هل فعلاً تلاشت مخاطر التضخم لتنخفض المعادن الثمينة؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل فعلاً تلاشت مخاطر التضخم لتنخفض المعادن الثمينة؟

    صدرت تصريحات من صندوق النقد الدولي أشارت إلى انخفاض في توقعات النمو في العديد من الاقتصاديات العظمى أهمها الولايات المتحدة الأمريكية و أشار الصندوق بأن الولايات المتحدة قد تحقق نمواً هذه السنة ما دون مستوى 3.00%، و كذلك خفّض الصندوق توقعات العديد من الدول كما أشرنا. إن ذلك كان سبباً لنشوء موجة جني أرباح في الأسواق المالية في محاولات لتعويض فرق الأسعار للسلع و الأصول و أدوات رأس المال في العالم لتتناسب مع التقييم الأضعف للاقتصاد الدولي.
    مستويات التضخم تشكّل تحدياً كبيراً أمام العديد من الدول، و اتجهت دول مثل الصين و كذلك اتجه البنك المركزي الأوروبي لتصعيب شروط الائتمان من أجل الحد من مخاطر التضخم. لكن مع توقعات النمو الأضعف في الاقتصاد الدولي، أصبح المتداولون يشكّون في أن يحصل ارتفاع كبير في مستوى التضخم. بيانات التضخم البريطانية يوم أمس أشارت إلى انخفاض مستوى التضخم من 4.4% إلى 4.00%، و رغم أن هذه القيمة ما زالت فوق المستوى المريح للبنك البريطاني، إلا أن هذا الانخفاض أعطى إشارة إلى احتمال انخفاض مخاطر الانفجار في التضخم كما كانت تشير توقعات سابقة بأن نرى مستويات التضخم فوق 5.00%.
    العديد من الجهات مثل صناديق التحوّط و البنوك و كذلك نرى بعض الإدارات الحكومية قامت بتقليص الطلب الكبير على الذهب كاحتياطي ضد التضخم، و مع انخفاض سعر النفط الكبير الذي حصل بعد ملامسة مستويات 113.00 دولار للبرميل الواحد، نرى بأن مخاطر التضخم تقلّصت بعض الشيء.
    خلال تداولات نيويورك يوم أمس، انخفض سعر الذهب بشكل حاد و أغلق عند مستوى 1453.70 دولار للأونصة فاقداً 0.65% و كذلك انخفض سعر الفضة و البلاتين لكن بمقدار أقل مما شهده الذهب. انخفض سعر الفضة يوم أمس بمقدار 0.27% و أغلق تداولات نيويورك عند مستوى 40.11 دولار للأونصة و انخفض كذلك سعر البلاتين بمقدار 0.45% و أغلق عند مستوى 1771.00 دولار للأونصة. الانخفاض الذي أصاب الذهب كان الأكبر ضمن تلك المعادن كدلالة على أن الاتجاه للذهب لتغطية مخاطر التضخم انخفض و ترافق ذلك مع عمليات جني أرباح من قبل المضاربين استحثها انخفاض سعر برميل النفط و الارتفاع الذي شهده الدولار الأمريكي مقابل سلّة العملات الأجنبية.
    لم تقتصر عمليات جني الأرباح على أسواق المعادن، بل شهدت مؤشرات الأسهم الأمريكية يوم أمس انخفاضاً ملحوظاً أغلق إثره مؤشر داوجونز الأمريكي بمقادر 0.95%. لكن، هذا اليوم مالت التداولات الآسيوية للإيجابية و استطاع مؤشر نيكاي الياباني أن يغلق مرتفعاً بمقدار 0.90% و كذلك أغلق مؤشر شنغهاي المركّب الصيني على ارتفاع مقداره 0.27%. ارتفاع مؤشرات الأسهم الآسيوية كان بسبب طرح بعض الحلول التي قد تكون سبباً لتخفيف أزمة اليابان النووية التي تعتبر الأسوأ منذ حادثة مفاعل تشيرنوبل.
