تعتبر بورصات العملة إحدى أسواق التعامل في النقد الأجنبي، وهي توجد في كافة أنحاء العالم، خاصة في المراكز المالية الكبرى، مثل: نيويورك، ولندن، وباريس، وزيورخ، وفرانكفورت، وطوكيو، وهامبورج... إلخ، وترتبط هذه الأسواق ببعضها البعض بواسطة شبكات الحاسبات الآلية والتليفون والفاكس والتلكس وغيرها.
ولدى هذه المراكز المالية ترتيبات تحقق سهولة انتقال العملات من سوق إلى أخرى؛ وهو ما يؤدي لتقارب أسعار العملات في كافة الأسواق، حيث إن قوى العرض والطلب هي الأساس الذي تعتمد عليه الأسواق المذكورة في تحديد أسعار العملات الأجنبية المتجانسة في مختلف الأسواق، إذ إن الدولار الأمريكي أو اليورو أو الجنيه الإسترليني أو غيرها في سوق لندن يعتبر متجانسًا مع الدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني أو اليورو في سوق نيويورك أو في سوق طوكيو أو غيرهما.
وبعبارة أخرى فإن سوق العملات الأجنبية، ليست مكانًا أو موقعًا جغرافيًّا محدودًا، ولكنها تنشأ من خلال المعاملات التي تحدث بين البائعين والمشترين، سواء حدث ذلك داخل البورصة المحلية للعملات أم في البورصات العالمية المتعددة والتي يعمل فيها خبراء يعرفون باسم المحكمين يقومون بعمليات شراء وبيع العملات الأجنبية، بهدف الاستفادة من فروق الأسعار بين البيع والشراء، ويطلق على هذه العمليات (التحكيم) أو الموازنة.
دور السماسرة
ويلعب السماسرة دورًا مهمًّا في التأثير على قيمة العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالعملات التي لا تستطيع البنوك أن تحقق تلاقي رغبات البائعين والمشترين لها.
ويعتبر هؤلاء السماسرة بمثابة القناة التي من خلالها تستطيع الحكومات شراء وبيع النقد الأجنبي؛ إذ يمكن للحكومات الحصول على المعلومات اللازمة لها عن سوق العملات الأجنبية، إذا ما أرادت أن تحدد السعر الرسمي للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، أو عندما يكون البنك المركزي مسئولا عن تنفيذ المعاملات الرسمية التي تتم بالعملات الأجنبية.
وعادة ما تحرص الحكومات على وجود نوع من الثقة بينها، وبين السماسرة، طالما أن المعلومات التي تكون لدى السماسرة عن نشاط الحكومات في أسواق العملات الأجنبية يمكن أن تؤدي إلى تحقيق مكاسب مالية كبيرة من المضاربة الاقتصادية الفردية.
ويكون هؤلاء السماسرة على صلة مستمرة واتصالات دائمة مع البنوك التجارية تليفونيًّا وإلكترونيًّا، سواء داخل المدينة الواحدة أم داخل الدولة أم مع أسواق العملات الأجنبية في الخارج، بحيث يتحقق في نهاية تقابل العرض والطلب على العملات الأجنبية الحصول إلى أسعار التوازن لهذه العملات على مستوى العالم ككل.
ويعني ذلك اتجاه الأسعار السائدة للعملات الأجنبية في مختلف الأسواق إلى الاقتراب من المساواة التامة، بعد استبعاد تكاليف إجراء المعاملات، وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الدول الأوربية الغربية خاصة في فرنسا وألمانيا يوجد بورصة رسمية، حيث يجتمع كل 12 ساعة مندوبون عن البنوك وعن السماسرة وعن البنك المركزي لتحديد سعر الصرف، وتكون هذه اللجنة على اتصال تليفوني مع اللجان الرسمية الأخرى في بقية المدن الأوربية الرئيسية، بحيث يتم امتصاص فائض المعروض من العملات الأجنبية.
وهكذا نجد أن مثل هذه اللجان تفيد في تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية يوميًّا، وتطبق على المعاملات ضئيلة القيمة ومعاملات مكاتب بيع وشراء العملات الأجنبية لبعض الأغراض القانونية، مثل حساب الضريبة على الدخل بالعملات الأجنبية، أما بالنسبة للمعاملات الكبيرة الحجم والقيمة فإنها تتم وفقا لأسعار السوق الحرة، والتي عادة ما تختلف عن الأسعار الرسمية المعلنة يوميًّا.
