تقرير من اف اكس سول : تغير الدولار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تقرير من اف اكس سول : تغير الدولار


    تغير الدولار

    شهد الدولار الأمريكي أسبوعًا مميزًا من التعاملات، بل إنه الأفضل منذ شهر يناير الماضي حيث ارتفعت العملة الأمريكية بنسبة 2% أو أكثر مقابل جميع العملات الرئيسية فيما عدا الدولار الكندي الذي ارتفع أمام نظيره الأمريكي بواقع 1.8% فقط.

    كان هناك العديد من العوامل التي دفعت بالدولار الأمريكي للصعود من بينها عمليات جني الأرباح وتسوية الصفقات مع تداولات نهاية العام، مخاوف الدين الحكومي التي تهدد دول الاتحاد النقدي الأوربي، بالإضافة إلى التحسن الشديد الذي حققه الاقتصاد الأمريكي، وربما يكون من بين أسباب الارتفاع ما أقدم عليه الاحتياطي الفيدرالي بصفة مبدأية من سحب برامج التحفيز والتسهيل النقدي التي بدأت مع أزمة الاقتصاد العالمي مستهدفةً دعم أسواق المال. جدير بالذكر أن جميع ما سبقت الإشارة إليه من عوامل سوف تستمر في دعم الدولار بالدخول في عام 2010 فيما عدا العامل الاول.

    ومن المعروف أن شهر ديسمبر يعد موسم انعكاس اتجاهات السوق، وهو ما يحدث نتيجة للسباق الذي يبدأه المتداولون إلى جني الأرباح مدفوعين في ذلك بقناعة تتوافر لديهم بأنهم إذا لم يفعلوا ذلك فسوف يسبقهم غيرهم إليه، لا من منطلق البدء في تكوين اتجاه تسير سوق العملات وفقًا له في العام الجديد. بإيجاز، إذا ما تحركت السوق في اتجاه واحد على مدار الأشهر السابقة لشهر ديسمبر، فتوقع تحول جذري لهذا الاتجاه خلال الشهر الأخير العام. كما يمكن أن يحدث هذا التحول بغض النظر عن الاعتبارات الاقتصادية واعتبارات الفائدة، التي على أغلب الظن لن تتعرض للتغيير في المستقبل القريب.

    ويعد العام الماضي خير مثال على ذلك، فقد بدأ اليورو في الهبوط مقابل الدولار الأمريكي منذ يوليو 2008، وتحكمت تدفقات الملاذ الآمن المتجهة إلى الولايات المتحدة في مجريات الأمور في سوق العملات، خاصةً في أعقاب انهيار ليمان برازرز في سبتمبر من نفس العام. رغم ذلك، عاد اليورو في أوائل ديسمبر ليحقق ارتفاعًا حادًا بواقع 17% في أسبوعين. ولم يكن هذا الارتداد العنيف قاعدة ينطلق منها أي تحول طويل الأجل للعملة الأوروبية الموحدة في يناير حيث عادت إلى الهبوط مرة أخرى على مدار الربع الأول من 2009 ليستمر ذلك حتى صعودها مرة ثانية في أوائل مارس من نفس العام. ولم ينتج عن قفزة الدولار الأمريكي في ديسمبر سوى القليل من التغيرات الجوهرية التي تعرضت لها العملة و بالأسواق المالية، إلا أنها كانت، على الجانب الآخر، عاملًا أساسيًا في أوضاع سوق العملات وأوامر وقف الخسائر.

    ولم يكن ارتداد شهر ديسمبر من العام الماضي مستَغْرَبًا على الإطلاق حيث بدأ اليورو في الارتفاع في 2008 منذ أغسطس ليصل ارتفاعه إلى ذروته في منتصف نوفمبر منتقلا إلى الهبوط ببداية من النصف الأول من ديسمبر، لينهي الشهر بالقرب من المستويات المنخفضة التي بدأه بها. كما تكرر هذا النموذج الانعكاسي في الأعوام 2005، 2006، 2007 لتشهد هذه الأعوام تحركات ارتدادية مماثلة خلال شهر ديسمبر أيضًا. لذا يمكن القول بأنه نموذج ثابت. رغم ذلك، حدث وأن استمر اليورو في اتجاهه الصاعد على مدار شهر ديسمبر من عامي 2003 و 2004 محافظًا على الارتفاع حتى بداية العام الجديد. ولكن بالنسبة للمتداولين الراغبين في الحفاظ على أرباح هذا الشهر الأخير من العام، تقع التحركات الدفاعية على جانب كبير من الأهمية.

