حرب العملات تتراجع أمام محاربة التضخم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حرب العملات تتراجع أمام محاربة التضخم

    بلدان العالم الناشئ تعمل واحدا تلو آخر على تخفيف القيود التي حاولت بواسطتها الحؤول دون ارتفاع قيمة عملاتها.

    ولا يعود الأمر إلى أنها تولي القدرة التنافسية لصادراتها اهتماما أقل مما كانت تفعل قبل أسابيع قليلة، بل يعود إلى أنها تهتم الآن بالتضخم أكثر. وفي ظل أسعار السلع الآخذة في الارتفاع، ولا سيما الأغذية والنفط، وتزايد التضخم، يرى المسؤولون أن السماح للعملة بالارتفاع وسيلة جيدة لتخفيف الضغوط.


    هذا التحول المتواضع الذي حدث في الشهر الماضي يستحق أن يُعترف به من جانب بلدان مجموعة بريك ـــ البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، والآن جنوب إفريقيا.


    وآخر بلد تحرك في هذا الاتجاه هو تشيلي التي رفعت سعر الفائدة في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي بنسبة بلغت 0.5 في المائة، وذلك للشهر الثاني على التوالي، وأشارت إلى أنها يمكن أن تمضي إلى أعلى من ذلك ـــ فوق المعدل الحالي البالغ 4.25 في المائة ـــ خلال الأشهر المقبلة. ولأن هذه الخطوة كانت متوقعة، ارتفع البيزو الشيلي بصورة هامشية مقابل الدولار يوم الأربعاء، لكن بسعره البالغ 472.80 لكل دولار يعد أعلى بنسبة 5.5 في المائة مما كان عليه في أول كانون الثاني (يناير).


    كذلك أكدت السلطات الكورية الجنوبية في أوائل هذا الأسبوع أنها تراهن على رفع قيمة عملتها للتخلص من التضخم المتزايد ـــ 4.7 في المائة في آذار ( مارس). وأبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن خففت الحكومة جهودا سابقة للحد من ارتفاع قيمة الوون. ويبلغ سعر العملة الكورية الآن 1.085 مقابل الدولار، أي أنه ارتفع 4.5 في المائة خلال شهر.


    شهدت نهاية الأسبوع أكبر مفاجأة تمثلت في تراجع البرازيل عن قتالها الشرس للحد من رفع قيمة الريال. ولم تفعل السلطات شيئاً لمنع المتداولين من رفع قيمة العملة كي تتخطى حاجزاً نفسياً مهماً مقابل الدولار (1.60 ريال). وسعر الصرف الحقيقي الآن هو 1.58 ريال، أي أعلى 6.5 في المائة مما كان عليه في منتصف آذار (مارس).


    وأثناء ذلك سمح الصينيون الذين ينظر إليهم الأمريكيون باعتبارهم جهة متثاقلة الخطى في رفع قيمة العملة، للرنمينبي بالارتفاع 1 في المائة تقريبا منذ أول كانون الثاني (يناير)، وبنسبة 4.5 في المائة منذ فك ارتباط العملة الصينية بالدولار في الصيف الماضي.


    وبحسب تيرنس ليم، المدير العام لإدارة الأصول في ''جولدمان ساكس'' ''يبدو أن الجميع في الأسواق الناشئة سيكونون عرضة لضغوط مشابهة. إننا نمضي في تعديل عالمي''.


    وهذه ليست ثورة على مستوى السياسات، لكنها تحول مهم. وقبل أشهر قليلة كانت الاقتصادات الناشئة بقيادة البرازيل تتهم الولايات المتحدة بصوت مرتفع، بتخفيض قيمة الدولار بصورة مصطنعة عبر سياسات نقدية متراخية (التسهيل الكمي) وتوجيه ضغوط غير عادلة إلى بلدان العالم الناشئ كي ترفع قيم عملاتها. الآن تلاشى الحديث عن ''حرب العملات'' ويركز صانعو السياسة بدلاً من ذلك على الحرب الأشد حدة ضد التضخم.


    وحتى في تركيا التي خفضت أسعار الفائدة بصورة غير متوقعة في كانون الثاني (يناير)، لتثبيط تدفقات الرساميل المعززة للعملة، يمكن أن تكون الخطوة التالية زيادة سعر الفائدة ـــ مع أنه يكاد يكون من المؤكد أنها لن تتم قبل الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو).


    وبالطبع، رفع قيمة العملة نحو 5 في المائة في هذه الاقتصادات الناشئة لا يمكن له وحده التعامل مع تضخم أسعار السلع، ولا سيما أن أسعار النفط وحدها ارتفعت بما يصل إلى 20 في المائة منذ عام 2010.


    إضافة إلى ذلك، كما حذر صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، أسعار السلع ليست المحرك الوحيد للتضخم في الاقتصادات الناشئة الرئيسية ـــ فهي تأتي على قمة طفرات عقارية محلية ممولة بالائتمان تمثل تهديدات تضخمية خطيرة. وقال الصندوق: ''القضية هي ما إذا كانت (البلدان الناشئة الرئيسية بما فيها الصين، والهند، والبرازيل) تشهد حالة من الازدهار الائتماني الذي ينتهي حتماً بالتراجع الحاد. والدلائل ليست مطمئنة بهذا الخصوص''.


    غير أن رفع قيمة العملة يساعد، خصوصا في البلدان التي أبقت فيها سياسات تشجيع الصادرات القائمة منذ وقت طويل، قيمة العملات عند مستوى متدن بصورة مصطنعة، ولا سيما الصين وكوريا.


    ومما لا شك فيه أن التباطؤ الاقتصادي التالي، في أي وقت حلَّ، سيزيد من الضغوط المتجددة على صانعي السياسة لتعزيز النمو الذي تقوده الصادرات ولوضع قيود على رفع قيمة العملات. وعلى النقيض من الفترة السابقة لأزمة 2008/2009، ربما يكون بعض صانعي السياسة أسرع في استخدام أسلحة متشددة، وبالذات القيود على رأس المال لحماية العملات من التدفقات الرأسمالية الشديدة. إن الإجماع الذي قاده الغرب، والذي أفاد بأن الليبرالية عملية ذات اتجاه واحد، لم يعد بالقوة التي كان عليها.


    لكن على المدى الطويل ارتفاع قيمة العملات أمر مرحب به. فإلى جانب النمو الاقتصادي الفعلي، يساعد الارتفاع شعوب الاقتصادات الناشئة على سد ثغرة الدخل القائمة مع العالم المتقدم ويساهم في إعادة التوازن العالمي.

  • #2
    رد: حرب العملات تتراجع أمام محاربة التضخم

    بارك الله فيك

    تعليق

    يعمل...
    X