ارتفاع أسعار الفائدة آت لا محالة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ارتفاع أسعار الفائدة آت لا محالة




    ربما يتبين، أو لا يتبين، أن القفزة الأخيرة في عوائد السندات الحكومية ستدوم طويلاً، لكنها تطرح سؤالاً أوسع. إن أسعار الفائدة تتراجع عالمياً منذ 30 عاماً. وعاجلاً أم آجلاً ستبدأ بالارتفاع مرة أخرى. فكيف يمكن أن يؤثر هذا على سلوك الشركات والسلوك الاستثماري؟هذا يعتمد على السبب وراء مثل هذا السلوك: انتعاش التضخم، لنقل، أو تحول في الموازين بين المدخرات والاستثمار.تم اقتراح الأمر الثاني في ورقة صادرة عن مكينزي، تقول إن الطلب الاستثماري في العقدين المقبلين من جانب الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة الكبيرة سيفوق المدخرات العالمية. وكل ذلك يخدم كإطار للتفكير في العواقب.لنبدأ بوضع الجدل الدائر حول التضخم/الانكماش جانباً ونأخذ فرضية مكينزي التي تقول إن أسعار الفائدة سترتفع بالمعدلات الحقيقية. ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للاستراتيجية الاستثمارية؟تقول مكينزي إنه سيكون جيداً بالنسبة للسندات وسيئاً للأسهم. يبدو أن هناك تناقضاً في ذلك، لأنه يعني أن كلتا فئتي الموجودات هاتين كانت تتصرف على النحو نفسه عند ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاضها.ومع ذلك هذه الجدلية جدلية طويلة المدى، إذ يُدّعى أن جاذبية السندات في العالم الجديد تتمثل في عائدها العالي جداً. لكن الوصول إلى ذلك الوضع سيؤدي إلى انخفاض شديد في قيمة السندات الموجودة. وإذا استمر ذلك لوقت طويل، فقد يتشكل لدى المستثمرين التحيز المترسخ نفسه ضد السندات، الذي يشعرون به ضد الأسهم حالياً.

    الحجة التي تساق ضد الأسهم واضحة بما فيه الكفاية. ذلك أن ارتفاع أسعار الفائدة يعني أن معدلات الحسم ستكون أعلى، وبذلك تكون القيمة الحالية للتدفقات المالية على الشركات مستقبلاً أقل. لكن مرة أخرى، ربما يكون الواقع أكثر تعقيداً. وتتوقع مكينزي أن يكون هناك إنفاق ضخم على البنية التحتية وعلى العقارات في ظل حاجة الصين إلى ما يساوي حجم مدينة نيويورك كل عامين، وحاجة الهند إلى ما يساوي حجم مدينة شيكاغو سنوياً.إذا كان ذلك صحيحاً، فإنه يعني أن الشركات القادرة على الاستفادة من هذه الظاهرة ستهيمن على البورصات. وستتلاشى الشركات الأخرى بالمقارنة معها، لكن بعد أن تستكمل عملية التعديل، فإن مؤشرات الأسهم قد تعكس موجة من النمو.ماذا عن السلع؟ هناك حاجة إلى توخي الحذر. فقصة الصين ليست جديدة، رغم أن مكينزي تستشف استنتاجات جديدة منها. بالنسبة للسلع، ينبغي أن تكون القصة في الأسعار. ومع مرور الوقت يصبح إنتاج السلع واستخدامها أكثر كفاءة – في البلدان النامية خاصة.في ضوء ما قلناه، دعونا ننتقل إلى سؤال أوسع وربما كان أكثر أهمية: كيف يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة على سلوك الشركات؟ لقد انتجت ثلاثة عقود من تراجع أسعار الفائدة مجموعة من العادات والافتراضات التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها.سوف تتعرض الشركات التي تعمل في الصناعات التي تتطلب قدراً كبيراً من رأس المال إلى مزيد من الضغط لرفع إنتاجية رأسمالها – أي الناتج لكل دولار مستثمر. والشركات التي توجد لديها تدفقات سائلة إيجابية، كشركات تجارة التجزئة في قطاع المواد الغذائية، ستستفيد في الجانب التشغيلي، بينما ستكون هناك قيود على خططها التوسعية.وكما تقول مكينزي بشكل معقول، هياكل الميزانيات العمومية ستتغير. والزيادة العالمية الملحوظة في الدين قصير الأجل منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي لا بد أن تنعكس. ذلك أن تكرار إعادة التمويل يمثل خطراً له ما يبرره فقط إذا كانت تكلفة الدين تنخفض باستمرار.وبالفعل، سيكون هناك مزيد من الضغط العام لاستبدال الأسهم بالدين. وقد تتبع ذلك عدة أمور. ففي عالم يعاني نقصا في المدخرات ستضاعف الشركات جهودها لإقامة علاقات طويلة المدى مع صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد وما شابهها. ويمكن أن يكون لهذا بدوره آثار مهمة على الإدارة. وربما يجعل مجالس الإدارة أيضاً أقل حرصاً على معايير الأداء التي تدفعها نحو مستويات دين أعلى، كربح السهم الواحد. وربما تعيد الحكومات النظر في نهاية المطاف، في نزوعها المؤيد للمديونية، المتمثل في منح إعفاءات ضريبية على الفائدة المترتبة على الدين.ماذا عن البنوك؟ كما تقول مكينزي، احتمال ارتفاع الطلب العالمي على الاستثمار بالنسبة للمدخرات يعني انخفاض منحنى العوائد. وهذا يجعل خدمات التجزئة المصرفية وخدمات المصرفية التجارية أكثر جاذبية لأنها تزيد الأرباح على تغيير آجل الاستحقاق – أي الاقتراض لأجل قصير والإقراض لأجل طويل.وسيصبح أي نشاط مصرفي استثماري يتطلب رأسمال أقل شعبية حتى، خاصة إذا أضيفت إليه متطلبات رأس المال التي تقضي بها معاهدة بازل الثالثة. وسيزداد حال شركات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط فقراً بسبب المديونية.متى يمكن أن يبدأ كل هذا في الحدوث؟ تتوقع مكينزي حدوث ذلك بعد خمس سنوات من الآن، على افتراض أن التضخم، أو التبذير الحكومي لن يبدآ بدحرجة الكرة مبكراً. لكن إذا لم يحدث انكماش عالمي، أو انهيار اقتصادي، فإن ذلك آت بالتأكيد مثلما يأتي عيد الميلاد.

    (حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم)

يعمل...
X