إسبانيا .. رئيس الوزراء لا يرى ولا يسمع ولا يتحدث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إسبانيا .. رئيس الوزراء لا يرى ولا يسمع ولا يتحدث

    متظاهرون يحتجون في مدريد على سياسات الحكومة الاقتصادية.

    مايلز جونسون من مدريد


    بينما يبيع المستثمرون ما يملكونه من ديون البلاد، أغلق رئيس الوزراء الإسباني مكتبه على نفسه ورفض مشاهدة التلفزيون أو الاستماع إلى الراديو، فقط كان يقرأ جريدة "ماركا" الرياضية اليومية، وجريدة "فارو دي فيجو" وهي صحيفة محلية تصدر في مسقط رأسه، جاليسيا.


    إسبانيا التي عهد بها إلى أقرب مساعديه، لن تتعرض قط لمهانة طلب إنقاذ مالي. فلا وسائل الإعلام ولا الأسواق المالية ستقنعه بخلاف ذلك.


    أما بالنسبة لنقاد راخوى، فإن تلك القصة الطريفة من حساب ماريانو جيندال عن الأزمة المالية في إسبانيا، التي أسماها "حينما كنا نعيش بتهور"، تمثل كل شيء حول شخصية الزعيم الإسباني، التي كان لها تأثير على قيادته لتتحول إلى قيادة كارثية، فهو سياسي جاء من المقاطعات، لذا فهو غير مستعد لقبول الواقع، وذلك لا يتلاءم ومشكلة دولية معقدة.


    فقبل عام انتخب راخوي بأغلبية كبيرة لم يعهدها حزبة، ليقف في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بفخر على المنصة ويتعهد لمناصرية المبتهجين بالسير بالبلاد نحو الانتعاش. وبعد 12 شهرا، فإن السؤال حول ما إذا كانت إسبانيا ستطلب إنقاذا ماليا، الذي استبعده راخوي واصفا إياه بأنه سؤال سخيف، لم يعد مطروحا اليوم، لأنه أصبح من المسلمات.


    ويقول مسؤول كبير في حزب راخوي، يحظى بشعبية ويعرف رئيس الوزراء منذ أكثر من عشر سنوات: "سنتقبل جميعا كل الأخطاء التي وقعت وإن كانت كثيرة".


    والرأي الراسخ الآن هو أن العام الأول لراخوي كان مليئا بالكوارث، بدءاً من سياسة الضرائب إلى طلب إنقاذ أوروبي للقطاع المصرفي. وأصبح من النادر العثور على مسؤولين حكوميين أجانب، أو اقتصاديين، أو مستثمرين راغبين في الدفاع عن راخوي.


    أنجل باسكوال رامزي، من مدرسة إدارة الأعمال "إي إس إيه دي إي"، والمستشار السابق للحكومة الاشتراكية السابقة في إسبانيا، يرى أن حكومة راخوي ولدت بـ"خطيئة متأصلة" تمثلت في فشلها في إعداد نفسها لمواجهة المعارضة.


    ويضيف: "بدأت الحكومة تصدق الدعاية التى تطلقها عليها المعارضة. فكلما كانوا أقوياء فيما يخص السوق والاقتصاد زادت الثقة فيهم، لكن سرعان ما تطغى عليهم الأحداث".


    فعندما بدأت الحكومة في إجراء إصلاحات، مثل الإصلاح الشامل الأول لقطاعها المصرفي، تآكلت التغيرات الكبيرة منذ البداية. فبنك الادخار "بانكيا" الذي يهيمن عليه حزب راخوي، اعتبر في غير حاجة إلى الأموال العامة، إلا أن البنك طلب من الدولة في أيار (مايو) إنقاذه بـ19 مليار يورو، ما أثر سلبا على الثقة بالسوق الإسبانية، الأمر الذي جعل إسبانيا تطلب مساعدات أوروبية لقطاعها المالي بقيمة 100 مليار يورو في حزيران (يونيو).


    ويقول لويس جاريكانو، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد: "لقد كانت فرصة مهدرة. ارتجلوا كثيرا، وركزوا كثيرا على الميزانية، ولم يكف ذلك لعمل إصلاحات هيكلية ضرورية".


    ووفقا لهؤلاء المقربين من راخوي، لا تنبع العديد من مشكلاته من نقص في الجهد أو التنفيذ، وإنما من العروض غير المتقنة والاتصالات.


