الأسواق تتجاهل تخفيض الجدارة الائتمانية لفرنسا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأسواق تتجاهل تخفيض الجدارة الائتمانية لفرنسا

    روبن ويجلزويرث وماري واتكينز ورالف أتكينز من لندن

    في غضون أيام من إصرار وزير المالية الفرنسي على أن بلاده "ليست رجل أوروبا المريض"، جردت وكالة موديز باريس من تصنيفها الائتماني الممتاز aaa وقالت إن مزيدا من التخفيض قد يكون في الطريق.

    وألقت وكالة التصنيف الائتماني الضوء على "التحديات الاقتصادية الهيكلية المستمرة"، وذبول القدرة التنافسية، والعجز المالي، والمديونية، والتعرض لأزمة منطقة اليورو، وارتفاع الالتزامات الطارئة التي تم تكبدها من خلال تدابير مكافحة الأزمة.

    وفي الوقت الراهن، يبدو أن المستثمرين يتفقون مع وزير المالية الفرنسي، بيير موسكوفيتشى. فعلى الرغم من التحديات الواضحة التي تواجهها فرنسا، فإن تكاليف الاقتراض بالنسبة لها تقترب من مستويات منخفضة قياسية.

    أدى الخفض الذي قامت به وكالة موديز إلى ارتفاع طفيف في عائدات السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات أمس الأول، لكن هذه الخطوة جاءت متوافقة - إلى حد كبير - مع عائدات مرتفعة تتحرك عكسيا مع الأسعار على سندات الخزانة الألمانية والسندات البريطانية المضمونة ضد المخاطر. وظلت مقايضات العجز عن سداد الائتمان الفرنسي، وهو مقياس لتكلفة التأمين ضد العجز عن السداد، أقل من 100 نقطة أساس، أي نصف المستويات التي كانت في فصل الصيف.

    وحسب تانجاي لو ساوت، رئيس الدخل الثابت الأوروبي في بايونير إنفيستمنت: "هذا الخفض جاء في وقت سابق لما كان متوقعاً، لكنه لم يكن مفاجئاً على الإطلاق". وأضاف: "تحتاج فرنسا إلى إصلاحات، إلا أنها ما زالت بلدا غنيا ومستقرا".

    ينبغي ألا يكون التأثير المباشر في القطاع المالي المحلي كبير أيضا. ويرى ستيف هاسي، رئيس أبحاث ائتمان المؤسسات المالية في إليانز برنشتاين، أن فجوة كبيرة ما زالت موجودة بين تصنيف المقرضين الفرنسيين وتصنيف الدولة، ولا يتوقع هاسي تخفيضا فوريا للبنوك.

    وقال: "إن كريدي أجريكول وسوسيتيه جنرال يقومان فيما يبدو بعمل جيد لترتيب وضعهما الداخلي وتقليص مخاطرهما (...) ويعد بي إن بي باريبا أفضل ائتماني على أي حال".

    وعلى الرغم من ذلك، قد يكون لهذا الخفض أثر سلبي في فرنسا، فهو يؤكد المخاوف على المدى الطويل للعديد من المستثمرين والمحللين.

    وأحد الأسباب الرئيسة وراء استمرار وصول عائدات السندات الفرنسية لمستويات منخفضة جديدة هذا العام هو عمليات شراء كثيفة من قبل البنوك المركزية في الخارج، لا سيما الآسيوية والبنك الوطني السويسري. واستنتج تجيفري كندريك، الخبير الإستراتيجي في بنك نومورا، أن البنك الوطني السويسري يمتلك 48.1 مليار يورو من ديون الحكومة الفرنسية.

    ويمكن أن يضعف الخفض الدعم الذي تقدمه البنوك المركزية. وهذه عادة تؤيد الديون الأفضل تصنيفا، لكن ستاندر آند بورز أيضا حرمت فرنسا من تصنيفها الممتاز في وقت مبكر من هذا العام.

    وقد يكون لحالات تخفيض التصنيف المتعاقبة تأثير ملحوظ في محافظ احتياطات البنوك المركزية. مثلا، قلل الخفض الذي قامت به وكالة موديز نسبة متوسط الديون ذات التصنيف الممتاز (آيه الثلاثية) التي يمتلكها البنك المركزي السويسري من 86 في المائة إلى نحو 70 في المائة، طبقاً لتقديرات كندريك الذي قال في ملاحظة: "على أقل تقدير، من المرجح أن يكون المقصود من الإجراء الذي قامت به وكالة موديز أن يتوقف البنك المركزي السويسري عن شراء الديون الفرنسية من الآن فصاعداً".

    لكن من غير المحتمل أن يكون التأثير حادا، وقد لا يكون لدى البنوك المركزية، والعديد من المستثمرين الآخرين، سوى خيار مواصلة شراء الديون الفرنسية، بكل بساطة بسبب حجم السوق التي تبلغ 1.3 تريليون يورو، وحقيقة أنها ما زالت تقدم على الأقل بعض العائدات.