    وتعد المشكلة الأكبر التي تُثقل كاهل اليورو بالمزيد من المتاعب هي أزمة الدين الحكومي بدول الاتحاد النقدي الأوروبي، والتي لاقت قدرًا كبيرًا من الاهتمام خلال الأسبوع الماضي. وبات واضحًا أن اليونان تليها إسبانيا وأيرلندا والبرتغال تواجه عجز في الموازنة بواقع يزيد على القدر المنصوص عليه في معاهدة الاستقرار المالي والبالغ 3%. مع ذلك، تركز السلطات النقدية بالبنك المركزي الأوروبي على مخاوف أكثر خطورة وهي أن تجاوز الأزمة الاقتصادية وتحقيق قدر معقول من الكفاءة المالية في دول الاتحاد النقدي الأوروبي من الأمور التي تواجه عقبة كئود تتمثل في الركود العنيف، الضوابط الاقتصادية الهيكلية الصارمة والضوابط السياسية التي تتدخل في الشأن الاقتصادي المشترك لدول الاتحاد. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة ليست عضوًا بالاتحاد النقدي الأوربي، إلا ما أصاب اقتصادها من تدهور أضاف إلى الحمل الواقع على كاهل منطقة اليورو بسبب الأزمة الاقتصادية.

    جدير بالذكر أن الدين الحكومي لليونان هبط تصنيفه إلى أدنى المستويات في أسبوع واحد منذ شهر يناير الماضي وذلك بعد أن خفضت وكالة التصنيف الائتماني، ستاندرد آند بورس، تصنيف الدين الحكومي لليونان يوم الأربعاء الماضي إلى التصنيف bbb+، وهو ثالث أدنى تصنيف استثماري. كما خفضت وكالة فيتش هي الأخرى من التصنيف الائتماني لليونان في وقت سابق من هذا الشهر. وارتفعت عائدات السندات الحكومية اليونانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ شهر إبريل لتصل إلى 5.77%. كما اتسع الفارق بين السندات الحكومية الألمانية- المناظرة لسندات الخزانة الأمريكية في منطقة اليورو- على نحو بسيط، ليصل إلى 265 نقطة أساس، وهو الفارق الأكبر منذ شهر إبريل. ومن المتوقع أن تخفض وكالة موديز- ثالث أكبر وكالات التصنيف الائتماني- من تصنيفها للدين الحكومي اليوناني في غضون بضعة أسابيع.

    تجدر الإشارة إلى أن اليونان لديها عجز الموازنة الأعلى مقارنةً بنسبة الناتج المحلي الإجمالي بالدول الأعضاء بالاتحاد النقدي الأوروبي حيث وصل العجز إلى 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومن المعروف أن الحد الأقصى الرسمي بالنسبة للدين الحكومي يقف عند 3%، كما هو منصوص عليه في معاهدة الاستقرار المالي المعروفة باتفاق ماستراخت، والتي أرست بدورها الشروط التي يتعين على حكومات الدول تلبيتها للانضمام إلى الاتحاد النقدي الأوروبي. إلا أن ألمانيا وفرنسا تجاوزت هذا الحد منذ سنوات عدة. لذا، فإن نفاذه وفاعليته كانت دومًا موضع شك بالنسبة لهاتين الدولتين. ومع ذلك، لم يكن أبدًا حجم الدين اليوناني هو الذي هز الأسواق حيث تمثلت الصدمة الحقيقية للأسواق في وصول الدين الحكومي باليونان إلى ضِعف ما تم اعترفت به البلاد في وقت سابق. وقد كشفت حكومة جورج بابندرو الاشتراكية المنتخبة حديثًا النسبة البالغة 12.7%. في الوقت الذي كانت حكومة الديمقراطية المحدثة السابقة والتي تنتمي إلى صفوف يمين الوسط تزعم أن حجم الدين 6.7%.

