الأموال الساخنة تحرق أصابع الأسواق الناشئة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأموال الساخنة تحرق أصابع الأسواق الناشئة

    حرب العملات، ما فائدتها؟ لا شيء على الإطلاق.

    ربما تكون هذه، على الأقل، العبرة التي أخذها جويدو مانتيجا، وزير مالية البرازيل، من الأيام القليلة الماضية. وأكثر من أي شخص آخر، أصبح مانتيجا يجسد قلق الأسواق الناشئة من تخفيض قيمة الدولار وارتفاع قيمة عملاتها الخاصة.


    ومن شأن هذا أن يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى اقتصادات الأسواق الناشئة التي تقودها الصادرات، ويعطي في الوقت ذاته أفضلية مصطنعة إلى الولايات المتحدة. وتذمر مانتيجا بقوة بشأن هذا السلوك الذي يزعم أنه أشبه بالحرب، أكثر من أي شخص آخر – وبذل كثيرا من الجهد حيال الأمر.


    وبدلاً من أن يتذمر فقط، أطلق سلسلة من الضرائب والرسوم التي تهدف إلى تثبيط تدفقات ''الأموال الساخنة'' من المستثمرين الأجانب إلى البرازيل. لكن إجراءاته كان لها الحد الأدنى من التأثير: واصل الريال البرازيلي صعوده مقابل الدولار، وسعى مانتيجا في نهاية المطاف إلى الصلح، واعترف هذا الأسبوع بأن ''رفع قيمة الريال البرازيلي أمر لا يمكن تفاديه''.


    أخذت الأسواق كلامه على محمل الجد، وازدادت قيمة الريال الآن إلى أعلى مستوى مقابل الدولار منذ صيف عام 2008. والوصول إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، الذي بلغه إبان فقاعة الأسواق الناشئة غير المستدامة التي سبقت انهيار عام 2008، يتطلب الآن زيادة تقل في حجمها من 1 في المائة. والبرازيل ليست وحدها في هذا الصدد. فقد حاولت السلطات الكورية الحد من ارتفاع الوون مقابل الدولار – لكنه يقبع كذلك عند أعلى مستوى له منذ عامين ونصف.


    وبعيداً عن الأسواق الناشئة، فإن مستوى الدولار مقابل مؤشر أكبر شركائها التجاريين بحسب الوزن التجاري، أعلى بأقل من 6 في المائة من المستوى المتدني الذي انخفض إليه قبل فترة قصيرة من انهيار ليمان براذرز.


    وحتى اليورو ارتفع بنسبة 8.6 في المائة مقابل الدولار هذا العام – وهي زيادة ملفتة للنظر خلال الأسبوع الذي طلبت فيه البرتغال مساعدتها على دفع ديونها السيادية. وكان ينظر إلى أزمة ديون منطقة اليورو، على نحو صحيح تماماً، على أنها تهدد وجود اليورو ذاته. وأحدثت الأزمة المحيطة بالديون السيادية اليونانية قبل عام تراجعاً حاداً في العملة الموحدة.


    وينظر كثيرون إلى الذهب على أنه العملة الأهم. ويفيد سعر الذهب كذلك أن الدولار تعرض إلى الغش ووصل إلى مستوى عالٍ جديد لم يسبق له مثيل بالأسعار الحالية خلال الأسبوع الماضي.


    فما هو الثقل الرئيسي الذي يواصل جر الدولار إلى أسفل؟ هناك عدة عوامل: عاملان قصيرا الأجل عملا خلال الأسبوع الماضي على جره نحو الأسفل. فما زالت المواجهة في واشنطن حول الميزانية الأمريكية، مع احتمال حدوث إغلاق حكومي في أعقابها، مستمرة حينما كان هذا العمود في طريقه إلى الطباعة. وكانت سياسات الإغلاق ميلودرامية، وثمة مبالغة في آثارها المحتملة، لكنها أضعفت الدولار كما هو واضح.


    ثانياً، هناك بيئة أسعار الفائدة. ووصل عامان من انعدام النشاط التام على جبهة أسعار الفائدة من قبل أكبر البنوك المركزية في الغرب إلى النهاية في الأسبوع الماضي، حين رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة من 1 في المائة إلى 1.25 في المائة. أما الاحتياطي الفيدرالي الذي تراوح الفائدة على أمواله الاتحادية بين صفر و0.25 في المائة، فما زال بعيداً بضعة أشهر عن سياسة التشديد.


    ولم تكن هذه مفاجأة حينما حدث ذلك، لكنها ما زالت أمراً مهماً للغاية. فهذه هي المرة الأولى خلال تاريخ البنك المركزي الأوروبي القصير نسبياً، التي يأخذ فيها زمام المبادرة للبدء في تشديد السياسة النقدية، بدلاً من انتظار الاحتياطي الفيدرالي. وهناك حيز للجدل بين صقور وحمائم التضخم، لكن من الواضح أن البنك المركزي الأوروبي يشكل رهاناً أفضل من الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة ومحاربة التضخم. وفي الحالتين يشير ذلك إلى يورو أقوى ودولار أضعف.


    لكن على نطاق أوسع، الدولار الضعيف يمثل أفضل وسيلة للسوق للتعبير عن مخاوفها بشأن التضخم وآثاره المتباينة. وتتجه أسعار السلع إلى أعلى بشكل حاد – ازداد سعر خام برنت بواقع الثلث هذا العام، وبواقع 245 في المائة من أدنى مستوى له في نهاية عام 2008.


    ويبتلي هذا التضخم العالم الناشئ، ولكن ليس العالم المتقدم – حتى الآن على الأقل. وهو ناتج عن قيود مفروضة على الموارد في وقت تطلب فيه الأفواه الجائعة المزيد لسد رمقها، فضلاً عن الأموال رخيصة الثمن. وعلى البلدان المصابة بالتضخم أن ترفع أسعار الفائدة. فمن شأن ذلك أن يرفع قيمة عملاتها مقابل الدولار، الذي هو عملة اقتصاد يبدو فاقدا الحيوية على الرغم من بعض إشارات الحياة. والعملة التي ترتفع قيمتها بحد ذاتها ستساعد في المعركة ضد التضخم، حسبما قال مانتيجا الأسبوع الماضي.


    ولم يمنع هذا تعافياً مذهلاً لأسواق الأسهم في فترة ما بعد الأزمة. وتضاعف مؤشر فاينانشيال تايمز لجميع الأسهم العالمية خلال العامين الماضيين. لكن ذلك تم وفقا للسعر بالدولار. وربما الأكثر دقة هو رؤية العالم من خلال عدسات الريال البرازيلي. فالصعود الذي تحقق في العامين الماضيين تم شراؤه بأسعار فائدة متدنية بشكل استثنائي، وأدى ذلك إلى أسعار أعلى للسلع. وتلغي هذه العوامل مكاسب جيدة كما يبدو، حصل عليها المستثمرون المستندون إلى الدولار، تاركة مكاسب تزيد قليلا على 20 في المائة بالنسبة للمستثمرين المستندين إلى الريال، وذلك منذ وصول سوق الأسهم إلى أدنى مستوى لها قبل عامين.


    وإذا كانت الأسواق الناشئة تعترف الآن بالهزيمة في حرب العملات، وتجعل عملاتها تزداد قيمة، فإن ذلك يوحي بأمر أكثر بشاعة: أن البلدان التي قادت التعافي العظيم تزداد سخونة.
يعمل...
X