    وفي منطقة اليورو يمكن لأسواق السندات الألمانية والإيطالية فقط منافسة حجم السوق الفرنسية، لكن الأسواق الألمانية تنطوي على عائدات سلبية على المدى القصير، فيما ما زالت الأسواق الإيطالية منطقة "محظورة" بالنسبة لكثير من المستثمرين المهتمين بالأمان.

    "فرنسا هي سوق السندات الأساسية الوحيدة ذات القيمة الأفضل المتبقية في أوروبا"، كما يقول كريستوفر ماركس، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال المقترض في بي إن بي باريبا. ويضيف: "تستفيد فرنسا فقط من وجودها النسبي".

    لكن الخطوة التي قامت بها وكالة موديز هي تذكير بأن توقعات فرنسا الاقتصادية والمالية على المدى الطويل ضعيفة. ويلاحظ ديتمار هورنونج، كبير مسؤولي الائتمان في وكالة موديز، أن "تكلفة التمويل منخفضة بالنسبة لفرنسا، لكننا نرى هنا أن المخاطر ما زالت متوسطة المدى". ويضيف: "إما أن تتصاعد الأزمة، وفي هذه الحالة من المرجح أن تزيد الفروقات، أو نرى تطبيعا للعائدات، وفي هذه الحالة تزيد تكاليف التمويل".

    وعلى الرغم من أن موسكوفيتشي ألقى باللوم في الخفض على حكومة يمين الوسط السابقة - قل إنها "عقوبة على الماضي" - كانت هناك شكوك بين المستثمرين والاقتصاديين حول حزمة الإصلاح التي دخلت فيها فرنسا مؤخراً.

    وقال جيل مويك، الخبير الاقتصادي الأوروبي في دويتشه بانك: إن التحدي الرئيس هو "إعادة تصميم" البلاد بعيداً عن الطلب المحلي وإنشاء اقتصاد أكثر تنافسية، موجها نحو التصدير. وأضاف: "هذا التحول سيكون صعباً".

    واضطرت أداة الاستقرار المالي الأوروبي، أحد صناديق الإنقاذ في منطقة اليورو، إلى تأجيل بيع سندات لأجل ثلاث سنوات أمس الأول، بعد أن خفضت موديز التصنيف الائتماني لفرنسا، التي تعد من أكبر الداعمين للصندوق.

    وعلى الرغم من أن الخفض لم يكن له سوى تأثير خافت في سوق السندات الحكومية في فرنسا، إلا أن تأجيل بيع سندات صندوق الإنقاذ الأوروبي يؤكد كيف أن منطقة اليورو تعتمد على الوزن الكبير لعدد متناقص من البلدان ذات التصنيف العالي، وذات الوضع الوضع المالي الجيد في وسط أوروبا. وقال صندوق الإنقاذ الأوروبي في بيان له إن تأخر الصفقة كان بسبب ما يسمى "أعمال الضمان" في السندات التي تتطلب تغطية القضايا الجديدة من جانب الدول الأعضاء بتصنيفات مماثلة، أو أفضل من درجة تصنيف الصندوق نفسه.

    ووفقا لكريستوف فرانكل، المدير المالي التنفيذي لصندوق الإنقاذ الأوروبي: "يبدو أن صندوق الإنقاذ الأوروبي سيقدم الطرح المعياري لليورو لأجل ثلاث سنوات بمجرد أن تكون الجهة المصدرة قادرة على تلبية الضمان".

    ويمكن أيضا أن يتأثر صندوق الإنقاذ الأوروبي مباشرة بالخفض الفرنسي. ولا تزال موديز تصنف صندوق الإنقاذ الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبي، وهي صندوق إنقاذ آخر لعموم منطقة اليورو، عند مستوى آيه ثلاثية. ومع ذلك، التوقعات لكل منهما سلبية، إذ يتكهن محللون بإمكانية أن يدفع خفض التصنيف الفرنسي وكالة موديز أيضا إلى خفض تصنيف الصندوقين.

    وعندما خفضت ستاندر آند بورز تصنيف فرنسا في كانون الثاني (يناير) استغرق الأمر ثلاثة أيام قبل أن تخفض تصنيف صندوق الإنقاذ الأوروبي، حسبما قال سياران أوهاغن، الخبير الإستراتيجي في بنك سوسيتيه جنرال.

    وقال ديتمار هورنيونج، كبير مسؤولي الائتمان في وكالة موديز، لـ"فاينانشيال تايمز": "بطبيعة الحال سنقيِّم أثر الخفض (على الكيانات الأخرى ذات الصلة، مثل صندوق الإنقاذ الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبي)". ومع ذلك، لم يشوش تأخير بيع السندات على المستثمرين بشكل غير ملائم، على الرغم من أن عائدات السندات لأجل عشر سنوات، الخاصة بصندوق الإنقاذ الأوروبي، اكتسبت خمس نقاط أساس وجرى تداولها عند 1.92 في المائة، وكان هذا متماشيا مع السوق الأوسع.

    وكان صندوق الإنقاذ الأوروبي أيضا قادرا على جمع ملياري يورو في مزاد سندات لأجل ستة أشهر.
يعمل...
X