لتفادي القطار القادم ينبغي العودة إلى طاولة التفاوض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لتفادي القطار القادم ينبغي العودة إلى طاولة التفاوض




    بما أن خطابي المبارزة انتهيا الآن، من الواضح أن باراك أوباما وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يعانيان آثار الإفراط في الصخبْ في الليلة السابقة. وهو ما يعانيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أيضا. ومشكلة أوباما أنه لا يستطيع أن يوقف شيئا وليس لديه شيء. ومن المرجح أن تقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) قراراً يعترف بالدولة الفلسطينية. وسيضمن هذا تحويل القرار بصورة سريعة إلى قرار لمجلس الأمن لإعلان إسرائيل سلطة محتلة لدولة عضو في الأمم المتحدة.


    وأوباما ملتزم الآن بالتصويت برفض هذا القرار. إلا أن تحدي الدعم الدولي الساحق للفلسطينيين سيثير مشاعر الكُرْه في العالم العربي ضد أمريكا، في الوقت الذي يحاول فيه أوباما تشكيل التحول الديمقراطي هناك. ويمكن أن يؤدي هذا إلى مختلف أشكال العواقب غير المقصودة. والتوتر يتزايد بالفعل في الضفة الغربية وعلى طول حدود إسرائيل مع سورية. ومع مجيء أيلول (سبتمبر) ليس من الصعب تصور عشرات الآلاف من الفلسطينيين يتظاهرون عند نقاط التفتيش الإسرائيلية، في الوقت الذي يقدم فيه النواب المصريون المنتخبون حديثا مشروع قانون لإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل. ويعاني نتنياهو من مشكلة مماثلة. ولعل توبيخه لأوباما في المكتب البيضاوي واستقبال المتملقين له في الكونجرس منحاه ميزة في الاستطلاعات، إلا أن هذا سيتلاشى حالما يدرك الإسرائيليون أن أداءه لم يفد في الحد من عزلتهم المتزايدة. وبحلول أيلول (سبتمبر) سيطالبون بمعرفة لماذا لم يفعل شيئا لتجنب وقوع الكارثة.


    وعباس في مأزق مماثل، فالتهديد بعرض موضوع فلسطين للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة تكتيك مفيد لتكثيف الضغوط على نتنياهو وأوباما. لكن ماذا سيفعل حين يتنبه الفلسطينيون لحقيقة أن الاحتلال العسكري الإسرائيلي لم ينته ويطالبون بمعرفة ''أين دولتنا؟'' وإذا كان جوابه الوحيد هو قرار لمجلس الأمن صوتت عليه أمريكا بالرفض، سيثير هذا خيبة أمل أخرى في رئاسته المشوهة بالأصل. ولهذا يعلن الآن تفضيله مفاوضات السلام المباشرة مع إسرائيل. وقال مبعوثه في واشنطن هذا الأسبوع إنه مستعد للتخلي عن شرطه المسبق المُطالِب بتجميد بناء المستوطنات.


    وحقيقة أن لا أحد كما يبدو يأخذ هذا العرض على محمل الجد، تدل على أن القادة الثلاثة تمكنوا من تشويه سمعة الطريقة المحتملة الوحيدة لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، إلا أن المحادثات لا تزال الآلية الوحيدة التي يمكن أن تنتج نتيجة إيجابية. وقد حان الوقت لمحاولة استئنافها ثانية.


    ويوفر خطاب أوباما نقطة الانطلاق. وعليه أن يتخذ المبادئ التي أعلنها، عن الحدود والأمن، وتحويلها إلى شروط مرجعية لمفاوضات جديدة. وسيكون في حاجة إلى إضافة القدس واللاجئين بحيث يتم التعامل معهما في هذه المفاوضات، وأن يضيف كذلك أن الاتفاقية النهائية ستنهي النزاع وجميع المطالبات، وتوفر اعترافاً متبادلاً بوطنين، يهودي وفلسطيني. وبعد التشاور مع الأطراف، على أوباما أن يعلن خلال الصيف أنه سيدعوهم لاستئناف المفاوضات على أساس هذه الشروط المرجعية بجدول زمني للتوصل إلى اتفاق بحلول اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2012.


    وسيؤدي إصدار هذه الدعوات إلى إرسال رسالة واضحة من الاتحاد الأوروبي وروسيا إلى عباس أنه إذا لم يوافق سيعارضون قرار الجمعية العامة الخاص بالاعتراف بفلسطين (لن يرغب عباس في المضي قدما في هذا التصويت إذا لم تدعمه القوى الرئيسية الأخرى). ويجب حشد جامعة الدول العربية لدعم قرار فلسطيني لاستئناف المحادثات.


    وإذا وافق عباس، سيصعب على نتنياهو أن يرفض. وستكون تلك هي الحالة، خصوصاً إذا قدم أوباما الدعوة بنفسه في زيارة إلى القدس يشرح خلالها للإسرائيليين أن الوقت ليس في مصلحة إسرائيل، وأنه يهتم كثيرا بمستقبل أطفالهم بحيث إنه مصمم على مساعدة الدولة اليهودية على تحقيق سلام آمن. لكن ألن تقدم اتفاقية الوحدة بين حماس وفتح مبررا لنتنياهو لإرسال بطاقة اعتذار؟ إن ميزة الدعوة الأمريكية هي أنها ستجبر جميع الأطراف المعنية على اتخاذ موقف. إذا عارضت حماس استئناف المحادثات لأن الشروط المرجعية تنص على تبادل أراضي والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود دولة يهودية، ستكون عزلت نفسها وأعطت عباس سببا لإلغاء اتفاقية الوحدة. وإذا أذعنت حماس، تكون وضعت نفسها على الطريق نحو قبول شروط اللجنة الرباعية. وهنا يمكن استخدام موقف مصر الجديد راعية لحماس، ودور رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الموالي للإخوان المسلمين، لتحقيق تأثير جيد.


    وهناك سبب وجيه واحد لتفسير إمكانية نجاح هذا النهج في الوقت الذي فشلت فيه الطرق الأخرى: ليس أمام القادة طريق آخر لتجنب القطار القادم. وكلما اقتربنا من أيلول (سبتمبر) زادت قدرتنا على فرض ضغوط حاسمة عليهم للانتقال إلى مسار مختلف.




    الكاتب مدير السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينجز.
يعمل...
X