اقتصاد رمزي
ولا يخفى أن سوق العملة تعتبر ضرورية لتنشيط حركة التجارة الدولية، سواء فيما يتعلق بالصفقات الحاضرة أم بالصفقات المستقبلية، حيث تساعد على توفير التمويل اللازم لتدفق السلع والخدمة، عبر مختلف دول العالم، فضلا عن المساعدة على تدفق رؤوس الأموال من دول الفائض إلى دول العجز المالي وتنشيط أسواق المال والنقد، والمساهمة في توفير التمويل اللازم لمشروعات التنمية الاقتصادية.
كما تلعب هذه البورصات دورًا مؤثرًا في تحقيق استقرار النظام النقدي العالمي، وتقارب مستويات أسعار العملات الحرة في مختلف الأسواق المنتشرة في مناطق جغرافية متباعدة على مستوى العالم.
وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أن حجم المعاملات في بورصات العملة يوميا يبلغ نحو 150 مليار دولار، أي ما يقرب من 35 تريليون دولار سنويا. وهو ما جعل بعض الاقتصاديين يربط ذلك بظاهرة الاقتصاد الرمزي الذي يعني حركة الأموال في الأسواق الدولية للعملات، دون أن يكون ذلك مرتبطًا بتمويل التجارة الدولية أو بحجمها، ويكون تداول العملات في صورتها النقدية أو الاسمية، وفي إطار المضاربة على القيمة للحصول على فروق سعرية تحقق أرباحًا للمضاربين.
وتمثل المعاملات الآجلة في بورصات العملة على مستوى العالم حوالي 75% من إجمالي قيمة عمليات التبادل النقدي للعملات الدولية، بهدف تنمية حركة التجارة الدولية، وتتراوح فترة التعامل بين شهر و6 أشهر بعكس المعاملات المستقبلية التي تزيد على 6 أشهر، حيث لا تمثل إلا ما بين 6 و10% من إجمالي قيمة التعاملات؛ نظرا لأنها تنطوي على المخاطرة، بسبب التغيرات المفاجئة؛ الأمر الذي لا يشجع على المضاربة في العملة.
ويلاحظ أن معاملات التحويلات النقدية تشكل أكبر وزن نسبي من المعاملات الدولية في كافة البورصات، حيث لا يمثل التسليم العيني للمعاملات أكثر من 1% من إجمالي المعاملات المستقبلية.
طريقة المضاربة ومخاطرها
وتعتمد المعاملات في بورصات العملة على معرفة التوقعات التي يقودها المتعاملون في هذه البورصات فيتجهون إلى شراء أو بيع العملة تبعًا لذلك، وقد تكون هذه المعرفة أو المعلومات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية يمكن أن تحدث في المستقبل، وتعمل المضاربة على زيادة المخاطر المرتبطة بتحقيق خسائر، نتيجة احتمال انخفاض الأسعار لبعض العملات بشكل غير متوقع، وعلى نحو تعجز فيه عمليات التغطية عن تحقيق استقرار قيم العملات المتداولة.
وقد ترجع الأسباب المفاجئة إلى أحداث سياسية أو طبيعية سارة أو غير سارة أو نتيجة قرارات ذات طابع اقتصادي مفاجئة للتأثير على ميزان المدفوعات ومواجهة مشكلاته.
وتعتمد المضاربة على أساس توقعات سعر الصرف في المستقبل ومقارنتها بالأسعار الحاضرة للعملات المتداولة، فإن كانت التوقعات تشير إلى احتمالات انخفاض سعر إحدى العملات الأجنبية عن السعر الحاضر لها في الأسواق يتجه المضاربون إلى تعجيل بيع العملات الموجودة لديهم تجنبا لتحقيق خسائر.
أما إذا كانت التوقعات تشير إلى احتمالات ارتفاع سعر إحدى العملات المتداولة، فإن المضاربين يتجهون إلى شراء العملة أملا في الحصول على أرباح في المستقبل، وفي مثل هذه الحالة فإن المستقبل قد لا يجيء مطابقًا للتوقعات، ويحدث انخفاض في أسعار العملة بدلا من ارتفاعه؛ وهو ما يؤدي إلى تحقيق خسارة للمضاربين يتوقف حجمها على مقدار الفرق بين ثمن الشراء وثمن البيع للعملات الأجنبية المتداولة.
