة تعتبر بحق ضرباً من الفشل لأنها تؤخر حلاً لمشكلة أكبر. ولأن العجز الصريح عن السداد أصبح أمراً وارداً، فإن فشلا من هذا النوع يبدو مقبولاً.


    ومن سوء الحظ أن الاختلافات التي يصعب التوفيق بينها حول المسائل طويلة الأجل تغطي على المسائل قصيرة الأجل. فالجانبان يتفقان على أن خفض العجز أمر مهم، لكن الجمهوريين يريدون خفض الاقتراض فقط عبر خفض الإنفاق، بينما يريد الديمقراطيون أن يفعلوا ذلك جزئياً عن طريق زيادة الضرائب. ولا يوجد دفاع قوي عن موقف الجمهوريين. ومن الناحية التاريخية تعتبر الإيرادات المنخفضة دافعاً رئيسياً للعجز. وبالنظر إلى الأمام، تتطلب الضغوط الديمغرافية على الجانب المتعلق بالإنفاق في الميزانية إيرادات إضافية، إذا أريد الاحتفاظ بأي مستوى شبيه بالمستوى الحالي من تحويلات الدخل والخدمات العامة.


    وإذا وضعنا السياسة جانباً، يكون من السهل رؤية الحل: يمكن زيادة الإيرادات من دون معدلات ضريبية أعلى. ويمكن لنظام ضريبي أبسط بقاعدة أوسع أن يعزز الإيرادات ويخفض المعدلات في الوقت نفسه. وهذه هي النقطة الرئيسية في خطة باولز - سمبسون. وقد صادق عليها كوبيرن الذي أثار حنق المتحمسين المناهضين لرفع المعدلات الضريبية في حزبه. ولهذا السبب، فإن خروجه من ''عصابة الست'' يشكل ضربة كبيرة. وفي نهاية المطاف ربما يكون بالإمكان إبرام صفقة تستند إلى هذه الخطوط. وفي النهاية، ينبغي أن يتم التوصل إلى صفقة، لكن الاحتمالات المباشرة لذلك تبدو ضعيفة. والسؤال أي نوع من الرقع سيتم عملها بحلول آب (أغسطس)؟


    يمكن أن يكون سبيل الخروج من هذا المأزق هي ''الأهداف والمحفزات''. أضف التخفيضات الأولية في الإنفاق إلى الأهداف الخاصة بالعجوزات المستقبلية والإجراء التلقائي لخفض الإنفاق، أو زيادة الضرائب، إذا تم تجاوز تلك الأهداف. لكن مرة أخرى، النقطة العالقة هي الضرائب. يريد الجمهوريون محفزات لإجراء تخفيضات تلقائية في الإنفاق، لكنهم يعارضون الزيادات التلقائية للضرائب.


    وبدأت الإدارة تشير إلى ''النفقات الضريبية'' كطريقة لتربيع هذه الدائرة. من الناحية التحليلية، هذا صحيح بالتأكيد. ذلك أن التخفيضات الضريبية الخاصة بالفائدة على الرهون وغيرها من النفقات ليست إلا إعانات مخفية داخل الرمز الضريبي: إذا أردت أن تحد من دور الحكومة في الاقتصاد، ينبغي لك أن تخفض كلا النوعين من ''النفقات''. لكن مع استثناءات، مثل كوبيرن، فإن الجمهوريين غير مقتنعين، والسياسة طريقها وعر. فإذا وجد الناس أن دفعاتهم الضريبية في ازدياد، فإن شرح لماذا لا يعد ذلك زيادة ضريبية فعلا يعتبر تحدياً.


    سيتعين أن يكون الحل تحايلاً آخر. ضع أهدافاً لخفض العجز، تم اترك آليات الإجراء التلقائي غامضة جداً لدرجة تمكن الجمهوريين والديمقراطيين يقبلون بها. هذا لن يفعل شيئاً لمعالجة المشكلة طويلة المدى، لكنه يعمل على تجنب وقوع صدام مباشر حول سقف الدين. ويمكن للمرء أن يعتبر هذا نجاحاً. وهذا ما توصلت إليه واشنطن.
يعمل...
X