تايوان ليست عظمة يلقى بها للصين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تايوان ليست عظمة يلقى بها للصين

    هل ينبغي على واشنطن أن ترمي للكلب الصيني عظمة تايوانية؟ هذا هو جوهر تيار خفي هادئ، لكنه ممعن في الفكر الأمريكي: تايوان الصغيرة تلك – التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة فقط – هي عامل توتر كبير في العلاقات الصينية الأمريكية. وبدلاً من إزعاج الصين باستمرار عبر التعهد بالدفاع عنها، هكذا يستمر الجدل، ينبغي أن تتخلى الولايات المتحدة بهدوء عن التزامها القائم منذ أمد طويل تجاهها.

    الخلاف الأمريكي الصيني أبرز ما يكون عندما تشحن واشنطن أسلحة إلى تايوان. فحين باعت الولايات المتحدة طائرات هليكوبتر وصواريخ باتريوت قيمتها 6.4 مليار دولار لتابييه في العام الماضي، تفاجأ كثيرون من رد فعل بكين الشديد. فقد اتهمت واشنطن ''بمعاملتها كعدو'' وألغت الاتصالات العسكرية بين البلدين، الأمر الذي حمل وزير الدفاع الأمريكي، روبرت جيتس، إلى اتهام بكين بجعل العلاقات الأمريكية الصينية رهينة ''للأجواء السياسية'' في تايوان.


    إن وجهة النظر القائلة إن الأمر لا يستحق هذا الجدل موضحة بإسهاب في العدد الأخير من مجلة ''فورين أفيرز''. ففي مقالة بعنوان ''هل يؤدي صعود الصين إلى الحرب''؟ (الجواب: ليس بالضرورة)، يقول تشارلز جليسر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، إن على الولايات المتحدة أن تنظر في الانسحاب من التزامها تجاه تايوان''. ويضيف أن من شأن ذلك أن يزيل ''أوضح النقاط وأشدها إثارة للخلاف'' بين البلدين. وبدلاً من حث بكين والضغط عليها من أجل تقديم مزيد من التنازلات، بشأن الأراضي المتنازع عليها مع اليابان، مثلاً، كما يقول، فإن سياسة ''التخلي عن'' تايوان – وهذه كلماته وليست كلماتي – ستعمل على الأرجح على تشجيع الصعود السلمي للصين.


    هذا نقاش أكاديمي مثير للاهتمام، لكن الأمر أكثر من ذلك. وهناك بعض الأدلة على أنه ربما كان يؤثر على سياسة الولايات المتحدة. ففي عام 2006 حددت إدارة جورج دبليو. بوش التزامها تجاه تايوان عبر زجر تشين شويبيان، رئيس الجمهورية الصيني في ذلك الوقت، الذي كان حديثه عن الاستقلال يسبب الرعب في واشنطن بقدر ما كان يسببه في بكين. وصرح روبرت زوليك، نائب وزير الخارجية آنذاك، بأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تشجع عبث تايوان بالاستقلال، لأن ''الاستقلال يعني الحرب''.


    وبعيداً عن تزويد تايوان بأحدث الأسلحة، فإن الولايات المتحدة ربما كانت تحرم تايبيه من المعدات العسكرية التي تحتاج إليها. ففي هذا الشهر قال مجلس الأعمال الأمريكي التايواني إن الأسلحة المباعة لتايوان قديمة وغير كافية. وأشار إلى أن عملية البيع التي تمت عام 2050 والتي سببت تلك الضجة، كانت إنجازاً متأخراً لصفقة تم إبرامها عام 2001. وقال التقرير إن الولايات المتحدة تعطي انطباعا بأن التزامها بالدفاع عن تايوان آخذ بالتلاشي.


    وحتى جيتس كان أقل تحديداً بشأن بيع الأسلحة إلى تايوان حين قال: ''مع الوقت، إذا تغيرت الظروف واستمرت العلاقة بين الصين وتايوان في التحسن وتغيرت الأحوال الأمنية بالنسبة إلى تايوان، عندها ربما يعمل ذلك على إيجاد الظروف الملائمة لإعادة النظر في كل هذا''.


    وهناك ثلاثة أسباب رئيسية لهذا الالتزام المتذبذب: أولاً، التوازن العسكري في مضيق تايوان مال لصالح الصين بشكل حاسم. وفي مقابلة مع ''فاينانشيال تايمز'' هذا الشهر، اعترف حتى رئيس جمهورية تايوان، ما ينج جيو، بأنه لم يعد لدى تايوان الوسائل لإشغال الصين في سباق على الأسلحة.


    ثانياً، هناك ببساطة كثير مما هو في خطر على صعيد العلاقات الأمريكية الصينية. فمع سعي واشنطن للحصول على تعاون الصين في كل شيء، من انتشار الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط، فإن إضعاف موقفها عبر المجازفة فيما يتعلق بتايوان، يبدو نسبياً أقل معقولية. وأخيراً، تحسنت العلاقات بين تايوان والصين تحت رئاسة ما لدرجة يبدو معها الدفاع عن تايوان أقل إلحاحاً. فقد وقعت تايبيه اتفاقية مهمة للتجارة الحرة مع الصين وضاعفت علاقاتها السياحية والتجارية معها كثيراً.


    يجب أن تكون جاذبية السياسة الواقعية قوية، لكن لا ينبغي للمرء أن يقلل من أهمية تايوان ولا من تحولها اللافت للنظر من دولة فاشستية إلى ديمقراطية قوية. إن مجتمع تايوان التعددي فيه دحض حي للرأي القائل إن الثقافة الصينية معادية للديمقراطية. ومن المؤكد أن التايوانيين يعتبرون هذه الإنجازات عزيزة عليهم. ورغم جاذبية التاريخ المشترك ونجاح الصين الاقتصادي، فإن الغالبية الكبيرة من التايوانيين يظلون مناهضين بعناد لتوحيد البلدين. إنهم يتحدثون عن شيء مهم جداً: تايوان ليست عظمة يلقى بها في طريق الصين. إنها جوهرة.
يعمل...
X