بنوك الأسواق الناشئة تؤدي الدور القبيح للاحتياطي الفيدرالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بنوك الأسواق الناشئة تؤدي الدور القبيح للاحتياطي الفيدرالي

    يتزايد خوف المستثمرين الأمريكيين من التضخم. وكل دورة تنطوي على بعض النمو في التضخم المؤقت، لكن هناك فرقاً كبيراً بين هذا الضغط التسعيري الدوري العادي والخوف المتزايد من أن يتحول اقتصاد الولايات المتحدة بشكل أو بآخر إلى اقتصاد بلد من بلدان الأسواق الناشئة.

    ومن المفارقة أن التشدد النقدي الذي اتبعته البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أخيرا، من المحتمل أن يمنع خروج التضخم في الولايات المتحدة عن زمام السيطرة ويمكن أن يعمل بالفعل على إطالة أمد الدورة الاقتصادية في أمريكا.


    إن تعبير ''طباعة الأموال'' هو الوصف الذي يطلق اليوم على ما كان يدعى ببساطة ''التحفيز النقدي''. ويقول بعض المراقبين الذين يشوهون النظرية النقدية الأساسية إن التحفيز النقدي بحد ذاته يسبب التضخم. وفي الحقيقة، الجمع القابل للاشتعال بين طباعة الأموال وإيجاد الائتمان هو الذي يشعل النيران التضخمية. ولأن نمو الائتمان في الولايات المتحدة ما زال يحتضر، فإن نمو التضخم فيها بعد الجولة الثانية من التسهيل الكمي يقل حتى الآن عن 5 في المائة.


    وبحسب النظرية الاقتصادية، ما من اقتصاد يستطيع أن يدعم معدل تضخم عالياً بصورة غير عادية من دون نمو عال بصورة غير عادية في الائتمان الذي يحفز الطلب. انظروا إلى فقاعة الإسكان الأخيرة.


    فقد تسبب النمو غير العادي في الائتمان المتعلق بالإسكان في حدوث طلب غير عادي على الإسكان، الأمر الذي أدى بدوره إلى حدوث تضخم غير عادي في أسعار المنازل. وربما تواجه الولايات المتحدة بعض ضغوط التسعير الدورية العادية (في الحقيقة، المستوى الأدنى في مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكية الرئيسية كان منذ عامين تقريباً)، لكن يبدو أن التضخم المستدام الذي يفوق الحدود الطبيعية غير مرجح الحدوث، ما لم يبدأ نمو الائتمان التوسع بسرعة لتحفيز الطلب بما يزيد على العرض المتوافر.


    من السهل إلقاء اللوم على الاحتياطي الفيدرالي بسبب الزيادة الأخيرة في التضخم في الولايات المتحدة، لكن التحليل يظهر أن المستثمرين ربما كانوا يخطِئون البنك المركزي الذي ينبغي أن يوجه إليه اللوم. وسواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا، فإن مخاوف المستثمرين الأمريكيين الحالية من التضخم ذات علاقة أوثق بالسياسات النقدية المتساهلة التي تتبعها الأسواق الناشئة، وبما ينجم عن ذلك من نمو قوي للائتمان في الأسواق المحلية وعلاقته بسياسات الاحتياطي الفيدرالي وبنمو الائتمان المحلي في الولايات المتحدة.


    فقد عمل نمو الائتمان وعرض الأموال بشكل غير عادي في الأسواق الناشئة الرئيسية على إحداث تضخم غير عادي، تماماً كما ترى النظرية الاقتصادية. إن النمو النقدي خلال الـ 12 شهراً الماضية في البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، يراوح بين 15 في المائة و30 في المائة. وتعتبر هذه أعلى معدلات للنمو النقدي بين الاقتصادات الرئيسية. لقد عززت الشروط الائتمانية المتساهلة جداً الزيادة المفرطة في الطلب، الأمر الذي أدى إلى معدلات تضخم كبيرة ومتزايدة. وفي الحقيقة، لدى بلدان مجموعة بريك (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين) معدلات تضخم هي بين أعلى المعدلات في العالم. وعلى نحو ينسجم مع النظرية، فإن المعدلات العالية في الائتمان أفرطت في تحفيز الطلب، ما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم.


