الإخفاق زمن الرخاء زاد من قسوة الأيام الصعبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإخفاق زمن الرخاء زاد من قسوة الأيام الصعبة

    من المفترض أن تكون قصة تحوّل وزارة المالية من الرولز رويس إلى الترابانت معتادة الآن. ويمكن أن تتصور أنها كانت قصة مفيدة أيضاً، كونها دفعت إلى لحظة من التفكير، وربما التواضع، في أقوى وزارة في وايتهول. لكن فكر ثانية.

    دمرت الأزمة التضخمية في أوائل التسعينيات صدقية وزارة المالية في تحديد أسعار الفائدة. وسلّمت حكومة توني بلير القادمة آنئذ، السيطرة فوراً إلى بنك إنجلترا. وكشفت الأزمة المالية العالمية أوجه القصور المريعة للإطار المالي لوزارة المالية. وكانت استجابة ديفيد كاميرون هي تسليم الرقابة المالية إلى مكتب مسؤولية الميزانية الجديد.


    ولم تكن هذه عمليات تصويت بمنح الثقة. فمعظم المؤسسات كانت تتساءل عن الخطأ الذي حدث. لكن وفقاً لروايات كثير من الوزراء وكبار المسؤولين في وايتهول، فإن زهو وزارة المالية أكثر وضوحا من أي وقت مضى. ولم تظهر ما يدل على الندم.


    استخدم السير نيكولاس ماكفيرسون هذه النبرة في خطاب حديث له. فقد صنع الوكيل الدائم لوزارة المالية اسمه بالعمل لدى جوردن براون. وعلّق إيد بولز، الذي كان حينها مستشار وزير المالية، عندما حصل السير نيكولاس على المنصب الأعلى، بالقول: ''واحد منا''. وينبغي أن يواكب موظفو الخدمة المدنية الطموحين الأزمنة: السير نيكولاس انزلق بسهولة إلى دور كبير المشجعين لبرنامج تخفيض العجز لجورج أوزبورن. ويصفه فينس كيبل، وزير قطاع الأعمال ، بأنه ''الأصولي المالي من الثلاثينيات''.


    وبدأت ملاحظاته التي أعدها لحلقة دراسية في مركز ديموس الفكري، بتصوير وزارة المالية على أنها مشاهدة بريئة في موقع الحادث، وليست أكثر من ذلك: سارعت وزارة المالية إلى تقديم المساعدة بعد أن تسبب سائقون متهورون آخرون في حادث مالي رهيب.


    في هذا العالم الزجاجي، كان يكفي القول عن سجل وزارة المالية إنه ''حظي ببضع سنوات استثنائية: أزمة مصرفية متبوعة بركود وعجز كبير في الميزانية''. وانظر إلى مدى حسن استجابتها.


    قال السير نيكولاس إن وزارة المالية قدمت استعراضاً للإنفاق، وأبحرت في أزمة الديون السيادية في أوروبا. وأدى نجاحها في إعادة النظام إلى المالية العامة إلى انخفاض أسعار الفائدة، على الرغم من أنها ارتفعت في أماكن أخرى. وكان المسؤولون يعيدون كتابة النظام المالي. وبشكل عام، أظهرت وزارة المالية ''مهارات كلاسيكية في التحليل والتفاوض''.


    بعبارة أخرى، بدأ التاريخ بعد انتخابات أيار( مايو) الماضي. وأظهر كل شيء منذ ذلك الحين وزارة المالية في أفضل حالاتها. ووفقا لحكم السير نيكولاس المتواضع، بدأت وزارته العام المالي الجديد ''بصدقية أكبر باعتبارها وزارة مالية واقتصاد الدولة''.


    لم يسبق أن حصل الوكلاء الدائمون في وايتهول على جوائز التواضع. لكن لا بد أن تتساءل عما إذا كان السير نيكولاس يدرك إلى أي مدى تتناقض قصة النجاح الرائع التي رواها مع التجربة اليومية. فالناخبون يواجهون ضغوطاً عنيفة في مستويات المعيشة. وتم تجميد أجور ملايين الموظفين الحكوميين، وتقليص حقوقهم التقاعدية. وسيفقد مئات الآلاف وظائفهم. ولن يتم استكمال بناء المدارس والطرق والمستشفيات. والضرائب آخذة في الارتفاع.


    هل يكفي حقاً أن تقدم المؤسسة المسؤولة عن توجيه الاقتصاد اعترافها بالخطأ فقط بأن تقول: ''السنوات القليلة الماضية كانت صعبة جداً على وزارة المالية، كما كانت بالنسبة للاقتصاد العالمي؟''.


    لم تكن وزارة المالية مسؤولة عن الانهيار المالي، إلا أن إخفاقاتها الواضحة خلال سنوات الازدهار ساعدت في تضخيم العواقب. فقبل انهيار سوق القروض سيئة الائتمان في الولايات المتحدة بكثير كان كبار البيروقراطيين يقللون باستمرار من أهمية تدهور الموقف المالي للحكومة. وكانت الميزانية بعد استعراض الإنفاق دائما تفترض أن عائدات الضرائب المرتفعة من البنوك ستكفي لدفع ثمن الإنفاق العام المرتفع. وتم التحايل على القواعد المالية لوزارة المالية لإثبات هذه النقطة. أما بالنسبة للرقابة على النظام المالي، فقد اعتبرت الأنظمة ''الخفيفة'' كافية للقيام بالمهمة.


    بالطبع، كان يتم اتخاذ كل القرارات من قبل الوزراء - وبخاصة براون ـ لكنني لا أستطيع أن أتذكر أي تلميح عن أي معارضة رسمية من جانب السير نيكولاس، أو زملائه.


    ولم تكن وزارة المالية هي الوحيدة التي ارتكبت أخطاءً. فقد تردد بنك إنجلترا أيضاً في الاعتراف بفشله في مراقبة سلامة البنوك، أو توقع المخاطر في الازدهار الائتماني. وعلى الرغم من ارتفاع التضخم أكثر من ضعفي الهدف الرسمي، لا يزال البنك لا يبدي، مثل وزارة المالية، أي توبة.


    ألشيء المقلق هو ما يدل عليه كل هذا بالنسبة للمستقبل. فالمؤسسات التي تقنع نفسها بأنها معصومة من الخطأ ستكرر بلا شك قراراتها السيئة. وقد تكون وزارة المالية محقة في التفكير بأن أفضل طريقة لتحريك الاقتصاد ثانية هي القضاء على العجز خلال فترة برلمان واحد. وقد تكون مخطئة أيضاً.


    حين اقترح السير غاس أودونيل سرا، أن على وزارة المالية التفكير في خطط للطوارئ، أخبر السير نيكولاس أوزبورن أن مجلس الوزراء يضع دباباته فوق ساحات وزارة المالية. وتم على وجه السرعة إلغاء المجلس الاقتصادي الوطني، مصدر التحليل الاقتصادي تحت سيطرة مكتب رئيس الوزراء. وهكذا تنطلق سيارة ترابانت، وتزيد سرعتها مع رسوخ تخفيضات الإنفاق. لنأمل ألا تتجه نحو طريق مسدود آخر.
يعمل...
X