متاعب شينجن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • متاعب شينجن

    على غرار اليورو، فإن اتفاقية شينجن لعام 1995 الخاصة بالاتحاد الأوروبي تمثل تعبيراً ملموساً عن التكامل في القارة الأوروبية. فهي تضمن حرية الحركة للناس عبر 25 بلدا – 22 من دول الاتحاد الأوروبي، زائداً آيسلندا، والنرويج، وسويسرا. نظرياً يمكن للمرء السفر ثلاثة آلاف كيلو متر من بولندا إلى البرتغال دون حاجة إلى إبراز جواز سفره، أو جواز سفرها. لكن شينجن لم يتم تصميمها قط بحيث تواكب ضغوط الهجرة من النوع الذي يتشكل في شمالي إفريقيا جراء الاضطراب السياسي والاجتماعي في المنطقة.

    وتحت ضغط من جانب فرنسا وإيطاليا اقترحت المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع أن يكون بإمكان بلدان الاتحاد الأوروبي، بموجب ظروف استثنائية ولفترة محددة بدقة، فرض قيود حدودية داخلية. مثل هذا التعليق المحدود لقواعد شينجن سيسمح به، مثلا، لو أن دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لم تفِ بالتزامها بضبط جانبها من الحدود الخارجية للكتلة، أو إذا ما تعرض قسم من الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لضغط كبير جراء الاضطرابات خارج أوروبا.


    وحتى لو كان هناك أكثر من زفرة التنمر الفرانكو - إيطالي في الجو، فإن الاقتراح مفهوم. فالمواطنون الأوروبيون لديهم مخاوف مشروعة من الهجرة غير النظامية. ووفقاً للمفوضية، فإن نحو 570 ألفا من مواطني بلد ثالث قد تم توقيفهم في 2009 لبقائهم في الاتحاد الأوروبي دون أن تكون لديهم رخص إقامة. وهذا العدد لا يمثل إلا أكثر بقليل من 1 في المائة من سكان الاتحاد الأوروبي الـ 500 مليون، لكنه كبير بما يكفي لخدمة أهداف أحزاب اليمين المتطرف الشعبوية التي بدأت تحظى بنجاحات انتخابية عبر أوروبا.


    ولسلطات الاتحاد الأوروبي الحق في تبني تدابير صارمة تستهدف منع دخول أعداد ضخمة من المهاجرين غير الشرعيين، بل من واجبها أن تفعل ذلك. لكن في أفضل الأحوال، الحملات على الهجرة ليست سوى إجابة جزئية. وتعد إيطاليا ومالطا وغيرهما من بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط أكثر انكشافاً من بلدان أوروبا الوسطى والشمالية أمام ضغوط الهجرة من شمالي إفريقيا. وهي تستحق المساعدة من شريكاتها في الاتحاد الأوروبي، التي عليها الاعتراف بأن شينجن اتفاقية لها تكاليفها مثلما هي ذات فوائد لموقعيها.


    ولا يقل أهمية عن ذلك إيجاد مقاربة متماسكة للاتحاد الأوروبي إزاء الهجرة القانونية. ففي الأعوام المقبلة لن يكون أمام أوروبا خيار سوى معالجة التراجع المطرد في عدد سكانها ممن هم في سن العمل ونقص العاملين في قطاعات كالعناية الصحية وتقنية المعلومات. وبلا شك ستنشأ الحاجة إلى أعداد كبيرة لمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي لسد تلك الفجوات. لذا كلما أسرع زعماء الاتحاد الأوروبي في إيضاح ذلك لناخبيهم، كان أفضل لأوروبا.
يعمل...
X