خيارات بغيضة في وقت رفع الفائدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خيارات بغيضة في وقت رفع الفائدة

    لقد تلاشى ما دعاه محافظ بنك إنجلترا، ميرفن كينج عقد ''انعدام التضخم واستمرار التوسع'' الجميل. ونرى مكانه ما يمكن أن أدعوه ''أعوام كابوس التقشف والتضخم المصحوب بالركود الاقتصادي'' البغيض. إن الأزمات البغيضة توجد خيارات بغيضة: هل ينبغي على لجنة السياسة النقدية أن ترد على التطرف التضخمي بالتشدد رغم الهشاشة الاقتصادية والتقشف المالي؟ أم ينبغي أن تستمر في افتراض أن تجاوز المعدلات المستهدفة سينتهي؟ ما زلت على قناعة بأن الأخير هو الخيار الأفضل، وعليه اتفق مع قرار الأمس بترك أسعار الفائدة دون تغيير وألا نحذو حذو البنك المركزي الأوروبي الذي رفع أسعار الفائدة من 1 في المائة إلى 1.25 في المائة، وهي أول زيادة في ثلاثة أعوام. لكن الخيار الآن صعب، ليس أقله لأن توقعات لجنة السياسة النقدية مخطئة منذ مدة طويلة. وقد تكون الصدقية في خطر. من بين أكثر النتائج متعة، الناتجة عن التحول إلى نظام السياسة النقدية السائد اليوم، الذي حدث عام 1997، التحسن في مستوى الجدل. فإضافة إلى التقرير الخاص بالتضخم ومحضر لجنة السياسة النقدية يصدر أعضاء اللجنة خطابات توضيحية. ويقدم سبنسر ديل، رئيس الاقتصاديين، الذي أيد رفع الفائدة ربع نقطة في الشهر الماضي، تحليلاً مفيداً لما سار على نحو خاطئ في دراسة بعنوان: ''لجنة السياسة النقدية في قفص الاتهام''. في 2009، مثلا، رأت لجنة السياسة النقدية أن احتمال ارتفاع معدل التضخم فوق 3 في المائة في 2010 أقل من واحد على عشرين في كل فصل. وفي الحقيقة أن التضخم ارتفع فوق 3 في المائة في كل فصل. لا يبدو هذا جيداًً، أليس كذلك؟

    وخلال الفترة منذ منتصف عام 1997 كان متوسط التضخم السنوي في مؤشر الأسعار الاستهلاكية 1.9 في المائة. ومن سوء الحظ أن هذه الفترة تتألف من فترتين فرعيتين: من منتصف 1997 إلى منتصف 2005، عندما كان متوسط تضخم الأسعار الاستهلاكية 1.3 في المائة، والفترة منذ ذلك الوقت التي كان متوسط التضخم فيها 2.7 في المائة وظل باستمرار تقريباً فوق المعدل المستهدف. لقد قامت لجنة السياسة النقدية بعمل أفضل تمثل في ملامسة تضخم الأسعار الاستهلاكية معدل 2 في المائة قبل أن يصبح ذلك المعدل هدفها في عام 2004. كل هذا يظهر أننا لا نفهم كيف يعمل الاقتصاد. ورغم ذلك، كما يلاحظ ديل أيضاً، من السهل جداً على الأقل شرح سبب تجاوز المعدلات المستهدفة في عامي 2009 و2010. ففي عام 2009 تمثلت المفاجئة في سرعة انخفاض الجنيه الاسترليني. وفي السنة التالية تمثلت في ارتفاع أسعار السلع العالمية. وباختصار، سلسلة من الصدمات – انخفاض الجنيه الاسترليني، وارتفاع أسعار السلع، وزيادة ضريبة القيمة المضافة – يمكن أن تكون أكثر من مسؤولة عن الإخفاقات الأخيرة. لم يكن أي شعب عاقل ليصوت لرفع أسعار الفائدة والأزمة في أشدها، حتى