الثورة الليبية تعلم أوروبا معايشة التردد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الثورة الليبية تعلم أوروبا معايشة التردد

    لم يكن الرئيس باراك أوباما في واشنطن عندما ضربت أول الصواريخ الأهداف في ليبيا. فحينما ذهبت الولايات المتحدة إلى الحرب في نهاية الأسبوع – الثالثة أثناء فترة رئاسته – غادر أوباما إلى البرازيل لمناقشة التجارة. وكان من الممكن إلغاء الرحلة، لكن البيت الأبيض أراد أن يستفيد منها على نحو إيجابي. وأكد غياب الرئيس موقف الإدارة. فالولايات المتحدة تدعم الضربات ضد العقيد معمر القذافي، لكنها لا تتصدر الإصرار عليها، وليست في موضع القيادة. هذا ليس نوع القيادة الذي اعتاد عليه العالم. ومن ناحيه أخرى، هذا هو الموقف الذي قال الجانب الأكبر من العالم ـ القسم الذي افتتن بانتخاب أوباما ـ إنه يريده. والآن، حصلنا عليه وسنرى إلى متى يدوم، وإلى أي حد سينجح. وكما تتوقع، فإن صقور السياسة الخارجية الأمريكية غير مبالين ويقولون إن أوباما كان متردداً. وبينما كان الحلفاء يجمعون تحالفهم، ويحصلون على قرار الأمم المتحدة الذي يريدونه، حصل العقيد القذافي على اليد العليا. وإذا اختلطت قواته مع المدنيين في بنغازي والمدن الأخرى، فإن الهجوم الجوي سيكون صعباً. وكانت مساعدة الثوار ستكون أمراً سهلاً قبل أسبوعين. والآن، مع بقاء العقيد القذافي متمسكا بالسلطة، ربما يتعين على الحلفاء مراقبة انقسام البلاد إلى شطرين. يمثل سماع هذه الحجج من الصقور الأمريكيين جانباً من الأمر. وإذا لزم الأمر، أي حينما تكون المصالح الحيوية على المحك، فإنهم يريدون أن تتصرف الولايات المتحدة بمبادرة منها، وليذهب القانون الدولي إلى الجحيم. وإنه لأمر آخر – في الواقع، إنه أمر لا يصدق – أن تسمع شكاوى مشابهة حول التردد والعصبية من جانب بعض الأوروبيين. لقد خذلنا أوباما، حسبما يقولون. لقد أضعنا وقتاً ثميناً. قبل فترة ليست طويلة كانت أوروبا تتذمر من أن الولايات المتحدة متنمرة، ومتهورة، ولها اليد العليا. وقبل فترة ليست طويلة أيضا، كانت أوروبا منتشية من انتخاب أوباما، لأن ذلك لم يكن أسلوبه. ربما تعتقد بعد أن تمنيت طويلاً أن يكون لديك رئيس حذر، يتشاور مع البلدان الأخرى ويحترم آراءها – وبعد أن أبديت بصوت عالٍ احتقارك لجورج دبليو بوش لأنه لم يكن يتسم بأي من هذه الأمور – أن الأوروبيين سيترددون في القول: ''انتهى وقت التشاور، عليك أن تبدأ بإطلاق الرصاص''. إن هذين النوعين من المنتقدين – الصقور الأمريكيون، وعدة أطراف عسكرية في أوروبا – على حق في القول إن التردد أعاق هجمات الحلفاء وجعل المهمة أصعب. والمشكلة التي تواجه الأطراف المتعددة هي أن التردد مصمم في النظام الذي يؤيدونه. وإذا لم تكن قادراً على تحمل التردد، فمن الأفضل ألا تطالب بتفويض من الأمم المتحدة فيما يتعلق بتدخلاتك العسكرية.