ويتوقف العائد المتوقع من عمليات المضاربة على طول فترة الاستثمار للأموال، حيث نجد أن هناك علاقة عكسية بين طول فترة الاستثمار ومعدل العائد من المضاربة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل لا ترتبط بتوقعات سعر المصرف في المستقبل؛ بسبب صعوبة التنبؤ بهذا السعر، إذا كانت الفترة الزمنية طويلة، وإلى تقارب تغيرات سعر الصرف النسبية في مختلف الدول مع تغيرات الأسعار المحلية النسبية، ومثال ذلك تقارب المكاسب المرتفعة الناتجة عن رأس المال في دولة يرتفع فيها معدل التضخم، مع الخسائر الناتجة عن تخفيض سعر الصرف لهذه الدولة.
وتحدث عمليات المضاربة كذلك مع لجوء أحد المضاربين إلى الاقتراض بالعملات التي يتوقع انخفاض قيمتها في المستقبل، وإن كانت عملة مختلفة عن عملة البلد الذي يحملون جنسيته. وفي حالة حدوث ارتفاع في قيمة العملة بشكل فجائي، فإن المضاربين يخسرون خسائر فادحة وفقا لحجم الأموال المقترضة التي يتعين سدادها أعلى من سعر الصرف عند اقتراضها من الجهاز المصرفي.
ونظرًا لأن المضاربة تتضمن عنصر المخاطرة فإن احتمالات تحقيق خسائر من التعامل في بيع وشراء العملات أو من الإقراض والاقتراض تزيد احتمالات حدوثها في ظل عدم التنبؤ، وفي ظل عدم التأكد عن المستقبل.
وفي نفس الوقت فإن قصر فترة استمرار التغيرات غير العادية في سعر الصرف يجعل من الصعوبة الإحساس بوجود المضاربة وصعوبة استخدام الدراسات القياسية لمعرفة تأثير المضاربة على قيمة العملة، وارتباط ذلك بالعوائد الإيجابية أو السلبية (الخسائر) التي تتحقق نتيجة حيازة أصول مالية بالعملات الأجنبية.
وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت حول المضاربة غير العادية على عملتي الدولار والجنيه الإسترليني خلال الفترة (1981- 1984) إلى أن التغيرات غير الطبيعية في أسعار الإسترليني وما نتج منها من خسائر منها التحول إلى حيازة الدولار الأمريكي، ترجع إما إلى التوقعات غير الرشيدة عن توازن الثبات (زيادة العوائد أو نقصها بشكل غير عادي، ولكنها تتصف بالرشد) أو إلى العوامل الرئيسية التي تتنافر مع بعضها البعض.
كما أوضحت الدراسة أن عائد المخاطرة الذي يفصل سعر الصرف الآجل عن سعر الصرف العاجل المتوقع في المستقبل، يساوي الفرق بين سعر الفائدة الحقيقي المتوقع على السندات المصدرة بكل من الدولار والإسترليني، وذلك بشرط أن تكون الانحرافات عن تعادل القوة الشرائية للعملتين متناسبة مع عائد المضاربة في العقارات.
جدل اقتصادي
ويجادل بعض الاقتصاديين بأن الأحداث التاريخية على الصعيد الاقتصادي لا تؤكد وجود ارتباط بين عدم التأكد والمضاربة غير المستقرة ما لم يحدث خطأ في تعريف المضاربة بحيث تشمل هذه الأخيرة سعر الصرف الثابت بصرف النظر عن المغالاة التي تتصف بها قيمة العملة المحددة.
وفي مثل هذه الحالة، فإن المضاربين يحققون خسائر عندما تؤدي المضاربة إلى انحراف سعر الصرف عن السعر التوازني، حيث إنهم يتجهون إلى شراء العملات عندما يكون سعرها مرتفعا، ثم يبيعونها عندما تتجه أسعارها إلى الانخفاض عن مستوى التوازن.
ورغم ذلك فإن المضاربين في البورصات الخاصة بالعملة يمكنهم تحقيق أرباح عندما يقومون بشراء العملات عندما يقترب سعرها إلى أدنى الانخفاض، ويقومون ببيعها عندما تقترب الأسعار من نهاية الارتفاع.
كما يلاحظ أن المضاربة ذاتها تؤدي إلى تغيير سعر الصرف العاجل أو الحاضر؛ وهو ما يؤدي إلى وجود حالة عدم التأكد أمام المضاربين بشأن الأرباح التي يمكن لهم تحقيقها في المستقبل، والتي تعتمد على العلاقة بين سعر الصرف الحاضر وسعر الصرف المتوقع في المستقبل، وكلاهما يتأثر بأنشطة المضاربة..