    لقد عمدت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى تشديد السياسة النقدية للحد من نمو الائتمان ولتبطئة الطلب الكلي. وإذا نجحت في ذلك، فقد ينتهي الاتجاه الصعودي الأخير في أسعار السلع. لقد كان هناك إقرار على نطاق واسع بأن زيادة الطلب على السلع خلال العقد الماضي جاءت من الأسواق الناشئة. ولوحظ أن زيادة الطلب كانت مدفوعة جزئياً بالأموال السهلة وبشروط الائتمان المتساهلة. لكن سيكون من الخطأ الاستقراء من توجهات الطلب الماضية، خاصة في ضوء السياسات المتشددة بشكل متزايد التي تتبعها البنوك المركزية في الأسواق الناشئة.


    وتعتبر منحنيات العوائد وسائل ممتازة للتكهن بالنمو الاقتصادي ونمو الأرباح مستقبلاً. وبينما لا يزال منحنى العوائد في الولايات المتحدة شديد الميلان (في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على مواعيد الاستحقاق الطويلة)، الأمر الذي يوحي بنمو قوي، فإن منحنيات العوائد في أجزاء كثيرة من العالم تتجه إلى الثبات في ظل ترسخ السياسات المتشددة التي تتبعها البنوك المركزية في الأسواق الناشئة.


    إن لدى الهند، مثلا، واحداً من أكثر منحنيات العوائد ثباتاً. والفرق بين أسعار الفائدة لسنة ولعشر سنوات هو 35 نقطة أساس فقط حالياً. وقبل عام كان الفرق أكثر من 250 نقطة أساس. وحسب تقديراتنا، فإن منحنى الهند يمكن أن ينعكس خلال عدة أشهر. ومن الناحية التاريخية، كانت منحنيات العوائد المنعكسة تؤشر باستمرار إلى حدوث تباطؤ اقتصادي كبير، إن لم تكن مؤشراً على حدوث ركود فوري.


    إن الأسواق الناشئة تظهر على نحو متزايد خصائص اقتصادات الدورات المتأخرة، وانخفاض معدلات التضخم، والتشدد النقدي، وثبات منحنيات العوائد، وتوقعات أرباح مفرطة في التفاؤل (45 في المائة من شركات الأسواق الناشئة تحدثت عن مفاجآت سلبية على صعيد الأرباح خلال فترة التقارير الأخيرة).


    ويواصل اقتصاد الولايات المتحدة من ناحية أخرى البرهنة على خصائص مبكرة وفي وسط الدورات. مثلا، النمو في الإنتاج الصناعي الأمريكي إيجابي الآن في 30 من 32 فئة صناعية قام الاحتياطي الفيدرالي بقياسها.


    ويبدو أن التعافي الاقتصادي للولايات المتحدة يتحول ببطء إلى توسع ذي قاعدة عريضة، لكن بدلاً من الترحيب بهذا التحسن، يتزايد حذر المستثمرين من أن يستقر الاحتياطي الفيدرالي عما قريب على سياسة تتسم بالتشدد النقدي.


    وإذا نجحت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في نهاية المطاف في الحد من نمو الائتمان المحلي وتهدئة اقتصاداتها، عندها من المحتمل أن ينخفض تضخم السلع في الولايات المتحدة الذي يخيف حالياً كثيراً من المستثمرين. إن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تقوم من الناحية الفعلية بالعمل القذر الذي يقوم به الاحتياطي الفيدرالي وربما تكون الموجودات الأمريكية أكبر المستفيدين.




    الكاتب الرئيس التنفيذي لشركة بيرنشتاين الاستشارية المحدودة.
يعمل...
X