الخيارات السهلة لم تعد قابلة للتطبيق في منطقة اليورو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخيارات السهلة لم تعد قابلة للتطبيق في منطقة اليورو

    هل هذا أول تحول في السياسة منذ توقيف دومينيك ستروس - كانْ؟ فقد خرج خلافٌ بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي إلى العلن. وهو يدور حول تردد الاتحاد الأوروبي في دعم اليونان حتى نهاية العام المقبل. يقول صندوق النقد الدولي للاتحاد الأوروبي: ما لم توافقوا على تقديم قروض جديدة لعام 2012، فإننا لن نخاطر بأموال مساهمينا وندفع الشريحة التالية من القرض القديم، علماً بأن هذه الشريحة تستحق الدفع في التاسع من حزيران (يونيو). وإذا لم يتم حل هذه العقبة ستتخلف اليونان عن السداد في تموز (يوليو).

    في مفهومي أن هذا هو الموقف عندما كان ستروس - كانْ يدير صندوق النقد الدولي. لكن لو كان لا يزال مسؤولاً حتى الآن، أظن أنه سيحاول، وربما حالفه النجاح، إقناع الزعامة السياسية للاتحاد الأوروبي بتكثيف المناقشات حول تقديم قرض ثان. أو كان سيحاول تأجيل إصدار التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي حول التقدم الذي تم إحرازه فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية اليونانية واستدامة الدين اليوناني. عندها كنت سأكون أكثر ثقة نوعاً ما بإمكانية تجنب وقوع حادث مضر فعلاً.


    إن إحساسي الداخلي هو أن الاتحاد الأوروبي سترِفُّ عينه قبل صندوق النقد الدولي ويوافق على حزمة قروض أخرى - ربما في القمة الأوروبية التي تعقد في أواخر حزيران (يونيو). حصة صندوق النقد الدولي في هذه الشريحة تزيد قليلاً على ثلاثة مليارات يورو، لكن الأثر السياسي لعدم الدفع سيكون كارثياً. فقد هددت هولندا بالفعل بالانسحاب من البرنامج اليوناني، ولا أتوقع أن يصوت البوندستاج (البرلمان الألماني) بالموافقة على شريحة ثانية ما لم تصدر إشارة دعم عن صندوق النقد الدولي للبرنامج.


    هناك عنصر واحد لخبر جيد فيما يتعلق بهذه العقبة: إنها تنهي وهم الخيارات السهلة الذي يتسم بخطورة شديدة. فحتى عهد قريب أضاع الاتحاد الأوروبي وقتاً ثميناً بمناقشة برامج سخيفة من قبيل القيام بعملية إعادة هيكلة ناعمة للديون. ولم تكن هذه البرامج لتحدث أي فرق على صعيد قابلية الدين اليوناني للاستدامة، لكنها تنطوي على مخاطر متأصلة فيها. لقد أظهر موقف صندوق النقد الدولي المتشدد، على الأقل للأوروبيين، أنه لا يمكنهم التخبط في هذه الأزمة ببرامج مترددة. إن البدائل التي توفرها السياسات بدأت تصبح أكثر وضوحاً. فإما أن يواصل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي تأجيل ديون اليونان لأطول مدة لازمة، وإلا اضطرت اليونان للعجز عن سداد ديونها. ليس هناك حل وسط. ومن المرجح أن يكون هناك شكل من أشكال انخراط القطاع الخاص، لا بل إن هذا الانخراط مرغوب فيه لأسباب سياسية. لكنه لن يكون ذا أهمية على صعيد خفض القيمة الحالية الصافية للدين اليوناني.


    إن العجز عن السداد يعني إجراء حسم في قيمة الدين بمعدل يراوح بين 50 و70 في المائة. ويساورني شك في احتمال تعرض حملة السندات الأجانب لخسارة شبه كلية. وفي تلك الحالة يجب أن يكون احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو عاليا. إن العجز عن السداد ''داخل منطقة اليورو'' من شأنه أن يجلب بعض الارتياح فيما يتعلق بعمليات سداد الدين، لكن ربما يفوقه الضرر الذي يلحق بالقطاع المالي وإهلاك المدخرات الأسرية. وستكون أفضل استراتيجية لتوليد النمو في ظل هذه الظروف إجراء خفض حقيقي كبير في قيمة عملة البلد. ومن الصعب تخيل كيف يمكن أن يحدث ذلك من دون الخروج من منطقة اليورو. فعندما ينهار نظامك المالي، فإن التكلفة النسبية للخروج من المنطقة قد تكون أقل من تكلفة البقاء داخلها.


    وإحساسي الداخلي أن المجلس الأوروبي سيمنع تجزئة منطقة اليورو في هذه المرحلة ويقبل ببرنامج للمتابعة. وبعد أن ينتهي ذلك البرنامج، سيتكرر الوضع نفسه مرة أخرى. سيقوم الساسة في أوروبا الشمالية بإجراء مناقشات مستفيضة للوضع. وسيتحدثون عن إعادة هيكلة الدين، لكنهم في النهاية سيؤجلون العملية طالما أوفت اليونان بالشروط.


    وإذا تدخلت السياسة اليونانية في الأمر، فستطير كل الرهانات. إن عدم التقيد الكبير ببرنامج الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي سيشعل دائماً فتيل العجز عن السداد. وسيكون ثمن مواصلة الدعم من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي شبه خسارة اليونان سيادتها الاقتصادية.


    إنني أظن أن اليونان ستستمر في قبول هذه المقايضة، إذا أخذنا البديل في الحسبان. لكن لا يمكن لأحد أن يكون متأكداً. لقد عمل صندوق النقد الدولي كحكم في هذه العملية، مبقياً كل طرف عند حدوده - اليونانيين وكذلك البلدان الدائنة المتقلبة أيضاً.


    بالطبع، سيأتي الوقت الذي ينبغي لهذه اللعبة أن تتوقف فيه. وفي تقديري أن هذا سيكون في وقت ما بين عامي 2013 و2016. في ذلك الوقت سيتعين على اليونان، وربما البلدان الطرفية الأخرى في منطقة اليورو، أن تعجز عن السداد، لكن الدائنين الرئيسيين المتبقين حينها سيكونون حكومات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وعندها سيترتب على الزعماء السياسيين للاتحاد الأوروبي أن يتخذوا قراراً صعباً. هل سيعفون اليونان من الدين المترتب عليها، الأمر الذي سيكون تحولاً هائلاً في السياسة المالية؟ أم سيسمحون بتصدع منطقة اليورو، وهو ما سيكون أيضاً تحولاً في السياسة المالية؟


    في تقديري أنهم سيأخذون بالخيار الأول، مانعين بذلك وقوع حادث كبير. لكن اتحاداً قائماً على الحوالات تظل فيه الحكومات والبرلمانات الوطنية متمتعة بالسيادة الكاملة سيكون غير مقبول من الناحية السياسية. ذلك أن الناخبين في البلدان الدائنة سيطالبون بضمانات سياسية معقولة تستمر بعد أنظمة من قبيل معاهدة الاستقرار والنمو الميتة.


    ويمكن اختزال الخيار الحقيقي في خفض منطقة اليورو إلى أساسها الجيرماني، أو إلى اتحاد سياسي. وفي مقال مقبل، سأوضح ما الذي أقصده باتحاد سياسي. إنه يعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين. وفي الوقت نفسه، فإن اسم اللعبة هو إبقاء الألمان والهولنديين هادئين، والفنلنديين الحقيقيين والجماعات الأخرى خارج اللعبة، والإبقاء على اليونانيين فيها.
يعمل...
X