    وبشخصيته الانعزالية وكرهه الظاهر للحديث على الملأ، يبدو رئيس الوزراء شخصا غير مناسب للسياسة الحديثة. ولأنه تمرس أولا في حكومة محلية، ثم لاحقا في مناصب وزارية نادراً ما تجعل أفقه يتسع لما وراء حدود إسبانيا، اتهم بأنه لم يدرك حتى وقت متأخر جدا أن أزمة الديون الأوروبية تطلبت في مرحلة ما زعماء ذوي توجهات محلية لإرضاء جمهور كبير، ومتناقض في كثير من الأحيان - ناخبين، ومستثمرين، وحلفاء أوروبيين.


    ومع ذلك، فإن مثل هذه الخصائص قد تتحول إلى مصدر قوة كبير للزعيم الإسباني. فبعد أن رفض قبول إنقاذ في الصيف، في وقت رأى فيه سياسيون آخرون أن هذا هو الخيار الأكثر أماناً، فإن هذا قد يعني أن إسبانيا الآن لا تحتاج إلى القبول بمزيد من الظروف المؤلمة في المستقبل.


    وفي الوقت نفسه، أثبت انتصار في انتخابات إقليمية في مسقط رأسه جاليسيا، وهي أحد معاقل الحزب الشعبي التقليدية، أن مؤيدي راخوي أصبحوا مترددين فيما إذا كانت تدابير التقشف ما زالت مضرة.


    كذلك ساعد رفضه الانجرار إلى النقاش، في احتواء توترات بين مدريد وكتالونيا، حيث يمكن أن تظهر انتخابات يوم الأحد المقبل أن الإقليم يسير في اتجاه إجراء استفتاء حول الاستقلال.


    ويقول عضو الحزب: "ربما يكون محل نقد الآن، لكنه نوع مختلف من السياسيين، فهو لن يملك الشخصية الكاريزمية قط، لكنه من النوع الذي يفكر ببطء بشأن أفضل القرارات ثم يتخذها. انتظر وسترى في غضون أربع سنوات أن الناس بدأوا يعرفون ما فعله. صناعة التاريخ تستغرق أكثر من عام".


    منذ وصولها إلى السلطة العام الماضي، أعلنت حكومة راخوي خمس نوبات من التقشف. ففي كانون الأول (ديسمبر) 2011 جاءت الميزانية المؤقتة بارتفاع في قيمة الضرائب بلغ 6.3 مليار يورو، وخفض في الإنفاق بلغ 8.9 مليار يورو، وتجميد التوظيف العام، وتجميد الأجور، وساعات أطول للقطاع العام. وتعهد راخوي بعدم تقديم المال العام للمصارف، ورفع راخوي عجز الميزانية في إسبانيا من 4.4 في المائة إلى 5.8 في المائة. وتخفض ميزانية عام 2012 إنفاق الوزارات بنسبة 17 في المائة، كما تخفض 18.4 مليار يورو من ميزانية الأقاليم، وثلاثة مليارات يورو من البلديات، كما كانت هناك زيادة في قيمة الضرائب على الشركات بقيمة 8.2 مليار يورو، وفرضت ضرائب أعلى على التبغ.


    وكان هناك إضراب عام في نيسان (أبريل) بسبب خفض الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية ومنح مصرف بانكيا إنقاذا ماليا بقيمة 100 مليار يورو من أوروبا. ويصر راخوي على أن هذا ليس إنقاذا، ثم يتوجه إلى بولندا لمشاهدة فريق إسبانيا في بطولة أوروبا لكرة القدم.


    وتوفر تدابير التقشف في الفترة بين 2012 و2014 إلى تقليص 65 مليار يورو، بما في ذلك معدل ضريبة القيمة المضافة الرئيسية التي ارتفعت من 18 إلى 21 في المائة، فيما ألغيت مكافأة عيد الميلاد لموظفي الخدمة المدنية، وخفضت إعانات البطالة، وألغي الحسم الضريبي لأصحاب الرهن العقاري، وارتفعت الضرائب وأسعار الطاقة، وخفضت اشتراكات الضمان الاجتماعي للموظفين. وقال راخوي في آب (أغسطس) إنه مضطر لقبول إنقاذ مالي أوروبي. وستؤدي خطط الميزانية المنقحة إلى انخفاض في الانفاق الحكومي يبلغ 8.9 في المائة.
يعمل...
X