حماية التمويل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماية التمويل

    التمويل فوضوي إلى درجة أنه لا يستحق وصفه بـ ''نظام''، بل التعبير الأفضل هو ''شبكة''. وبسبب الاعتماد المتبادل الواسع للغاية، فإن الرقابة الحصيفة على المؤسسات الفردية ليست كافية. وعلى المنظمين أن يفهموا هذه الشبكة. وتبدو هذه المهمة – التي تسمى في الوقت الراهن ''سياسة حكمة الاقتصاد الكلي'' – مستحيلة بقدر عدم القدرة على تجنبها.

    في ظل إنشاء لجنة سياسة مالية جديدة داخل بنك إنجلترا، تسعى المملكة المتحدة إلى تطبيق مثل هذا النوع من سياسة حكمة الاقتصاد الكلي. وتبدو المهمة واضحة في ظل سعة تعامل البلاد مع التمويل. ويمكن أن ينظر إلى مثل هذا التنظيم الحكيم للاقتصاد الكلي على أساس أنه ذو هدفين: حماية الاقتصاد من التمويل، وحماية التمويل من الاقتصاد. وهذه موضوعات مترابطة، لكنها ليست متماثلة. وإذا كان التركيز على الأول، فإن الهدف الرئيسي سيكون منع حدوث دورات الائتمان المسببة لعدم الاستقرار. وإذا كان التركيز على الثاني، فالهدف الرئيسي يكون منع حدوث الانهيارات المالية.


    كما أوضح باول تكر، نائب محافظ بنك إنجلترا لشؤون الاستقرار المالي، في خطاب ألقاه في مؤتمر هايمان منسكي في نيويورك، هدف المملكة المتحدة هو تشجيع استقرار التمويل. ''يتحقق ذلك حين يكون النظام المالي مرناً بما يكفي لجعل المخاوف حول الدول السيئة في العالم لا تؤثر على الثقة بقدرة النظام على تقديم خدماته الرئيسية لبقية الاقتصاد''. وبذلك تستمر دورات الائتمان. لكن يجب أن تكون شبكة التمويل قادرة على التعايش معها. ومن شأن مثل هذه السياسة جعل الطفرات أقل صخباً. ويجب على الأقل أن تجعل حالات التراجع الشديد أقل سوءا.


    فكيف يمكن جعل الشبكة أكثر مرونة؟ هذه جزئياً مسألة مستويات – خاصة برأس المال والسيولة، مثلا. لكنها متعلقة كذلك بالتعديل المضاد للدورات. وعلى المنظمين جعل المؤسسات والأسواق أكثر أمناً في الوقت الذي تعمل فيه كل الحوافز الأخرى على جعلها أقل أمناً.


    لا ينبغي أن يكون ذلك جهداً لمجرد ''ضبط إيقاع'' الدورة. كما أنه ليس محاولة لجعل الشبكة التمويلية دون مخاطر. ورغم ذلك، فإنها مهمة ذات متطلبات أوسع من الإشراف على المؤسسات الفردية. ومن شأنها أن تثير بعض القضايا الضخمة.


    إحدى تلك القضايا هي علاقة حكمة الاقتصاد الكلي بالسياسة النقدية: يمكن لهذين الأمرين أن يعملا بسهولة ضد بعضهما بعضا. والقضية الأخرى هي كيف يعمل الهيكل الجديد على النطاق الدولي: ستكون هناك حاجة إلى التعاون حتى لا يتم تقويض جهود بعض صانعي السياسة بسبب لا مبالاة آخرين. وهناك قضية أخرى حول كيفية تكييف السياسة مع الموارد المختلفة. تضاف إلى ذلك قضية كيفية تطبيق هذه السياسة على الشركات التي تعمل عبر العالم، والمعرضة بالتالي لظروف الدورات الاقتصادية في كل مكان آخر.


    كل هذه الأسئلة ذات صلة وثيقة بالمملكة المتحدة التي هي موطن أكبر المراكز المالية وبعض أكبر بنوك العالم. وإذا نجح هذا الجهد، سيصبح الهيكل التمويلي للمملكة المتحدة أكثر مرونة، كما يصبح الاقتصاد أقل عرضة للانهيار. لكنه مقياس لوضع العالم بعد الأزمة، وذلك في ظل اختفاء الثقة بالخصائص المؤدية إلى الاستقرار الذاتي، حيث تحاول السلطات القيام بمهمة بالغة الصعوبة. وعلى المرء أن يتمنى لها حظا سعيدا. فمن المؤكد أنها بحاجة إلى ذلك.
يعمل...
X