آن لاسكتلندا أن تنتقل من الطفولة إلى طور البلوغ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آن لاسكتلندا أن تنتقل من الطفولة إلى طور البلوغ

    قبل أربع سنوات أصبح الحزب الوطني الإسكتلندي، بفارق مقعد واحد، أكبر حزب في البرلمان الإسكتلندي وشكل حكومة أقلية. وتشير استطلاعات الرأي إلى ارتفاع تمثيل الحزب الوطني بعد انتخابات الأسبوع الماضي، لكن سيظل الحزب رغم ذلك قاصراً عن تحقيق أغلبية عظمى.

    حين بدأت الحملة الانتخابية كان حزب العمال الإسكتلندي متقدماً بصورة لا بأس بها في استطلاعات الرأي. لكن تغيرت النوايا حين ذُكِّر الناخبون بأن زعيم الحزب الوطني، ألِكس سالموند ـــ ولعله أكفأ السياسيين البريطانيين في الوقت الحاضر ـــ هو وزير أول موثوق لاسكتلندا وأدركوا أن خصمه، إيان جري من حزب العمال، ليس موثوقاً. لم يكن الجدل حول القضايا، وبالتأكيد لم يكن حول القضية الوحيدة التي تميز الحزبين، وهي المطالبة بالاستقلال التي تعطي الحزب الوطني سبب وجوده. لكن إذا كان الموضوع الرئيسي هو من الذي ينبغي أن يكون قائد العصابة في ملعب مدرسة السياسة الإسكتلندية، فإن سالمون المشاكس متقدم كثيراً على رجل كريم يفتقر إلى الشخصية العامة.


    لكن آن الأوان لسياسة برلمان متقدم، له من العمر 12 عاماً، أن ينتقل من طور الطفولة إلى المراهقة والبلوغ. لقد كانت عملية بطيئة، ولا بد أن يقع معظم اللوم على الطفولة المدللة. منذ فترة طويلة والإنفاق على الصحة والتعليم في إسكتلندا يكلف ما بين 10 و15 في المائة بالنسبة للفرد زيادة على مستوى الفرد الإنجليزي، دون أن يكون هناك فرق ملحوظ، بل إن نسبة الأمراض ومعدلات الوفيات والفترة الطويلة للبطالة بين الشباب في أجزاء من غربي إسكتلندا تبلغ من السوء مثل أي مكان آخر في أوروبا. وكان الأثر المترتب على بذخ الإنفاق من جوردون براون، الذي تُرجِم إلى زيادة في المنحة العامة من الحكومة المركزية إلى الحكومة الإسكتلندية، هو زيادة النفقات بأكثر من 50 في المائة بالمعدلات الحقيقية في السنوات السبع الأولى من عمر البرلمان المستعاد.


    والنتيجة هي أن الاختلافات في السياسة بين إسكتلندا وبقية المملكة المتحدة لا تعكس الاختلافات في الظروف ـــ بل لا تزيد على إنفاق الأموال العامة لأغراض شعبوية، مثل الدراسة الجامعية المجانية وإلغاء رسوم المرور على الجسور. وبالتالي فإن خط ترام إدنبره، الذي لا يزال غير مكتمل، يعتبر نصباً تذكارياً على نظام لا يزال يَجهَد لتحقيق الحصافة في الميزانية أو الحكمة في الإنفاق.


    لا بد أن تكون السنوات القليلة المقبلة مختلفة عما سبق. فالخلفية الاقتصادية ليست حميدة كما كانت الأمور في السابق، إذ تخيم عليها ظلال انهيار البنكين الرئيسيين في إسكتلندا. أما المنحة العامة، التي تزود إسكتلندا بجميع الموارد المتاحة للحكومة الإسكتلندية، فإنها تتعرض للاستنزاف بسبب التقشف من الحكومة البريطانية. وفي الوقت نفسه يدخل حيز التطبيق نظام مالي جديد لتحديد المخصصات لإسكتلندا.


    برزت هذه الخطة من لجنة كالمان، وهو تحقيق غريب مدعوم من المعارَضة (المناهِضة للحزب الوطني الإسكتلندي) في هوليرود ومن حكومة (العمال) البريطانية. وهي تستبدل جزءاً من المنحة العامة بمخصصات تستند إلى حسابات افتراضية حول المبالغ التي يمكن لاسكتلندا أن تجمعها من ضرائب معينة. هذه الخطة تحل محل ''الضريبة الإسكتلندية المتغيرة''، التي تعطي الحكومة الإسكتلندية الصلاحية لتغيير مستوى ضريبة الدخل في إسكتلندا التي تشتمل عليها تسوية نقل السلطات الأصلية. لكن لم تكن هناك نية قط لاستخدام هذه الصلاحية.


    لا يستطيع أي شخص أن يتصور أن هذه الإجراءات تزيد على كونها مؤقتة. بالتالي هل ستذهب المراهقة المبدئية لتخلي مكانها للبلوغ المستقل؟ وفوز الحزب الوطني الإسكتلندي لن يغير الحقيقة القائلة إنه لا توجد أغلبية في إسكتلندا من أجل الاستقلال وليست هناك فرصة للحصول على هذا الاستقلال. لكن مزيدا من الاستقلال الذاتي بالنسبة للقدرة على تحصيل الضرائب والقدرة على الاقتراض هو أمر مرغوب، لأن الحرية التي ترافقها مسؤولية من هذا القبيل هي الجواب الوحيد على قدرة الإسكتلنديين على الرد على الإحباط عن طريق الشكوى من الظلم.


    بهذا القدر الأكبر من الاستقلال الذاتي الاقتصادي، فإن الاستقلال بالنسبة لبلد صغير في عالم اليوم إنما هو مسألة رموز ـــ أي الأعلام والسفارات والجيوش التي لن تستطيع قط التصرف من جانب واحد ـــ وليس مسألة تتعلق بالجوهر. كان القتال في معركة بانوكبيرن (معركة جرت في عام 1314م انتصر فيها الإسكتلنديون على الإنجليز) يدور حول قضايا لا مجال لها اليوم. وتستطيع بلجيكا تسيير أمورها دون حكومة وطنية لأن كثيرا من القضايا المهمة للناس تتم معالجتها إما من قبل جمعيات محلية، وإما هيئات على مستوى إقليمي، مثل الاتحاد الأوروبي أو الناتو. هذه الأيام بإمكاني أن أكون مواطناً إسكتلندياً أو بريطانياً وأوروبياً – وأتوقع أن أظل هذه الثلاثة معاً.




    الكاتب عضو في مجلس المستشارين الاقتصاديين للحكومة الاسكتلندية منذ عام 2007.
يعمل...
X