طالبان تقترب من الحصول على مقعد حول الطاولة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طالبان تقترب من الحصول على مقعد حول الطاولة

    بعد أكثر من عامين من الخلافات والمنافسات الداخلية، تتوحد إدارة أوباما للمرة الأولى إزاء زيادة وتيرة المحادثات السرية التي تجريها مع طالبان. وتريد أيضاً المباشرة بإجراء محادثات أوسع مع البلدان الإقليمية، كباكستان، التي تمسك بمفتاح تسوية سلمية مع قيام الولايات المتحدة وحلف الناتو بإعداد العدة لسحب قواتهما بحلول عام 2014.

    ومع تردي الوضع في أفغانستان، مع بدء هجوم طالبان الصيفي الضاري بمجموعة من التفجيرات الانتحارية، تجري الاستعدادات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون للقيام بمبادرات دبلوماسية واسعة في الأشهر القليلة المقبلة للتقدم في العملية السلمية حديثة العهد والدفع في اتجاه وضع نهاية للحرب.


    لطالما عبرت البلدان الأعضاء في حلف الناتو، وبخاصة بريطانيا، والبلدان الإقليمية، تحديدا باكستان، عن شعورها بالإحباط من فشل الإدارة الأمريكية في التوحد والتحرك إلى الأمام بسرعة أكبر فيما يتعلق بإنهاء الحرب. ولدى البلدان الـ49 التي تشارك بقوات في أفغانستان رغبة شديدة في مغادرة البلد. وبدأ المسؤولون الأمريكيون يشعرون بشكل متزايد باشتداد الضغط الداخلي. فحسب استطلاع أجراه مركز abc، يعتقد ثلثا الشعب الأمريكي أن الحرب لم تعد تستحق القتال. وبمبلغ ملياري دولار في الأسبوع، فإن الحرب تنتزع تكلفة عالية من دافعي الضرائب الأمريكيين والأوروبيين.


    وبعد مقابلات مطولة أجريت في واشنطن مع كثير من اللاعبين الرئيسين المشاركين في السياسة المتبعة في أفغانستان، يتضح أن عدة مبادرات أمريكية يؤيدها حلف الناتو في الطريق. والهدف الواضح هو إنهاء ما يعترف الجميع، باستثناء بعض الجنرالات غير المطلعين، بأنه مأزق لا يمكن حله بقوة السلاح وحدها.


    ومنذ خريف العام الماضي عقد المسؤولون الأمريكيون جولتين من المحادثات مع ممثلين عن طالبان، لكن الأمور اللوجستية، وبخاصة التأكد ممن ينتمون حقاً إلى طالبان كانت صعبة. ولذلك تقبل الولايات المتحدة الآن طلبا تقدمت به طالبان لفتح مكتب سياسي لها، على الأغلب في إحدى الدول الخليجية، رغم أن تركيا تعد احتمالاً وارداً أيضاً. وسيكون هذا إيذاناً بتغيير حاسم لقرابة عقد من الاستراتيجية الأمريكية منذ الإطاحة بطالبان. وبوجود مثل هذا المكتب يمكن عقد محادثات مباشرة من دون عوائق بين طالبان والحكومة الأفغانية وأطراف خارجية كالولايات المتحدة.


    وإذا سارت المحادثات الحالية على نحو جيد، يمكن أن يتم نقل مكتب طالبان هذا إلى أفغانستان.


    يشار إلى أن حكومة حامد كرزاي تجري محادثات متقطعة مع طالبان منذ قرابة ثلاثة أعوام، لكن في غياب دعم الولايات المتحدة لم تحرز هذه المحادثات تقدماً. وقد طلبت حركة طالبان تحديداً أن تتحدث إلى الأمريكيين.


    وعلى جبهة أخرى، فرغم أشهر من احتداد الأمور بين وكالتي المخابرات الأمريكية والباكستانية، يقول مسؤولون أمريكيون إنهم حريصون على الدخول في محادثات مع الجيش الباكستاني لاستخدامه للمساعدة في إنهاء الحرب والسيطرة على الملاذات الآمنة التي تتمتع بها طالبان في باكستان. إن الإحباط الذي تشعر به الولايات المتحدة من باكستان لا يضاهيه إلا علمها بأنه لا يمكن تحقيق السلام في أفغانستان من دونها.


    وتشعر الزعامة الباكستانية بدورها بالإحباط بسبب رفض الأمريكيين مشاركتها رؤيتهم لعملية السلام، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه لم تكن هناك رؤية أمريكية موحدة لمشاركتها حتى الآونة الأخيرة. وفي ازدراء واضح للولايات المتحدة، قام قادة الجيش والقادة المدنيون الباكستانيون بزيارة كابل وتعهدوا بدعم محادثات كرزاي مع طالبان.


    وتتمثل إحدى المبادرات الأمريكية المتوقعة التي وعد أوباما القيام بها في 2008 وتوقفت بعدئذ، في الدفع من وراء الكواليس لإقناع الهند وباكستان بعقد محادثات لتقليل عدم الثقة المتبادل بينهما حول أفغانستان. ويمكن أن ينضم لهذه المحادثات في نهاية المطاف كل من حكومتي أفغانستان والولايات المتحدة. وبالتزامن مع ذلك، ترغب الولايات المتحدة في السعي إلى دفع دبلوماسي كبير مع البلدان الأخرى الخمسة المجاورة لأفغانستان، ومن ضمنها إيران، رغم أنه لا توجد لواشنطن علاقات دبلوماسية مع طهران.


