زيادة الفائدة الأوروبية تجدد النقاش حول التشدد الأمريكي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زيادة الفائدة الأوروبية تجدد النقاش حول التشدد الأمريكي

    عبارة سياسة الحصافة الكلية لا تؤدي في العادة إلى تسارع نبضات القلب، خصوصاً في مدينة كالجاري الكندية شديدة البرودة. لكن حين عقد بنك التنمية الأمريكي المشترك اجتماعه السنوي هناك في الخريف الماضي، تم لفظ هذه الكلمات التي تمط الأفواه بطريقة أطلقت حرارة غير عادية. وعلى الرغم من أن كالجاري بعيدة للغاية عن فرانكفورت، إلا أن المشاعر المحيطة بسياسة الحصافة الكلية يفترض أن تكون محركة للأفكار لدى المستثمرين، ولا سيما في ظل قرار البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس زيادة سعر الفائدة إلى 1.25 في المائة.

    القضية موضوع النقاش تدور حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تستعد لأن تحذو حذو أوروبا وتشدد السياسة النقدية في وقت قريب. وكان الاحتياطي الفيدرالي، شأنه في ذلك شأن البنك المركزي الأوروبي يتبع سياسة متراخية للغاية خلال العام الماضي، خفض بموجبها أسعار الفائدة بشدة، وطبق جولتين، وليس واحدة، من التسهيل الكمي.


    ويصر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على أن هذا الأمر أدى إلى نتائج إيجابية على الأقل للاقتصاد الأمريكي. وخلال الأسبوع الماضي، قال جيمس بولارد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، للمستثمرين في أوروبا إن التسهيل الكمي قدم كل الآثار التقليدية المفيدة لسياسة نقدية أكثر تشدداً.


    وقبل ستة أسابيع قدمت جانيت ييلين، نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، ورقة عمل مثيرة للفضول في اجتماع للبنك المركزي في نيويورك، جادلت فيها بأنه من دون التسهيل الكمي كان من الممكن أن يقفز معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 10.5 في المائة في أواخر العام الماضي، إضافة إلى حدوث انكماش بنسبة تبلغ نحو 0.2 في المائة (كانت هذه الأرقام أقرب إلى 9.5 في المائة، و0.8 في المائة على التوالي).


    لكن بالنسبة إلى المسؤولين الأمريكيين اللاتينيين في كالجاري عبارة التسهيل الكمي أقرب إلى عبارة قذرة، لأنها ولدت في نظرهم سيلاً دافقاً من السيولة التي لم تذهب فقط إلى أسواق الأسهم الأمريكية، بل كذلك إلى الخارج، من خلال تجارة المناقلة، الأمر الذي أدى إلى تضخم قيمة الأصول في أمكنة مثل البرازيل.


    من المستحيل قياس حجم هذه التدفقات بشكل دقيق، غير أن هيون سونج شن، الاقتصادي في جامعة برنستون، قال لصندوق النقد الدولي، خلال الفترة الأخيرة، إنه يمكن مشاهدة إشارة بخصوص هذه التدفقات من خلال النظر إلى المطلوبات الدولارية الصافية غير المركزية القائمة فيما يتعلق بـ 160 بنكاً أجنبياً في الولايات المتحدة، إذ تبلغ حالياً 600 مليار دولار.


    ونتيجةً لذلك نجد، مثلا، أن الزعماء الكوريين، مثلهم مثل الزعماء الأمريكيين اللاتينيين، تبنّوا كل الإجراءات الحمائية. وغالباً ما يتم ذلك تحت اسم التحركات المتعلقة بسياسة الحصافة الكلية. مثلا، أطلقت البرازيل جولة جديدة من القيود على رأس المال مصممة جزئياً لردع المستثمرين الأجانب عن استيراد هذه الدولارات الرخيصة للغاية.


    ومن جانبه، يرفض الاحتياطي الفيدرالي بشدة هذا التبرير. وبدلاً من ذلك يصر مسؤولوه على أن السياسة المحلية الضعيفة، والمدخرات المفرطة في الأسواق الناشئة وليس الدولارات الرخيصة، هي التي تسبب الفقاعات.


    وجادل بعض المسؤولين الأمريكيين الشماليين في كالجاري أيضاً بأن التحركات الجديدة على صعيد السياسات تعتبر بمثابة سوء استعمال لفكرة الحصافة على نطاق الاقتصاد الكلي. ففي النهاية، كما شددوا، يفترض أن تكون سياسة الحصافة الكلية متعلقة بالأنظمة المصرفية السليمة وليس بمحاربة تدفقات رأس المال التي يمكن أن تكون قصيرة العمر. ويجب أن تتوقف هذه التدفقات الدولارية بمجرد عودة السياسة النقدية الأمريكية إلى حالتها الطبيعية.


    غير أن هذه الحجج ذات تأثير بسيط من حيث الواقع. ويعود ذلك جزئياً إلى أنه كانت في كالجاري ثقة محدودة بأن الولايات المتحدة ستقلّد أوروبا في محاولة التخلص من تلك السياسة النقدية التي تتبعها. وأحد أسباب ذلك هو أن البيانات الاقتصادية الأمريكية الملموسة لا تزال مختلطة. غير أن القضية الأكثر رزانة هي قضية سياسية وثقافية، إذ يُخشى من أن الولايات المتحدة ما زالت غير مستعدة لأن تتبنى فعليا أسلوبا مماثلا للاتجاه الأوروبي في مجال السياستين المالية والنقدية.


    وفي النهاية، كما كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين اللاتينيين بصورة لاذعة، استبعدت الولايات المتحدة بشكل متكرر اتخاذ قرارات قاسية خلال السنوات الأخيرة. وما عليك سوى النظر إلى حالة التوقف المالي القائمة. وهكذا، فإن هناك مخاوف من أن الأمر يتطلب مجرد صدمتين صغيرتين، لنقل إنهما زيادة في البطالة أو هبوط في أسعار المنازل، كي يفقد الاحتياطي الفيدرالي أعصابه مرة أخرى ويبتعد عن أي تشديد فعلي. وفي إشارة إلى الامتعاض الذي اعتادت البلدان المتقدمة إبداءه حين تناقش أمور العالم الثالث، اشتكى أحد المسؤولين الأمريكيين اللاتينيين قائلا: ''لا نثق بالأمريكيين في محاربة الإغراء''.


    من الممكن أن يتبين أن مثل هذا التشكك خاطئ. ففي نهاية الأمر، مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أنفسهم يصرون على أنه يتم الإعداد لخطة للخروج وأنها ستعيد السياسة أولاً إلى طبيعتها ثم الانتقال بعد ذلك إلى تشديدها. وهكذا، فإنهم يجادلون بأن هناك فرصة ضئيلة لأن يتحول التسهيل الكمي الثاني إلى تسهيل كمي ثالث عند انتهاء العمل به في حزيران (يونيو).


    وبعض محافظي الاحتياطي الفيدرالي، من أمثال بولارد، يضغطون علنا من أجل تسريع خطة الخروج هذه. لكن من المرجح لخطوة البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس أن تطلق نقاشاً جديداً حول المواقف المختلفة من السياسة النقدية، إن لم تؤد إلى شيء آخر. وبكلمات أخرى، فلنكن على استعداد لمشاهدة إجراءات ذات طابع دفاعي أكبر، أو أكثر ميلا إلى الحصافة الكلية، إضافة إلى مزيد التشكك حول ما يمكن أن يعنيه تطبيع السياسة الأمريكية فعليا.
يعمل...
X