ولدى هذه المراكز المالية ترتيبات تحقق سهولة انتقال العملات من سوق إلى أخرى؛ وهو ما يؤدي لتقارب أسعار العملات في كافة الأسواق، حيث إن قوى العرض والطلب هي الأساس الذي تعتمد عليه الأسواق المذكورة في تحديد أسعار العملات الأجنبية المتجانسة في مختلف الأسواق، إذ إن الدولار الأمريكي أو اليورو أو الجنيه الإسترليني أو غيرها في سوق لندن يعتبر متجانسًا مع الدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني أو اليورو في سوق نيويورك أو في سوق طوكيو أو غيرهما.
وبعبارة أخرى فإن سوق العملات الأجنبية، ليست مكانًا أو موقعًا جغرافيًّا محدودًا، ولكنها تنشأ من خلال المعاملات التي تحدث بين البائعين والمشترين، سواء حدث ذلك داخل البورصة المحلية للعملات أم في البورصات العالمية المتعددة والتي يعمل فيها خبراء يعرفون باسم المحكمين يقومون بعمليات شراء وبيع العملات الأجنبية، بهدف الاستفادة من فروق الأسعار بين البيع والشراء، ويطلق على هذه العمليات (التحكيم) أو الموازنة.
دور السماسرة
ويلعب السماسرة دورًا مهمًّا في التأثير على قيمة العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالعملات التي لا تستطيع البنوك أن تحقق تلاقي رغبات البائعين والمشترين لها.
ويعتبر هؤلاء السماسرة بمثابة القناة التي من خلالها تستطيع الحكومات شراء وبيع النقد الأجنبي؛ إذ يمكن للحكومات الحصول على المعلومات اللازمة لها عن سوق العملات الأجنبية، إذا ما أرادت أن تحدد السعر الرسمي للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، أو عندما يكون البنك المركزي مسئولا عن تنفيذ المعاملات الرسمية التي تتم بالعملات الأجنبية.
وعادة ما تحرص الحكومات على وجود نوع من الثقة بينها، وبين السماسرة، طالما أن المعلومات التي تكون لدى السماسرة عن نشاط الحكومات في أسواق العملات الأجنبية يمكن أن تؤدي إلى تحقيق مكاسب مالية كبيرة من المضاربة الاقتصادية الفردية.
ويكون هؤلاء السماسرة على صلة مستمرة واتصالات دائمة مع البنوك التجارية تليفونيًّا وإلكترونيًّا، سواء داخل المدينة الواحدة أم داخل الدولة أم مع أسواق العملات الأجنبية في الخارج، بحيث يتحقق في نهاية تقابل العرض والطلب على العملات الأجنبية الحصول إلى أسعار التوازن لهذه العملات على مستوى العالم ككل.
ويعني ذلك اتجاه الأسعار السائدة للعملات الأجنبية في مختلف الأسواق إلى الاقتراب من المساواة التامة، بعد استبعاد تكاليف إجراء المعاملات، وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الدول الأوربية الغربية خاصة في فرنسا وألمانيا يوجد بورصة رسمية، حيث يجتمع كل 12 ساعة مندوبون عن البنوك وعن السماسرة وعن البنك المركزي لتحديد سعر الصرف، وتكون هذه اللجنة على اتصال تليفوني مع اللجان الرسمية الأخرى في بقية المدن الأوربية الرئيسية، بحيث يتم امتصاص فائض المعروض من العملات الأجنبية.
وهكذا نجد أن مثل هذه اللجان تفيد في تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية يوميًّا، وتطبق على المعاملات ضئيلة القيمة ومعاملات مكاتب بيع وشراء العملات الأجنبية لبعض الأغراض القانونية، مثل حساب الضريبة على الدخل بالعملات الأجنبية، أما بالنسبة للمعاملات الكبيرة الحجم والقيمة فإنها تتم وفقا لأسعار السوق الحرة، والتي عادة ما تختلف عن الأسعار الرسمية المعلنة يوميًّا.
