الفرار من الحرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرار من الحرب

    حالة اللجوء الطارئة، الناشئة عن تفجر الأعمال العدائية في ليبيا تنطوي على أبعاد متعاظمة باستمرار. ففي أسوأ حادث من نوعه تشهده السنوات الأخيرة، غرق في الأسبوع الماضي أكثر من 200 من اللاجئين من ساحل العاج والصومال وغيرهما من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بعدما حاول قاربهم المُحمل فوق طاقته الإبحار من ليبيا إلى إيطاليا، ليغرق في البحر المتوسط. ومنذ بداية هذا العام وصل نحو 25 ألف شخص إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الصغيرة، معظمهم من تونس.

    وعلى الرغم من أن الهجرة غير المقيدة تمثل تحدياً سياسياً حساساً بالنسبة لإيطاليا وشركائها في الاتحاد الأوروبي، إلا أن بلدان شمالي إفريقيا تتحمل عبء الأزمة. فنحو 500 ألف شخص فروا عبر الحدود البرية لليبيا لتفادي الحرب. واتجهت غالبيتهم إلى مصر وتونس، لكن هناك نحو 60 ألفا في الدول الأربع الأخرى المجاورة لليبيا؛ الجزائر، وتشاد، والنيجر، والسودان. ومئات الآلاف من الأفارقة الآخرين الذين يعيشون ويعملون في ليبيا ربما يسعون باستماتة إلى عبور الحدود، خاصة إذا ما خافوا من أن يصبحوا أهدافاً للهجوم.


    ومن شأن ذلك أن يضع عبئاً ثقيلاً على عاتق مصر وتونس. الآن وقد أطاح البلدان بطاغيتيها المُعمِرين، انخرطا في المهمة الشاقة الخاصة ببناء نظام سياسي تعددي ومؤسسات مجتمع مدني، مع محاولة إيجاد عمل لملايين الشباب العاطلين. والسلطات في القاهرة وتونس لن تكون قادرة على تحمل أعداد كبيرة من اللاجئين لفترة طويلة جداً. وإذا ما أرادات الحكومات الغربية للربيع العربي النجاح، فمن مصلحتها تماما زيادة الدعم الإنساني والمالي للبلدين اللذين بدأت فيهما الصحوة السياسية المهمة.


    وكثير من حكومات الاتحاد الأوروبي تبدو مدركة لهذه النقطة، وكذلك المفوضية الأوروبية، التي منحت تونس هذا الأسبوع مبلغ 140 مليون يورو إضافية، علاوة على 257 مليون يورو مُزمعة خلال الفترة 2011 ــــــ 2013، مقابل مجهود أكبر لضبط الهجرة غير المنظمة. لكن استجابة أوروبا للأزمة تسلط الضوء على عيوب هيكلية في سياساتها بشأن الهجرة واللجوء، السابقة للصحوة العربية.


    إن إدارة تدفقات الهجرة بالتعاون مع جيران أوروبا أمر مهم، لكن ينبغي أن تكون مسؤولية مشتركة لجميع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. فعندما يتسرب مهاجرون غير شرعيون إلى الاتحاد الأوروبي، فإنهم عادة ما يصلون إلى البلدان الطرفية، مثل اليونان، وإيطاليا، ومالطة، أو بولندا. وكثيرون من هؤلاء تتم إعادتهم إلى بلدانهم في وقت لاحق، لكن بعضهم يبقى. وإذا كان الاتحاد الأوروبي يتوق إلى معالجة مشتركة، فإن مهمة الاعتناء بهؤلاء المهاجرين ينبغي ألا تقع في المقام الأول على البلدان الأكثر عُرضة لتلك التدفقات.
يعمل...
X