قاصمة الظهر في هذا العصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قاصمة الظهر في هذا العصر



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي أنقذنا بالعلم من ظلمات الجهل إلى النور، فرفع به من آمن ونال حظًا منه درجات، مصداقًا لقول الله-سبحانه وتعالى-في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من فوقه ولا من تحته: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة/11).

    فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم وأبارك على سيد ولد آدم-خير البشر-سيدنا محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    اعلم يا رعاك الله أن المال من أجَلِّ نعم الله علينا بعد الإيمان، فإن نحن أحسنا استخدامه كان لنا حجة أمام رب العالمين، ولكن إذا كان خلاف ذلك، أي: من سوء استخدام، وإسراف، وتبذير، فتلك هي القاصمة.

    فلقد ذكر الله-سبحانه وتعالى-أمثلةً كثيرة لمن آتاهم ذلك المال فلم يحسنوا استخدامه، وتكبروا وطغوا على إثر ذلك، ومن تلكم الأمثلة قصة قارون، قال-سبحانه وتعالى-: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)(القصص/76).

    ولكن هذا المال، لم يغني عنه من الله شيئًا، فأورده المهالك، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

    وأعلم أخي في الله، إن من الناس في أيامنا هذه من اتخذ المال معبودًا من دون الله، فلا هم له إلا جمع المال، بغض النظر عن الطريق التي يسلكها من أجله، أهي حلال أم حرام، متجاهلًا بذلك كل أحكام رب العالمين التي بينها لنا، المهم أنه حصل عليه، وأشبع غريزته في جمعه.

    فهو لا يبالى هل اقتطع أموال غيره من غير حلها، أو قام بالتحايل على بعض العامة من أجل اكتسابه، أو ربما باع دينه مقابل حفنة منه، فلو دققت النظر أخي الحبيب في حال من ضل عن السبيل-سبيل السلف الصالح-في هذه الأيام لوجدت أن هذا هو السبب الرئيسي لفتنتهم وانحرافهم، والله المستعان.

    فحق لنا أن نسمي ذلك المال بــ(قاصمة الظهر في هذا العصر) ، فلا تكاد تخلوا المجالس من ذكره، في المناسبات، في المدارس، في المحافل، حتى في المساجد التي وجدت من أجل عبادة الله، قال-سبحانه وتعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)(الجن/18).

    ونحن نعلم أن من أحب شخصًا أو شيئًا أكثر من ذكره، فمن أكثر من ذكر الله فهو يحب الله، ومن أكثر من ذكر نفسه فهو يحبها، ومن أكثر من ذكر المال فلا شك أنه مفتون به، ومولع بجمعه.

    إسمع أخي الحبيب لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض)(أخرجه البخاري).

    هل سمعت قول النبي-صلى الله عليه وسلم-أخي في الله(تعس) فهل ترضى ذلك لنفسك ؟.

    وقال أيضًا-عليه الصلاة والسلام-: (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة، لا يبالي أخذ من حلال أو من حرام)(البخاري: فرض الخمس (3118)، والترمذي: الزهد (2374)، وأحمد (6/410).

    فالحذر الحذر أخي في الله، واعلم أنما المال(وسيلة) وليس(غاية)، فإن أحسنت استخدامه، قادك إلى غايتك ألا وهي(الجنة)، وإن أسأت-والعياذ بالله-أوردك المهالك، فكن دائمًا على حذر، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلًا، وبالذات من هذا الباب، فلقد استدرج الكثير منه، فالحذر الحذر.

    وصلِ اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين

    كتبه:

    أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد


    الجمعة/ الموافق: 2/ محرم/ 1431 للهجرة النبوية الشريفة


    تم التعديل عليه: 9/ ذو الحجة/ 1431 للهجرة النبوية الشريفة.

    __________________

  • #2
    رد: قاصمة الظهر في هذا العصر

    جزاك الله خيرا

    تعليق

    يعمل...
    X