اقتصاد رمزي
ولا يخفى أن سوق العملة تعتبر ضرورية لتنشيط حركة التجارة الدولية، سواء فيما يتعلق بالصفقات الحاضرة أم بالصفقات المستقبلية، حيث تساعد على توفير التمويل اللازم لتدفق السلع والخدمة، عبر مختلف دول العالم، فضلا عن المساعدة على تدفق رؤوس الأموال من دول الفائض إلى دول العجز المالي وتنشيط أسواق المال والنقد، والمساهمة في توفير التمويل اللازم لمشروعات التنمية الاقتصادية.
كما تلعب هذه البورصات دورًا مؤثرًا في تحقيق استقرار النظام النقدي العالمي، وتقارب مستويات أسعار العملات الحرة في مختلف الأسواق المنتشرة في مناطق جغرافية متباعدة على مستوى العالم.
وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أن حجم المعاملات في بورصات العملة يوميا يبلغ نحو 150 مليار دولار، أي ما يقرب من 35 تريليون دولار سنويا. وهو ما جعل بعض الاقتصاديين يربط ذلك بظاهرة الاقتصاد الرمزي الذي يعني حركة الأموال في الأسواق الدولية للعملات، دون أن يكون ذلك مرتبطًا بتمويل التجارة الدولية أو بحجمها، ويكون تداول العملات في صورتها النقدية أو الاسمية، وفي إطار المضاربة على القيمة للحصول على فروق سعرية تحقق أرباحًا للمضاربين.
وتمثل المعاملات الآجلة في بورصات العملة على مستوى العالم حوالي 75% من إجمالي قيمة عمليات التبادل النقدي للعملات الدولية، بهدف تنمية حركة التجارة الدولية، وتتراوح فترة التعامل بين شهر و6 أشهر بعكس المعاملات المستقبلية التي تزيد على 6 أشهر، حيث لا تمثل إلا ما بين 6 و10% من إجمالي قيمة التعاملات؛ نظرا لأنها تنطوي على المخاطرة، بسبب التغيرات المفاجئة؛ الأمر الذي لا يشجع على المضاربة في العملة.
ويلاحظ أن معاملات التحويلات النقدية تشكل أكبر وزن نسبي من المعاملات الدولية في كافة البورصات، حيث لا يمثل التسليم العيني للمعاملات أكثر من 1% من إجمالي المعاملات المستقبلية.
طريقة المضاربة ومخاطرها
وتعتمد المعاملات في بورصات العملة على معرفة التوقعات التي يقودها المتعاملون في هذه البورصات فيتجهون إلى شراء أو بيع العملة تبعًا لذلك، وقد تكون هذه المعرفة أو المعلومات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية يمكن أن تحدث في المستقبل، وتعمل المضاربة على زيادة المخاطر المرتبطة بتحقيق خسائر، نتيجة احتمال انخفاض الأسعار لبعض العملات بشكل غير متوقع، وعلى نحو تعجز فيه عمليات التغطية عن تحقيق استقرار قيم العملات المتداولة.
وقد ترجع الأسباب المفاجئة إلى أحداث سياسية أو طبيعية سارة أو غير سارة أو نتيجة قرارات ذات طابع اقتصادي مفاجئة للتأثير على ميزان المدفوعات ومواجهة مشكلاته.
وتعتمد المضاربة على أساس توقعات سعر الصرف في المستقبل ومقارنتها بالأسعار الحاضرة للعملات المتداولة، فإن كانت التوقعات تشير إلى احتمالات انخفاض سعر إحدى العملات الأجنبية عن السعر الحاضر لها في الأسواق يتجه المضاربون إلى تعجيل بيع العملات الموجودة لديهم تجنبا لتحقيق خسائر.
أما إذا كانت التوقعات تشير إلى احتمالات ارتفاع سعر إحدى العملات المتداولة، فإن المضاربين يتجهون إلى شراء العملة أملا في الحصول على أرباح في المستقبل، وفي مثل هذه الحالة فإن المستقبل قد لا يجيء مطابقًا للتوقعات، ويحدث انخفاض في أسعار العملة بدلا من ارتفاعه؛ وهو ما يؤدي إلى تحقيق خسارة للمضاربين يتوقف حجمها على مقدار الفرق بين ثمن الشراء وثمن البيع للعملات الأجنبية المتداولة.
