بعد كوبي .. ضربة جديدة لكبرياء اليابان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بعد كوبي .. ضربة جديدة لكبرياء اليابان

    لم تشهد اليابان شيئا مثله منذ عام 1995. ففي ذلك الحين، حين ضرب زلزال كوبي المدمر، الساعة 5.46 صباح السابع عشر من كانون الثاني (يناير)، كانت اليابان لا تزال تشعر أنها لا تُقهر. وعلى الرغم من أن الفقاعة اليابانية انفجرت منذ وقت طويل، إلا أن معظم اليابانيين لم يتقبلوا بعد سنوات التراجع اللطيف التي تلت ذلك. فقد كانت سنوات اليابان باعتبارها الاقتصاد المعجزة الذي سيتفوق خلال فترة وجيزة على الولايات المتحدة ليصبح أول اقتصاد في العالم، تبدو لهم قريبة جدا.

    وأدى زلزال كوبي الذي تسبب في مقتل 6500 شخص وفي تدمير تام لبعض المنشآت التي كان يفترض أنها معجزات هندسية في اليابان، إلى تبديد تلك الأوهام. وتسبب مشهد مباني وجسور اليابان التي يفترض أنها مقاومة للزلازل وهي تنهار تحت قوة الزلزال في صدمة نفسية ترددت أمواجها عبر الأمة.


    وتفاقم ذلك الشعور بالضعف بعد شهرين، في آذار (مارس)، حين رش أعضاء من طائفة أوم شينريكيو الدينية غاز السارين في مترو الأنفاق في طوكيو، ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة مئات آخرين بجروح خطيرة.


    وقال هاروكي موراكامي، الروائي الذي أجرى مقابلات مع ضحايا ذلك الهجوم لتأليف كتابه "تحت الأرض"، إن التأثير المشترك لتعرض اليابان لضربة من الطبيعة ومن الأعداء في الداخل جعل عام 1995 العام الأكثر مأساوية في الدولة منذ الحرب.


    وكان زلزال كوبي الذي بلغت قوته 7.3 درجة مجرد دمدمة، مقارنة بالقوة الهائلة للزلزال المدمر الذي اجتاح الساحل الشرقي لليابان يوم الجمعة ووصلت قوته إلى 8.9 درجة. والزلزال الذي ضرب كوبي، المدينة التي يقطنها 1.4 مليون نسمة في وسط اليابان، حدث في ساعات الصباح الأولى، حين كان لا يزال معظم الناس نائمون، ولعل هذا أنقذ حياة كثيرين.


    ومع ذلك، توفي نحو خمسة آلاف شخص في الثواني الأولى القليلة، حيث سحقتهم المباني التي دهش – وخجل- المهندسون اليابانيون من رؤيتها تنهار مثل بيت من ورق. وانهار أيضا جزء طويل من طرق هانشين السريع، الذي كان من المفترض أن يكون مثالا رائعا على الهندسة الحديثة. وتحولت الأراضي المستصلحة في مختلف أنحاء المدينة الساحلية إلى نشارة بسبب الاهتزازات، التي أدت إلى انهيار بعض المباني العالية. وتم بناء كثير من المباني التي لم تتحمل الزلزال قبل عام 1981، حين تم تشديد معايير البناء. وبعد كوبي، تم تشديد هذه الأنظمة مرة أخرى. وأدت الحرائق التي اندلعت بشكل لا يمكن السيطرة عليه، لأيام بعد ذلك، إلى وقوع مزيد من الضحايا. وكانت استجابة الحكومة تتسم بالفوضى، ما أدى إلى استياء شعبي من السلطات لم يتبدد تماما. وتم إبلاغ اجتماع مجلس الوزراء في صباح 17 كانون الثاني (يناير) أن زلزالا ضرب كيوتو، على بعد 50 ميلا من المكان الفعلي للدمار. وخلافا لما حدث في الزلزال الأخير، تردد السياسيون بشأن ما إذا كان يجب استدعاء قوات الدفاع الذاتي. واختفى هذا التردد في السنوات الفاصلة. وحظي أعضاء من عصابة ياماغوتشي غومي، من عصابات الجريمة التي مقرها كوبي، بكثير من الإشادة لأنهم وزعوا الطعام والبطانيات والماء - غالبا قبل أن تصل فرق الإغاثة الرسمية إلى الساحة. وفي عام 2005، وهو الذكرى العاشرة للزلزال، قال يوشينوبو فوكوساوا من مؤسسة تخفيف كارثة كوبي: "القطاع المحلي العام لم يكن مستعدا، والشعب لم يكن مستعدا، والحكومة الوطنية كانت أسوأ". وظاهريا، يبدو أن جهاز الدولة استجاب بسرعة أكبر هذه المرة، إذ أرسل على وجه السرعة القوات المسلحة إلى المناطق المتضررة.


    وفي عام 1995، تم إغلاق صناعة كوبي، كما لو كان ذلك إيحاء بتراجع القاعدة التصنيعية لليابان. ولم يتم إعادة افتتاح بعض الشركات أبدا، وكافح غيرها في الأشهر اللاحقة للحصول على قطع غيار لعملياتها التصنيعية، وهو المأزق الذي دفع كثيرين لإعادة النظر في نظام المخزون الشهير في لليابان، الذي يقوم على تأمين المواد حين طلبها فقط.


    لقد دفع زلزال عام 1995 اليابان إلى التشكيك بنفسها. وبعد أكثر من 15 سنة على ذلك، لا تزال هذه الشكوك قائمة.




يعمل...
X