ما الذي ينبغي لأوباما فعله للفوز بولاية ثانية؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما الذي ينبغي لأوباما فعله للفوز بولاية ثانية؟

    حين أطلق الرئيس الأمريكي باراك أوباما حملته لإعادة انتخابه رئيساً للجمهورية، كان يسعى للبدء في فصل جديد في عملية عودة غير عادية ومثيرة للاهتمام. فقبل أربعة أشهر فقط عانى أكبر هزيمة في الانتخابات النيابية النصفية منذ عام 1938. وفي الوقت الحاضر ارتفعت شعبيته مرة أخرى إلى ما يقارب 50 في المائة، لكن في وجه النمو الاقتصادي الضعيف وأزمة الميزانية التي يلوح شبحها في الأفق، فإن النجاح ليس مضموناً. وحتى يضمن أوباما النجاح، لا بد له من الاستمرار في تقدمه باتجاه سياسة الوسط.

    إن معالجة أوباما لموضوع ليبيا، من وجهة نظر السياسة المحلية الأمريكية، تتسم حتى الآن بالسرعة والمهارة. فقد ألبسَ استخدامَ القوة ثوباً إنسانياً. ومع أن الشرق الأوسط هو الموضوع الرئيسي هذه الأيام، إلا أن إعادة انتخابه تتوقف على السياسة الاقتصادية. وفي هذا المقام نفَّذ الرئيس حركة مقصودة باتجاه الوسط بعد مرور فترة قصيرة على الانتخابات، وتخلى عن معارضته للتخفيضات الضريبية التي أقرت في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وتفاوض بصورة مباشرة مع الجمهوريين في الكونجرس، ونزع فتيل التوتر من علاقة متوترة مع عالم الأعمال. كل ذلك حدث خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. بالمقابل، التعافي ـ الذي حظي بشهرة كبيرة ـ الذي حققه الرئيس بيل كلينتون من خسائره الانتخابية النيابية في الكونجرس عام 1994 استغرق وقتاً أطول بكثير. بل إن كلينتون، بعد سبعة أشهر من هزيمته في الكونجرس، تضاءل وضعه إلى درجة أنه كان يجادل بأنه كان لا يزال لديه ''دور ذو صلة''. واحتاج الأمر إلى سنة كاملة بعد إغلاق الحكومة الفيدرالية في تشرين الثاني (نوفمبر) كي يعاد شحنه من جديد، والتفوق في استطلاع للرأي في أوائل عام 1996. ومن الواضح أن أوباما يتمتع الآن بتفوق مماثل. السبب في ذلك هو أنه نفذ عملية استدارة واعية. فقد دعم البيت الأبيض برنامجاً مدته خمس سنوات لتجميد عمليات الإنفاق الخاص ـ التي يُترَك تقريرها للجهة المختصة ـ خارج المجالات الأمنية. بعد ذلك وافق البيت الأبيض على عمليات تخفيضات واسعة بقيادة الجمهوريين في ميزانية السنة الحالية. وفي مجال التجارة، رُفِعت أخيراً اتفاقية مع كوريا الجنوبية إلى الكونجرس لإقرارها. وفي مجال الطاقة، تم استبدال نظام ضبط الانبعاثات ـ وهو نظام لم يكن يحبه أحد ـ القائم على وضع سقف على الانبعاثات الكربونية والتداول بها، وحل محله على قائمة الأولويات زيادة في التركيز على الإنتاج المحلي للنفط والغاز.


    ومن الواضح أن كل هذه توجهات نحو الوسط. ويرفض البيت الأبيض هذا الوصف حتى لا يثير استياء قاعدته الليبرالية، لكن التوجه نحو الوسط أمر لا تخطئه العين. كذلك كل هذا حدث دون أي فحص متعمق للدوافع والمعتقدات الذاتية على نحو ما فعل الرئيس كلينتون. وعلى ما يبدو، عدّل أوباما وضعه بعد الانتخابات، وقد أثمرت هذه السياسة. مع ذلك، لم يخرج أوباما تماماً من متاعبه وصعوباته.