ويتوقف العائد المتوقع من عمليات المضاربة على طول فترة الاستثمار للأموال، حيث نجد أن هناك علاقة عكسية بين طول فترة الاستثمار ومعدل العائد من المضاربة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل لا ترتبط بتوقعات سعر المصرف في المستقبل؛ بسبب صعوبة التنبؤ بهذا السعر، إذا كانت الفترة الزمنية طويلة، وإلى تقارب تغيرات سعر الصرف النسبية في مختلف الدول مع تغيرات الأسعار المحلية النسبية، ومثال ذلك تقارب المكاسب المرتفعة الناتجة عن رأس المال في دولة يرتفع فيها معدل التضخم، مع الخسائر الناتجة عن تخفيض سعر الصرف لهذه الدولة.
وتحدث عمليات المضاربة كذلك مع لجوء أحد المضاربين إلى الاقتراض بالعملات التي يتوقع انخفاض قيمتها في المستقبل، وإن كانت عملة مختلفة عن عملة البلد الذي يحملون جنسيته. وفي حالة حدوث ارتفاع في قيمة العملة بشكل فجائي، فإن المضاربين يخسرون خسائر فادحة وفقا لحجم الأموال المقترضة التي يتعين سدادها أعلى من سعر الصرف عند اقتراضها من الجهاز المصرفي.
ونظرًا لأن المضاربة تتضمن عنصر المخاطرة فإن احتمالات تحقيق خسائر من التعامل في بيع وشراء العملات أو من الإقراض والاقتراض تزيد احتمالات حدوثها في ظل عدم التنبؤ، وفي ظل عدم التأكد عن المستقبل.
وفي نفس الوقت فإن قصر فترة استمرار التغيرات غير العادية في سعر الصرف يجعل من الصعوبة الإحساس بوجود المضاربة وصعوبة استخدام الدراسات القياسية لمعرفة تأثير المضاربة على قيمة العملة، وارتباط ذلك بالعوائد الإيجابية أو السلبية (الخسائر) التي تتحقق نتيجة حيازة أصول مالية بالعملات الأجنبية.
وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت حول المضاربة غير العادية على عملتي الدولار والجنيه الإسترليني خلال الفترة (1981- 1984) إلى أن التغيرات غير الطبيعية في أسعار الإسترليني وما نتج منها من خسائر منها التحول إلى حيازة الدولار الأمريكي، ترجع إما إلى التوقعات غير الرشيدة عن توازن الثبات (زيادة العوائد أو نقصها بشكل غير عادي، ولكنها تتصف بالرشد) أو إلى العوامل الرئيسية التي تتنافر مع بعضها البعض.
كما أوضحت الدراسة أن عائد المخاطرة الذي يفصل سعر الصرف الآجل عن سعر الصرف العاجل المتوقع في المستقبل، يساوي الفرق بين سعر الفائدة الحقيقي المتوقع على السندات المصدرة بكل من الدولار والإسترليني، وذلك بشرط أن تكون الانحرافات عن تعادل القوة الشرائية للعملتين متناسبة مع عائد المضاربة في العقارات.
جدل اقتصادي
ويجادل بعض الاقتصاديين بأن الأحداث التاريخية على الصعيد الاقتصادي لا تؤكد وجود ارتباط بين عدم التأكد والمضاربة غير المستقرة ما لم يحدث خطأ في تعريف المضاربة بحيث تشمل هذه الأخيرة سعر الصرف الثابت بصرف النظر عن المغالاة التي تتصف بها قيمة العملة المحددة.
وفي مثل هذه الحالة، فإن المضاربين يحققون خسائر عندما تؤدي المضاربة إلى انحراف سعر الصرف عن السعر التوازني، حيث إنهم يتجهون إلى شراء العملات عندما يكون سعرها مرتفعا، ثم يبيعونها عندما تتجه أسعارها إلى الانخفاض عن مستوى التوازن.
ورغم ذلك فإن المضاربين في البورصات الخاصة بالعملة يمكنهم تحقيق أرباح عندما يقومون بشراء العملات عندما يقترب سعرها إلى أدنى الانخفاض، ويقومون ببيعها عندما تقترب الأسعار من نهاية الارتفاع.
كما يلاحظ أن المضاربة ذاتها تؤدي إلى تغيير سعر الصرف العاجل أو الحاضر؛ وهو ما يؤدي إلى وجود حالة عدم التأكد أمام المضاربين بشأن الأرباح التي يمكن لهم تحقيقها في المستقبل، والتي تعتمد على العلاقة بين سعر الصرف الحاضر وسعر الصرف المتوقع في المستقبل، وكلاهما يتأثر بأنشطة المضاربة..
تعليق