ربيع العرب.. هل يتحول شتاء في إسرائيل؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ربيع العرب.. هل يتحول شتاء في إسرائيل؟

    من الواضح أن موجة الثورات العربية هذا العام أقلقت المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل، وتركتهما في حالة من الذهول التام على نحو غير معهود، في الوقت الذي لم تعد فيه الدول المجاورة مثل مصر والأردن، اللتين بنتا حولهما استراتيجيتهما الأمنية، لم تعودا تبدوان رهانا آمنا.

    الأساس الإقليمي يعيد ترتيب نفسه بسرعة مذهلة، ما يثير المخاوف بأن ربيع العرب يمكن أن يتحول إلى شتاء إسرائيلي.


    وإلى جانب قوتها التي لا تضاهى وما يحب الخبراء الاستراتيجيون المحليون تسميته الموقف العسكري ''التطلعي''، بنت إسرائيل استراتيجيتها الإقليمية على ركيزتين. هاتان الركيزتان هما التحالفات مع قادة عرب أقوياء - أبرزهم حسني مبارك، الدكتاتور المصري المخلوع - والأسلحة والأموال والدعم الدبلوماسي الأمريكي، في مجلس الأمن. فقد مارست واشنطن حق النقض 41 مرة في المجلس لحماية إسرائيل من الإدانة بسبب أفعالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو لبنان.


    وبعد سقوط مبارك في مصر انهارت الركيزة الأولى. وتبدو الأردن أيضا، الدولة العربية الأخرى التي وقعت معها إسرائيل معاهدة سلام، هشة حيث يوجد تحالف واسع من المعارضين الذين يتحَدّون الحكم.


    لكن على الرغم من أن الركيزة الثانية، وهي العلاقة بين أمريكا وإسرائيل، قوية إلا أن الحاجة ربما تبرز لإعادة تشكيلها، إذ تكشف الأحداث في المنطقة حدود نفوذ واشنطن. ولا بد أن حكومة بنيامين نتنياهو القومية المتشددة تدرك هذا. فقد تجاهل مرتين العام الماضي محاولات إدارة أوباما، أولا لترهيبه، ثم لاستمالته لوقف زحف الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.


    وحتى محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية العاجز أمام القوة الإسرائيلية، والذي فقد صدقيته بسبب الكشف في كانون الثاني (يناير) عن مدى استعداده للتنازل لإسرائيل في محاولاته البائسة لضمان دولة مستقلة، يمكن أن يقول الآن لا لباراك أوباما.


    وفي 18 شباط (فبراير)، عرض عليه الرئيس الأمريكي بيانا قويا ضد المستوطنات الإسرائيلية - وللمرة الأولى - قدم تعهدا بأن تطالب واشنطن أن تكون المفاوضات المستقبلية قائمة على أساس جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967، إذا تخلى عباس عن قرار مجلس الأمن الذي يدين المستوطنات. ورفض عباس عرضه.


    وما أثار رعب إسرائيل هو موقف ما يمكن وصفها حتى الآن بالحليفة المطلقة، أي ألمانيا، التي وقفت إلى جانب أغلبية بواقع 14-1 في مجلس الأمن حين استخدمت واشنطن ثانية حق النقض. وهذا التحول المذهل في الموقف الألماني يأتي في أعقاب انزعاج كبير واسع النطاق في أوروبا بسبب التعنت الإسرائيلي.


    والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل هو أن كبار القادة في الجيش الأمريكي ضغطوا على البيت الأبيض من خلال وسطاء لمنع واشنطن من استخدام حق النقض. وينسجم هذا مع الاضطراب العسكري العام الماضي - الذي امتد إلى الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، وقبل ذلك في العراق - لأن سياسات إسرائيل العدوانية تعرض حياة الأمريكيين للخطر. إن نفوذ اللوبي الإسرائيلي في واشنطن هائل، لكن هل يمكن أن يفوق نفوذ الجنرالات؟


    وكما علق رئيس إحدى المؤسسات الفكرية الاستراتيجية الإسرائيلية بعد انتصار ميدان التحرير ضد نظام حسني مبارك: ''انهار هيكل تحليلاتنا بالكامل''.


    ويعتقد بعض أفراد جماعات الضغط اليهودية الأمريكية أن عدم اليقين هذا ربما يكون أمرا إيجابيا. ووفقا لوجهة النظر هذه ظهر توافق آراء يتسم بحالة من الشعور بالرضا عن الذات تحت لافتة الشعبوية اليمينية لحكومة نتنياهو ذات الصوت الحاد بشكل متزايد. وبحسب هذا الإجماع يمكن لإسرائيل الاستمرار في استعمار الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويمكن لاقتصادها أن يزدهر، وأن يظل الدعم الأمريكي غير مشروط إلى الأبد، وبالتالي ليس هناك حاجة إلى التفاوض على اتفاق واقعي مع الفلسطينيين. باختصار ''لماذا يجب أن نغير أي شيء''؟


    وهناك ثلاثة أسباب تطرح نفسها هنا. أولا، لأنه لم يعد من الممكن ضمان التسامح تجاه السياسات الإسرائيلية التي تعمل ضد السلام في هذه الساحة الإقليمية التي تتغير بسرعة - خاصة إذا بدا أن مصالح حلفاء إسرائيل الغربيين معرضة للخطر.


    ثانيا، تكيفت إسرائيل مع منافسة إستراتيجية في المنطقة تتنافس فيها على النفوذ مع إيران وتركيا، يكون فيها العرب مجرد متفرجين يتم توجيههم لاتخاذ موقف معادٍ لإيران، إن لم يكن موالياً لإسرائيل. والآن سيكون العرب، خاصة مصر، جهات فاعلة مرة أخرى. وفي حين أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لم يظهر في الصحوة العربية الجديدة، إلا أن مخزون الاستبداديين العرب الذين يكبحون العداء الشعبي ضد سياسات إسرائيل بدأ في التناقص.


    ثالثا، من المنتظر أن تنتهي مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تقوم الدول العربية والإسلامية بموجبها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل إذا أعادت الأراضي العربية المحتلة، ما لم يتم بذل جهود دولية وإقليمية ذات صدقية لإحيائها الآن.
يعمل...
X