    مما سبق يتضح مدى الضعف الهيكلي الذي ألم بالعملة الأوروبية الموحدة. فاليورو عملة موحدة تستخدم في كل دولة من دول الاتحاد النقدي الأوروبي وتخضع لنفس معدل الفائدة، على الرغم من ذلك، تخضع كل دولة من هذه الدول للتقييم والتصنيف الائتماني واختبار مدى السلامة والكفاءة المالية على أساس فردي مع اتساع الفارق بين هذه الدول فيما يتعلق بهذه الشئون. فلليونان الحق في إصدار سندات حكومية باليورو، إلا أن هذه السندات لا يمكن أن تتمتع بنفس معدل الفائدة المطبق على السندات الحكومية الألمانية وذلك لأن الأوضاع المالية والسياسية في اليونان تختلف تمامًا عن الأوضاع مثيلاتها في ألمانيا مما يجعل سندات كلتا الحكومتين أدوات مالية مختلفة تمامًا عن بعضها البعض على الرغم من التبعية المشتركة للاتحاد النقدي الأوروبي. على ذلك نتوصل إلى أن دول الاتحاد النقدي الأوروبي تشترك في السياسة النقدية ليس إلا.

    وعلى صعيد الولايات المتحدة، يبدو وأن برنانك ليس على استعداد في الوقت الراهن لإعلان إطار واضح لخطة فعالة لامتصاص تريليونات الدولارات التي أغرق بها الفيدرالي الاقتصاد الأمريكي. على الرغم من ذلك، لم يفوِّت الفرصة في تذكير الأسواق بأن تدفقات- السيولة الناتجة عن التسهيل النقدي سوف تتوقف وتتبدد نهائيًا في آخر فبراير القادم عندما يتم وقف عدد من برامج السيولة. وفي إطار بيان الفائدة الصادر عن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، أوضح الفيدرالي طريقته التي سوف يتبعها في وقف هذه البرامج مذكرًا الأسواق بأنه بصدد الخروج من المستنقع النقدي الذي سقط فيه منذ بداية الأزمة وبرامج التسهيل وإجراءات التحفيز. ونود الإشارة إلى أن وقف هذه البرامج لا يمثل في حد ذاته خبرًا جديدًا جديرًا بالاهتمام، فالأهم هو الموعد الذي تتوقف فيه تدفقات السيولة التي يضخها الفيدرالي في الأسواق وهوما لم يحدده رئيس الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن.

    جدير بالذكر أيضًا أن قراءات التضخم الأمريكي، مؤشري أسعار المستهلك والمنتج الأمريكي، قد وضعت يدها على مخاطر جديدة تلوح في الأفق. ففيما يتعلق بمؤشر أسعار المنتجين فارتفع إلى مستوى 1.8% في نوفمبر، وهو نفس الرقم الذي وصلت إليه القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي في نفس الشهر مما نتج عنه حالة من عدم الارتياح عند دخول تريلليونات الدولارات التي ضختها برامج الفيدرالي في حساب معادلة الأسعار. في نفس الوقت، جاءت قراءات الإنتاج الصناعي، استغلال القدرات والمؤشرات الرائدة لتظهر قدرًا أكبر من القوة مقارنةً بالتوقعات. وحتى مع الارتفاع المعتدل في معدل النمو والذي من المحتمل أن يدفع معدل التضخم لأعلى وسط أوضاع يسودها إغراق الأسواق بالسيولة بشكل غير مسبوق وضعف الدولار، نرى أنه من الممكن أن يتجاوز معدل التضخم الحد الصحي الملائم لحالة الاقتصاد الأمريكي. وحتى مع الارتفاع الأخير للدولار، لا زال الدولار تحت المستويات التي حققها مقابل اليورو بواقع 30% مقارنةً بمستويات الربع الثاني من 2003.

    ومن الجدير بالذكر أن العوامل الداعمة لارتفاع الدولار الأمريكي سواءاً على مدار الأسبوع الماضي أو على على مدار الشهر الجاري لن تزول في بداية العام الجديد. فالموقف بالنسبة لمشكلات التصنيف الائتماني وتصنيف الدين الحكومي في منطقة اليورو لن يزداد إلى سوءاً بدلًا من أن يتحسن. كما تشير أغلب التكهنات إلى أن التحسن في البيانات الأمريكية سوف يستمر على نفس الوتيرة البطيئة. علاوة على استمرار برنانك في التشديد على أن مأدبة الغداء المفتوحة لسياسة التسهيل النقدي انتهت دون تحديد أي إطار زمني لذلك. يبقى لدينا بعد ذلك عامل واحد فقط من المنتظر أن يزول بنهاية العام الجاري حيث يعتبر هذا العامل هو الاستثناء الوحيد منتبين العوامل الداعمة للدولار الذي سوف يختفي أثره بالدخول في 2010.
    بسم الله ما شاء الله , لا حول و لا قوه الا بالله
يعمل...
X