    ففيما يتعلق بالموضوع ذي الأهمية القصوى، وهو موضوع الانتعاش الاقتصادي، يظل التقدم بطيئاً. فقد سجلت الولايات المتحدة في عام 2010 نمواً بنسبة 2.9 في المائة فقط، ومن الممكن أن تصل إلى 4 في المائة هذا العام. وهذه المعدلات تبدو جيدة، لكنها متدنية من الناحية التاريخية، كما أن أسواق العمل الأمريكية لا تزال في وضع صعب. وتشير أحدث الأرقام إلى أن معدل البطالة تراجع قليلاً ليصل إلى 8.8 في المائة. لكن هذه النتائج ضعيفة كذلك. فلا يزال 7.5 مليون أمريكي كانوا من العاملين قبل ثلاث سنوات، لكنهم الآن من دون عمل.


    كذلك الولايات المتحدة في سبيلها الآن إلى الانزلاق في أزمة مديونية وميزانية. فرغم النمو، سيكون عجز هذا العام أضخم عجز يتم تسجيله على الإطلاق. ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن يلامس الدين الاتحادي نسبة 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال تسعة أعوام – وهو مستوى أكثر شيوعاً في إيطاليا أو اليونان. ولن تتحمل الأسواق المالية هذا التآكل المالي إلى ما لا نهاية.والسؤال الآن كيف يمكن لأوباما أن يعالج هذه التحديات مع الاحتفاظ بزخمه السياسي في الوقت نفسه. إن استراتيجيته الجديدة تحقق نجاحاً، لكن ينبغي عليه أن يواصل الدفع إلى الأمام. ونورد فيما يلي ما ينبغي أن تكون عيه المرحلة الوسطية التالية:


    أولاً، ينبغي عليه ألا ينتظر حلاً طويل الأجل للميزانية، إلى ما بعد انتخابات عام 2012. ويبدو هذا مناسباً، خاصة في ضوء الخلاف المرير حول الإنفاق في العام الجاري والحاجة إلى إجراء تخفيضات في الاستحقاقات وزيادة الإيرادات. لكن الانتظار لمدة عامين أمر غير سليم على صعيد المخاطر التي يمكن أن تنعكس على الأسواق المالية، أو العوامل السياسية الداخلية. وبشكل خاص لا يريد أوباما أن تحدث صفقة عظيمة من دونه.


    ثانياً، ينبغي أن يكسر الطريق المسدود الذي وصل إليه موضوع التجارة. فما زالت الاتفاقية الخاصة بكوريا الجنوبية تنتظر في الكونجرس، في حين لم يتم تقديم الاتفاقية الخاصة بكل من بنما وكولومبيا. وينبغي أن يكون بالإمكان إبرام اتفاقية توجد الوظائف مع البلدان الثلاثة هذا العام، حتى لو اقتضى الأمر إجازتها بأصوات جمهورية أكثر من الأصوات الديمقراطية.


    ثالثاً، قام الرئيس حتى الآن بعمل بطولي فيما يتعلق بإصلاح التعليم: واجه نقابات المعلمين التي تعتبر حجر الزاوية للحزب الديمقراطي، بأجندة تقوم على ربط الأجر بالجدارة، وإصلاح مدة الخدمة والحماية من المعلمين الشباب. وهذا هو النهج الصحيح وينبغي عليه أن يتمسك به حتى لو عنى ذلك خوض معارك مع الجانب المؤيد له. وأخيراً، حان الوقت لإصلاح النظام الضريبي. وسيحتاج هذا إلى نهج من الحزبين، لكن إلى جانب ذلك يمكن خفض ضريبة الشركات وتمويل الخفض عبر إلغاء كثير من التخفيضات الممنوحة للشركات، الأمر الذي يعزز أجندة أوباما التنافسية.


    إن أوباما يصف أيديولوجيته السياسية بالبراجماتية. وهذا ما أثبته الآن، فيما يتعلق بليبيا وبعد إعادة تموضعه الذكية بعد الخسائر التي مني بها في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر). إن هذه الوسطية الجديدة تحقق نجاحاً. لكن للفوز بولاية ثانية ينبغي له الآن أن يدفع بما لديه من ميزات إلى الأمام.


    الكاتب مؤسس ورئيس مجلس إدارة إيفركور بارتنرز، وكان نائباً لوزير الخزانة الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون.
يعمل...
X