    يقول الأوروبيون إن وجود قيادة أمريكية أفضل كان سيجلب الحلفاء إلى نقطة العمل بشكل أسرع. كيف؟ لدى أمريكا سبب منطقي للتأخر خلف المملكة المتحدة وفرنسا. وكانت محقة بشأن قلقها حيال مزيد من إشعال المشاعر ضدها في العالم الإسلامي. وإذا تم النظر إلى العملية على أنها بقيادة الولايات المتحدة، فمن شأن ذلك أن يساعد النظام الليبي على تحريك المقاومة في الوطن والخارج. كما أن الموارد العسكرية الأمريكية تعمل بأكثر من قدرتها فعلياً. وكان البنتاجون متشككاً إزاء هذه المهمة، وعبّر عن تحفظه على الملأ. ولا يتغاضى رئيس حكيم عن مثل تلك النصيحة باستخفاف. علاوة على ذلك، حتى لو قامت الولايات المتحدة بالدفع بقوة أكبر، فإن تحالفاً مع بريطانيا وفرنسا سيكون رغم ذلك، صغيراً للغاية بحسب آراء أطراف عديدة. وكان لا بد لحشد إجماع عريض، ومشاركة إقليمية، وإضفاء شرعية على العملية بالقانون الدولي، أن يستغرق بعض الوقت. وتحقيق تلك الشروط سريعاً والحصول على تفويض، ليس لفرض منطقة حظر جوي عديمة الجدوى فحسب، وإنما كذلك من أجل ''جميع التدابير اللازمة''، يعد إنجازاً مهماً. ورغم الاحتمالات، اجتازت التعددية المسلحة أول اختبار لها: أطلق الحلفاء تدخلاً أمامه فرصة للنجاح. لسوء الحظ، ثمن التعددية لا يقتصر على التأخير المبدئي وحده. فمن الصعب أن تحارب بواسطة مجموعة، خصوصاً حين يتم فحص كل أسلوب من حيث الأهمية السياسية. وتم الاعتماد بشكل كبير للغاية على هذا العمل التعاوني، بحيث ينبغي المحافظة على التحالف بغض النظر عن التكاليف. ولنفترض أنه تبين أن القتال أصعب مما توقع الحلفاء، فهل يتفقون على كيف يجب تصعيد القتال، أو ما إذا كان ينبغي تصعيده ابتداء؟ وقد تم تأكيد دعم الجامعة العربية عند كل منحنى، فهل يعطيها ذلك حق النقض بشأن الحملة؟ سيكون ذلك غريباً، خصوصا أن أمين عام الجامعة العربية قال يوم الأحد إن الضربات الجوية لم تكن ما تصورته الجامعة. باختصار، الشكوك أحادية الجانب راسخة جيداً. ومع ذلك، مزايا تعددية الرضا عن الذات تبدو جذابة، حتى من وجهة النظر الأمريكية الضيقة. وللشرعية من وجهة نظر البلدان الأخرى قيمة في عالم يملك فيه التعاون أهمية. وفي ليبيا، فإن الحلفاء يفعلون الشيء الصحيح، ويكسبون أصدقاء، دعونا نأمل ذلك – في حين أن نطاق التحالف، وقرار الأمم المتحدة، والموقف الأمريكي ''الثالث بين نظراء'' يدحض الاتهامات بأن أمريكا فتحت جبهة جديدة ضد الإسلام. وفي ظل ظروف مقيدة مالياً، فإن المشاركة الأوسع في تحمّل أعباء الأمن العالمي أمر جيد للغاية. من الصعب المبالغة في حجم النتائج. فحتى إذا انهار النظام الليبي، ستكون هناك أوقات يندم فيها الحلفاء على دورهم في العواقب. ورغم ذلك، إذا سارت الأمور جيداً، سيخرج القذافي، وستتم استعادة السلام، وستقوم ليبيا بخطوات مترددة نحو الديمقراطية. وسيسجل العمل الجماعي بموجب قرار الأمم المتحدة نصراً هائلاً، وسيتم تحديد نمط جديد. وإذا طالت المغامرة، أو انهارت – خصوصاً إذا تم النظر إلى خاصية التعددية على أنها السبب – فإنها ستدفع العلاقات الدولية إلى الناحية الأخرى. ثمة مجهول وحيد تم إهماله على نحو غريب حتى الآن، هو وجهة نظر الناخب الأمريكي. وكان المزاج العام ضد تدخل الولايات المتحدة. وإذا سارت الأمور على ما يرام، سيقتنع الناخبون ويكونون فخورين. وإذا لم تفعل، فلن تعنيهم كثيراً الشرعية الدولية وسيسألون بدلاً من ذلك عن الشرعية في الوطن. فإذا كانت تلك حرب أخرى، أين كان الكونغرس؟ وقراراتُ مَنْ تحديداً تلك التي تُعرِّض القوات الأمريكية إلى الخطر؟ ولماذا لم يكن الرئيس في المكتب البيضاوي حينما بدأ كل هذا، ليوضح قراراه إلى الأمة؟ كان لديه اجتماع في البرازيل.
يعمل...
X