    عادت أسعار المعادن الثمينة اليوم للارتفاع مترافقة مع الارتفاع في مؤشرات الأسهم الآسيوية، و استطاع البلاتين تعويض الكثير من خسائره و الفضة تتداول اليوم على ارتفاع حتى مع احتساب انخفاض تداولات نيويورك يوم أمس. بالنسبة للذهب، فارتفع هذا اليوم أيضاً لكن هذا الارتفاع طفيف جداً لم يعوّض حتى نصف انخفاض يوم أمس.
    في هذه اللحظات، نرى سعر الذهب اليوم يتداول حول 1458.10 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 0.30%، و كذلك ارتفع البلاتين بمقدار 0.34% معوضاً معظم خسائر يوم أمس ليتداول حول سعر 1777.00 الآن. بالنسبة لسعر الفضة، فهو يتداول على ارتفاع مقداره 0.85% حول سعر 40.45 دولار للأونصة. هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 02:42 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:42 بتوقيت غرينتش ).
    انخفاض مؤشر zer للثقة في ألمانيا بشكل حاد، و بيانات استمرار العجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي كانا سبباً لدفع القلق في الأسواق المالية و تأكيد توقعات صندوق النقد الدولي. تبع هذا السلبية التي مال لها البنك الكندي و كل هذا المزيج يبقي على احتمال بقاء الضعف في الاقتصاد الدولي و منه احتمال عدم ارتفاع مستويات التضخم بشكل حاد. لكن هذا فعلاً كاف لأن يتم اعتماد فكرة أن مستويات التضخم لن ترتفع بشكل كبير؟
    في الحقيقة يتأثر التضخم بشكل كبير في سعر النفط، و انخفاض سعر النفط الحاد الذي حصل هذا الأسبوع يقلل مخاطر الارتفاع الكبير في التضخم. لكن المخاطر المقصودة هنا للأنظمة الزمنية قصيرة الأمد. فتحسّن الاقتصاد الدولي مستمر رغم ضعفه و هذا ما يعني احتمال ارتفاع الطلب على السلع و الأصول بشكل تدريجي. إعادة إعمار اليابان و كذلك أسعار الفائدة التي ما زالت متدنية جداً في العديد من الدول في العالم أهمها الولايات المتحدة و اليابان و بريطانيا سبب آخر لإبقاء مخاطر التضخم قائمة خصوصاً و أن تلك البنوك و غيرها ما زالت تعتمد سياسية التخفيف الكمي أو ما يعادلها من سياسيات مالية.
    مؤشر s&p gsci للسلع يتداول حالياً قريباً من أعلى مستوياته منذ شهر آب عام 2008 و هذا يعتبر مستوى قريب من القياسي الذي تم تحقيقه في ذلك الحين عند مستوى 893.00 نقطة تقريباً فيما هو حالياً يتداول حول مستويات 711.00 نقطة بعد الموجات الصاعدة المتتابعة التي بدأت منذ القاع الذي تحقق خلال الربع الأول من عام 2009. إن ذلك يشير إلى أن مستويات الأسعار ما زالت مرتفعة جداً، و تأثير النفط اللحظي و انخفاضه قد يكون دافعاً لتوقع انخفاض قصير الأمد لمستويات التضخم، إلا أن الاتجاه الإجمالي لمستوى التضخم مرتبط أكثر في مؤشرات السلع و هذا يعني أن المدى الأبعد ما زال يشير إلى احتمالات مزيد من الارتفاع في مستويات التضخم.
    لذلك، حتى مع انخفاض سعر برميل النفط ما زلنا نعتقد بأن مزيد الضعف الاقتصادي و ارتفاع مستويات التضخم على المدى المتوسط في الاقتصاد الدولي قائمين و هذا ما يستدعي استمرار الاتجاه الصاعد في أسواق المعادن الثمينة رغم عدم استبعادنا لحصول موجات تصحيحية هابطة بين الحين و الآخر قد تكون حادة كما أشرنا مراراً. لكن دون تغيّر جذري في توقعاتنا للاقتصاد الدولي ( مزيج الضعف الاقتصادي و ارتفاع التضخم ) سوف تبقى توقعاتنا الإيجابية لأسعار المعادن الثمينة منها الذهب قائمة.
يعمل...
X