تويت
أمة مؤرخة
يصف الاجتماعيون الأوربيون أمة العرب بأنها أمة تاريخية
أو _ الأصح _ أمة مؤرخة ولا يعنون بذلك أنها أمة عريقة
في التاريخ، فهذه حقيقة شائعة لا تحتاج إلى وصف خاص من علماء الاجتماع
أو علماء الأجناس ، و أنما يعنون أنها أمة مطبوعة على تسجيل الحوادث وتوريث
الأبناء والروايات من السلف إلى الخلف بغير انقطاع في سلسلة الإسناد، وانك
إذا صادفت منها رجلا في عرض الطريق أمكنك إن تعرف منه تاريخ قبيلته وقومه
إلى زمن بعيد، أو أن تعرف منه ما لست تعرفه من كل فرد في كل أمة، ولو كان
لها تاريخ مدون مذكور .
وهذه مزية (( مخصوصة )) وليست بالمزية الشائعة كما يبدو لأول وهلة .
فان من الأمم العريقة أمما تسأل الواحد من أبنائها عن أقرب التواريخ إليه
فإذا هو لا يذكرها بغير المراجعة والسؤال ، وهذه هي الأمم التي توصف
بأنها (( حاضرية )) مبتوتة أي تعيش فيما حضرها من الزمان، ولا تعني كثيرا
بما بينها وبين الماضي من الأواصر في حياة الفرد أو حياة الجماعة .
تتجلى هذه الحقيقة في طريقة من الطرائف الممتعة التي رواها لنا الشاعر
الأديب صاحب (( رحلة الربيع )) وهو يبحث عن منزل من المنازل التي ذكرها
امروء القيس في معلقته الخالدة حيث يقول :
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ** لما نسجتها من جنوب وشمال
وقد دعاه إلى هذا البحث أنه اقترب من محلة تعرف (( مرات )) وفي جوارها
(( التوضحية )) وعندها غدير مشهور، وقيل له فيما قيل، أنما هي المقرات
التي ذكرها حامل لواء الشعراء في الجاهلية .
ولم يستبعد ذلك لأنه كما قال :
(( ليس بكثير على أربعة عشر قرنا أن تلحس قافا واحدة فتحرف الكلمة
من مقرات إلى مرات وقد لحست ملايين المخلوقات آدميين وحيوانات )) .
إلا أنه آثر السؤال مع ذلك وقص علينا تساؤله ونتائج تحريه فقال :
(( التقينا بأول رجل وقع نظرنا عليه، فقلت : لا شك أن هذا من أهل القرية .
فبدأته السلام ثم قلت له : يا رجل !
أهذه قرية امرئ القيس الشاعر المعروف ؟ .. فتدفق كالبحر الزاخر يدلي
إلي بمعلومات واسعة حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع الأدبية
والتاريخية المتصلة بهذه القرية .
وخلاصة ما ذكره أن هذه بلدة رجل آخر سمي بهذا الاسم غير أمرئ القيس
المشهور، وأن الأول .... والآخر ....، وان امرأ القيس ... رجل دميم الخصال
هجاه الشعراء وهجوا البلدة لأجله، ومن هنا نشأ الخلط بين الاسمين ))
قلت وأنا أقرأ هذه القصة لا جرم يوصف العرب بأنهم أمة مؤرخه .
هذي مقدمة لأحد كتب العقاد والمهم عندي والي اعجبني
فيها الطريقة طريقة الوصف لنا أو للأمة العربية أو كما قال :
أمة مؤرخة!
يصف الاجتماعيون الأوربيون أمة العرب بأنها أمة تاريخية
أو _ الأصح _ أمة مؤرخة ولا يعنون بذلك أنها أمة عريقة
في التاريخ، فهذه حقيقة شائعة لا تحتاج إلى وصف خاص من علماء الاجتماع
أو علماء الأجناس ، و أنما يعنون أنها أمة مطبوعة على تسجيل الحوادث وتوريث
الأبناء والروايات من السلف إلى الخلف بغير انقطاع في سلسلة الإسناد، وانك
إذا صادفت منها رجلا في عرض الطريق أمكنك إن تعرف منه تاريخ قبيلته وقومه
إلى زمن بعيد، أو أن تعرف منه ما لست تعرفه من كل فرد في كل أمة، ولو كان
لها تاريخ مدون مذكور .
وهذه مزية (( مخصوصة )) وليست بالمزية الشائعة كما يبدو لأول وهلة .
فان من الأمم العريقة أمما تسأل الواحد من أبنائها عن أقرب التواريخ إليه
فإذا هو لا يذكرها بغير المراجعة والسؤال ، وهذه هي الأمم التي توصف
بأنها (( حاضرية )) مبتوتة أي تعيش فيما حضرها من الزمان، ولا تعني كثيرا
بما بينها وبين الماضي من الأواصر في حياة الفرد أو حياة الجماعة .
تتجلى هذه الحقيقة في طريقة من الطرائف الممتعة التي رواها لنا الشاعر
الأديب صاحب (( رحلة الربيع )) وهو يبحث عن منزل من المنازل التي ذكرها
امروء القيس في معلقته الخالدة حيث يقول :
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ** لما نسجتها من جنوب وشمال
وقد دعاه إلى هذا البحث أنه اقترب من محلة تعرف (( مرات )) وفي جوارها
(( التوضحية )) وعندها غدير مشهور، وقيل له فيما قيل، أنما هي المقرات
التي ذكرها حامل لواء الشعراء في الجاهلية .
ولم يستبعد ذلك لأنه كما قال :
(( ليس بكثير على أربعة عشر قرنا أن تلحس قافا واحدة فتحرف الكلمة
من مقرات إلى مرات وقد لحست ملايين المخلوقات آدميين وحيوانات )) .
إلا أنه آثر السؤال مع ذلك وقص علينا تساؤله ونتائج تحريه فقال :
(( التقينا بأول رجل وقع نظرنا عليه، فقلت : لا شك أن هذا من أهل القرية .
فبدأته السلام ثم قلت له : يا رجل !
أهذه قرية امرئ القيس الشاعر المعروف ؟ .. فتدفق كالبحر الزاخر يدلي
إلي بمعلومات واسعة حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع الأدبية
والتاريخية المتصلة بهذه القرية .
وخلاصة ما ذكره أن هذه بلدة رجل آخر سمي بهذا الاسم غير أمرئ القيس
المشهور، وأن الأول .... والآخر ....، وان امرأ القيس ... رجل دميم الخصال
هجاه الشعراء وهجوا البلدة لأجله، ومن هنا نشأ الخلط بين الاسمين ))
قلت وأنا أقرأ هذه القصة لا جرم يوصف العرب بأنهم أمة مؤرخه .
هذي مقدمة لأحد كتب العقاد والمهم عندي والي اعجبني
فيها الطريقة طريقة الوصف لنا أو للأمة العربية أو كما قال :
أمة مؤرخة!
تعليق