لو كانوا على علم بما سيأتي، وذلك لخفض معدل التضخم الذي تولد في الداخل من أجل موازنة تلك العوامل المؤقتة. وزيادة على ذلك، فإن التجاوز الماضي للتضخم المستهدف ينبغي أن يكون غير مناسب للوقت الراهن: ما يهم هو الاحتمالات. وحول هذا الأمر يلاحظ ديل ''من المحتمل أن يرتفع التضخم أكثر في الأجل القريب، لأن الزيادات الأخيرة التي طرأت على أسعار السلع تتخلل سلسلة الإمداد. لكن في المدى الأطول من المرجح أن يعود التضخم إلى الانخفاض عندما تضعف الآثار الناجمة عن صدمات مستويات الأسعار ويستمر التباطؤ في الاقتصاد في خفض معدل التضخم''. ويظل هذا الرأي الأكثر قبولاً. وتذكروا أن التشدد المالي الهيكلي المحتمل لم يكد يبدأ، في حين يبدو أن الاقتصاد كان راكداً في الربعين الماضيين. ومنذ بداية عام 2010 العام حتى الربع الثالث اتسمت تكاليف وحدة العمل بالركود. وزيادة على ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يهتمون بهذه الأمور (وهم قلة الآن) فإن المعروض المالي يتقلص بالفعل. ويقول صقر لجنة السياسة النقدية الذي سيتركها عما قريب، أندرو سنتانس، في خطاب يشحذ الفكر، إننا لا نفهم كيف تعمل الطاقة الاحتياطية في اقتصاد تهيمن عليه الخدمات. وهذا لا يعني عدم وجود أية طاقة. فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من عام 2010 بنسبة 4.6 في المائة عن مستواه في الربع الأول من عام 2008، بينما كانت نسبة البطالة 8 في المائة. وما زالت الحجة الداعية إلى الانتظار والمشاهدة قوية. ويوجد اعتراضان على هذه الحجة. أولاً، الارتفاع في أسعار السلع العالمية ربما لا يكون تعديلاً لمستوى الأسعار، بل اتجاهاً جديداً. وإذا كان الأمر كذلك ينبغي أن تحاول لجنة السياسة النقدية تخفيض التضخم المتولد محلياً بصورة دائمة. وفي مقابل ذلك يمكنني القول إننا لا نعرف هذا حتى الآن – التأرجحات في الأسعار هي سمة من سمات أسواق السلع. وزيادة على ذلك، حتى لو كنا نعرف فعلاً أن هناك توجهاً صعودياً، فإن محاولة فصله عن الضجة هي، للأسف، مستحيلة تقريباً. ثانياً، الفشل لمدة طويلة في تحقيق الهدف، يضاف إليه السياسة النقدية المتساهلة بصورة استثنائية هذه الأيام تنطوي على خطر فصل توقعات التضخم عن مرتكزها. وسيكون هذا كارثة، كما اكتشف العالم في سبعينيات القرن الماضي. ومما يؤسف له أن هناك بعض الأدلة من الدراسات البحثية ومن أسواق السندات على أن توقعات التضخم آخذة في الارتفاع. ويبدو أن الأجور أيضاً ترتفع على نحو أسرع من ذي قبل. ولا يبدو أن أياً من هذا قاتل حتى الآن، لكن الحرص الشديد مطلوب. لا أرى سبباً حاسماً يدعو بنك إنجلترا لأن يحذو حذو البنك المركزي الأوروبي. لكن إذا لم يعد التضخم إلى الانخفاض عما قريب وإذا ساءت توقعات التضخم، ينبغي أن يحدث التشدد بكل أسف. وعندها سيسير الاقتصاد من سيئ إلى أسوأ. إنه احتمال مؤلم. دعونا ندعو أن يكون بالإمكان تجنبه رغم ذلك.
يعمل...
X