ما زال يوجد كثير من الأسباب المستترة للأزمة التالية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما زال يوجد كثير من الأسباب المستترة للأزمة التالية

    كم سيمضي من الوقت قبل أن نواجه أزمة مالية جديدة؟ في العادة، أية صدمة قاسية للنظام المالي تقلل الشهية للإقدام على المخاطر إلى فترة معتبرة من الوقت. وينبغي خلال هذه الفترة أن تتعافى الاقتصادات، ويعاد بناء رأسمال البنوك بشكل أساسي، ويتم سداد الديون. ويمكن أن يستغرق ذلك عشر سنوات أو أكثر. ويجب أن تتقدم الاقتصادات كثيراً قبل أن يتجدد تخمر المشاكل.

    لكن إذا كانت المكونات الأساسية لأية أزمة مالية هي التفاؤل غير المحدود، والاستدانة بشكل مفرط، والأصول المبالغ في تسعيرها، فإننا عندئذ في موقف خطير فعلياً بعد أقل من ثلاث سنوات على انهيار ليمان براذرز.


    لنأخذ في الاعتبار حالة أسواق الأصول، حيث تبقى أسعار السلع منتفخة للغاية، على الرغم من النكوص الذي لحق بالفضة، وانتشر لاحقاً ليشمل الأسواق الأخرى. وتبدو الأسعار في أسواق ديون حكومات العالم المتقدم مرتفعة بدرجة كبيرة في ضوء الرد البطيء على العجوزات اللولبية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. ورغم انهيار أسعار المنازل في الولايات المتحدة، إلا أنها تبدو في المملكة المتحدة مرتفعة للغاية، مقارنة بالعوائد.


    وفي قطاع الأسهم، لدينا فقاعة إنترنت جديدة، إذ يتم تداول أسهم فيسبوك، ولينكد ـ إن، ورنرن بمضاعفات غير منطقية من العوائد. وبالنسبة إلى أسواق الائتمان، فإن معايير الإقراض تتراجع، وعادت عمليات الإقراض بالاتفاقيات التي لا تتضمن الشروط الحمائية المعتادة.


    ويعود سبب ذلك إلى حد كبير إلى إجراءات البنوك المركزية في العالم المتقدم، التي يهدد رد السياسة النقدية الخاص بها على أحدث أزمة، بزرع بذور أزمة جديدة، مثلما فعلت سياسة الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة بعد انفجار فقاعة الإنترنت. وفي غضون ذلك تبقى البنوك ضعيفة. وفي حين تم تحقيق تقدم متواضع في تقليص المديونية، إلا أن نظام رأس المال الذي تقترحه ''بازل 3'' يبدو غير مناسب لأي جهة كانت، فيما عدا المتفائل بغير حدود والمصرفي.


    وما زال العالم المتقدم مشلولاً بسبب الديون، وكان الرد على أزمة الديون السيادية الأوروبية مجرد قضية تدخل ببساطة. ومثلما قلت شخصياً قبل عام، أثناء تقديم أول حزمة إنقاذ إلى جنوبي أوروبا، فإن صانعي السياسة يقدمون حل سيولة لمشكلة ملاءة. ويواصلون القيام بذلك، كما أن معالجة المراحل المتعاقبة في هذا المأزق المالي اتسمت بغياب الواقعية، الأمر الذي توِّج بالإنكار غير المنطقي، الذي حدث في الاجتماع الأخير لوزراء المالية في لوكسمبورج.


    والمذهل بالمثل، هو الرد التنظيمي غير المناسب على أحدث أزمة. وأية محاولة لتقييم حالة جهود الإصلاح يجب أن تبدأ من النقطة التي تحمل عندها الزيادة في نسب رأس المال حصة غير متناسبة من العبء. وفي حين أن الزيادة أمر مرغوب، إلا أن مساوئها تتمثل في منح البنوك حافزاً إضافياً لجرف العمل بعيداً عن الميزانية العمومية. وبينما تتبع المملكة المتحدة خطاً أشد في محاولة تقييد عمليات التجزئة المصرفية، إلا أنني شخصياً أخشى ألا يكون السياسيون قادرين على مقاومة إغراء إنقاذ أذرع المصرفية الاستثمارية للبنوك الشاملة التي تواجه مشاكل.


    وفي الولايات المتحدة يبدو أن السياسيين الجمهوريين مصممون على حل قانون دود– فرانك، والتأكد من حرمان هيئة الأوراق المالية والبورصات وهيئة تداول العقود الآجلة في السلع من أية موارد لتنفيذ واجباتهما بموجب التشريع الجديد. وكذلك تعمل الضغوط الغاضبة من جانب البنوك الاستثمارية على محو سلطة قانون فولكر الذي من المفترض أن يمنع المقامرة بحساباتها الخاصة.


    وربما كان مصدر القلق الأكبر هو التركيز المتزايد لأعمال المصرفية الاستثمارية والشاملة بين عدد قليل من المؤسسات المالية المهمة على مستوى النظام برمته، بما فيها تلك التي تهيمن على قطاع عمل المشتقات الغامض الذي تعتبر أجزاء منه عالية السُمية. وتعتبر الخطوات لتنفيذ المزيد من قطاع العمل هذا من خلال نظير مركزي، منطقية تماماً. ومع ذلك، حسبما يشير بيتر نورمان في كتاب جديد حول هذه الناحية من ضبط المخاطر، فإن وضع نظير مركزي في الواجهة الأمامية لامتصاص المخاطر الشاملة يثير سؤالا حول ما يمكن أن يحدث لو أن النظراء المركزيين أنفسهم فشلوا.


    ويقتبس نورمان ما قاله باتريك بيرسون، رئيس وحدة البنية التحتية لأسواق المال في مفوضية الاتحاد الأوروبي، بأن فشل دار المقاصة يمكن أن يطلق العنان ''للمعركة المالية الفاصلة''*. وبناءً عليه، يمكن إثارة مشكلة أكبر من أن يفشل على مستوى آخر. وفي الوقت ذاته، على الأرجح أن تبقى محاولة تأسيس آليات للحل تسمح بإغلاق عمليات البنك على أساس عابر للحدود عسيرة التطبيق.


    إن الملمح المتناقض لجميع ذلك هو أنه في حين أن الإصلاحات لا ترقى إلى كونها برنامجاً منطقياً، فإن جانباً كبيراً من هيكل تنظيم المصرفية يتم تغييره بحيث تبقى مخاطر التطبيق هائلة.


    وبطبيعة الحال، من المستحيل توقع توقيت حدوث أية أزمة مالية، أو دوافعها. ومع ذلك الأمر مقلق بسبب عدم وجود كثير من نقاط الضعف الواضحة في النظام، بينما بقي القليل في خزانة السياسة النقدية والمالية الذي يمكن بواسطته معالجة عاصفة مالية أخرى.
يعمل...
X