    وفي الأشهر الأخيرة، تنازلت الولايات المتحدة بهدوء عن شروطها المسبقة بقيام طالبان بقطع علاقاتها مع القاعدة والقبول بالدستور الأفغاني قبل عقد محادثات مباشرة معها. وتقبل الولايات المتحدة بدلاً من ذلك أن تحقق طالبان هذه الشروط في نهاية المحادثات.


    وتم وضع جزء كبير من أسس هذه الاستراتيجية الجديدة من قبل ريتشارد هولبروك، الدبلوماسي الأمريكي الذي توفي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لكن فشل البيت الأبيض في تبني أفكاره تركه على الهامش. لقد أصبح الآن الدبلوماسي المتمرس مارك جروسمان هو المسؤول، وحصل على تعاون جميع الأطراف الحكومية، وبخاصة أوباما.


    إن التاريخ المستهدف الأول هو خطاب رئاسي في تموز (يوليو) للإيذان بأول انسحاب للقوات الأمريكية من أفغانستان. ويمكن أن يرسم أوباما بعدئذ استراتيجية جديدة بما في ذلك أول اعتراف علني بأن الولايات المتحدة تتحدث إلى طالبان.


    والتاريخ الثاني هو كانون الأول (ديسمبر) الذي يعقد فيه مؤتمر في ألمانيا احتفالاً بمرور عشرة أعوام على اجتماع بون الذي أعلن فيه عن تشكيل حكومة ما بعد طالبان في كابول. وبسبب الأحداث المتلاحقة، لم يضم ذلك الاجتماع حركة طالبان المهزومة. ونظراً لعدم إشراكها في ذلك المؤتمر، قامت بتمردها في 2003. وسيحاول المؤتمر الجديد التأكد من حضور طالبان شريكا كاملا، رغم أنه من غير المتوقع التوصل إلى اتفاقية سلام في هذه المرحلة المبكرة.


    هناك مشاكل كبيرة. فبعض جنرالات البنتاجون يعارضون سحباً كبيراً للقوات في تموز (يوليو) المقبل، ويرغبون في مواصلة الأعمال الهجومية حتى آخر العام. أما أوباما فيريد أن يكون الانسحاب كبيراً خاصة بسبب تزايد المشاعر العدائية للولايات المتحدة في أفغانستان ووصولها إلى الذروة في الآونة الأخيرة، واندلاع أعمال شغب بعد حرق القرآن (الكريم) في إحدى كنائس فلوريدا.


    لقد هيمن البنتاجون على مناقشة الوضع في أفغانستان منذ تولي أوباما منصبه، وذلك عبر الحديث عن أعداد الجنود، وتريد الإدارة الآن أن تغير توجهها وتتحدث بشكل أقل عن الجنود، وأكثر عن استراتيجية سياسية لإنهاء الحرب. وسيتم استبدال كثير من الجنرالات الكبار، بمن فيهم الجنرال باترويوس الذي يتولى قيادة القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو في أفغانستان، خلال الأشهر التسعة المقبلة ـــ الأمر الذي يعطي أوباما الفرصة للإتيان بضباط يتفقون مع استراتيجيته.


    وتتمثل إحدى العقبات في طلب كرزاي عقد ''اتفاقية شراكة استراتيجية'' مع الولايات المتحدة بعد عام 2014. وتحرص وزارة الدفاع الأمريكية على إبرام مثل هذه الاتفاقية كي تتمكن من الاحتفاظ بقاعدتين إلى ست قواعد في أفغانستان من أجل مواصلة الضغط على القاعدة. ويعارض معظم البلدان في المنطقة ـــ مثل باكستان والصين وروسيا ـــ احتفاظ الولايات المتحدة بوجود عسكري إلى مالا نهاية، بينما تعده إيران بمنزلة تهديد دائم لها.


    إن رغبة الولايات المتحدة في الاحتفاظ بقواعد في أفغانستان بعد عام 2014 تتعارض مع رغبة الولايات المتحدة في كسب تعاون البلدان المجاورة لأفغانستان. ومن دواعي القلق الأخرى تصاعد الخلاف بين المملكة العربية السعودية وإيران حول الثورات العربية. فالسعوديون يتهمون الإيرانيين بالوقوف وراء الاضطرابات الشيعية في الخليج، ولذلك فإن السعوديين يريدون تأمين وقوف باكستان وأفغانستان إلى جانبهم. ولكن لا يمكن لأي عملية سلام في أفغانستان أن تنجح من دون مشاركة إيران الكاملة فيها.


    لقد بدأت لعبة النهاية في أفغانستان. وستكون الكيفية التي تلعب بها الولايات المتحدة وحلف الناتو أوراقهما بالغة الأهمية. ويمكن لاندفاع بعض البلدان الأعضاء في حلف الناتو للخروج أن يثبت أنه كارثي. وبوصفها شريكا مفاوضا، تعد طالبان في أحسن الحالات رقماً مجهولاً.


    لكن هناك أخيراً في واشنطن تصميماً على أن تكون لديها استراتيجية سياسية بدلاً من الاعتماد على المحصلة العسكرية. وفي سياق العقد الماضي، فإن ذلك يعد اختراقاً.
يعمل...
X