سرقة الأفكار وأَثرُ الملكيةِ الفكريةِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سرقة الأفكار وأَثرُ الملكيةِ الفكريةِ

    بِسْم اللهِ الرَّحمَن الرَّحِيْم

    أَثرُ الملكيةِ الفكريةِ على حياتك اليوميةِ

    عندما وقعتِ المسابقةُ ( حيث قدم المقال لجهة مهتمة) تحتْ يدي لأَولِ وَهْلَةٍ تداخلتِ المعلوماتُ عندي؛ ثمَّ بعد التأملِ والسؤالِ والمطالعةِ الجّادةِ؛ انبثقَ من كلمتيّ "الملكيةِ الفكريةِ" عندي معانٍ كثيرةٍ صبَّتْ جميعُها في بوتقةٍ واحدةٍ تتعَلَقُ على وجهِ الخصوصِ بـ" حقِّ المؤلفِ أو المبتكرِ أو المخترِعِ " الذي أصبحَ معترَفـاً ومصانـاً في القوانين والأَعرافِ، وأصبح التعديَّ عليهِ بغيرِ حَّقٍّ عُدوانًــا وظلمـــًا وحيث اصبحت "الملكيةَ الفكريةَ"جديرةٌ بالحمايـةِ القانونيـةِ .
    هذا وسوفَ أُقدِّمَ مقاليَ هذا بادِئاً من آخرِ العنوانِِ ( حياتي اليومية ـ الملكية ـ الفكرية ـ أثرها ) لأَخْلُصَ إلى صياغةٍ واضحةٍ وسهلَةٍ لـ(أثرِ الملكيةِ الفكريـةِ على حياتيَ اليوميـةِ)
    ولا شكَّ أنَّ الموضوع مفتوحٌ؛ وللبحثِ فيهِ مجالٌ ومُتَسَعٌ وهذا جُهْدُ المُقل؛ متأملاً أنْ ينالَ رضاكُم وإعجابَكم

    1. الحيــاةُ اليوميــة:
    الناسُ مخلوقُوُنَ موجوُدُونَ على هذه البسيطةِ يتحركونَ فيها ويعيشونَ فوقََها ويتعاملُ بعضُهم مع بعضٍٍ ؛ في مجتمعٍ يسعى الجميعُ إلى تطويرِهِ ونهوضِهِ بشتى وسائِل التحسين ؛ وعلى رأْسٍِِِ الوسائلِ : العلـم والفكـر، وهمْ ـ النَّاس ـ مدنيونَ بالطبعِ ؛ علاقاتُهُم مبنيََّةٌ على سلوكٍ ووقائِعَ لا تنتهي ولا تَقِفُ عند حَـدٍّ ، فالتغيرُ دائمٌ في الحياةِ ولا يَقِفُ عندَ سَقْفٍ مُحَددٍ ، والفارِقبين النَّاسِ وبين الدَّواب؛ هو العقلُ !! وهو مناطُ التفكيرِ والتكريمِ ؛ وهو أَنْفَسُ وسائلَ تحسينِ الحياةِ ، وبناءاً عليه ؛ فحمايَتُهُ ـ وما يُنْتِجُهُ من فِكْرٍـ من الأهميةِ بمكـانٍ .

    2. الملكيــــة:
    وهذا الإنسانُ الذي يَحْيى على هذهِ البسيطَةِ حياةً اعتياديَة في مجْتَمَعٍ يتحركُ ويتعامَلُ مَع الأشياءِ فيِهِ ، يَملِكُ من خِلالِ هذا التحركِ أشياءَ وأشياءَ كثيرَةٍ ؛ هذه المُلكية مَصونَةُ من الاعتداءِ في كلِّ الشرائِعِ
    وهذه الحماية والصَّوْنُ تقومُ على ثوابتَ من أهمِهِا:
    · أنَّ لكلِّ فردٍ في المجتمعِ؛ الحقَّ في ممارَسَةِ العملِ المناسبِ له والملائمِ لقُدْراتِهِ؛ الذي يَكْفَلُ له العيشَ الكريمَ، وعلى الدولةِ أنْ تُهيئَ الفرَصَ اللازمَةَ لطالِبِيها، حتى يكونَ لكلِّ فردٍ عملٌ أو مِهْنَةٌ تكونُ مصدرًا للعيشِ الحلالِ؛ يَحميِهِ ـ العمل أو ما يُنتجُهُ ـ من الالتجاءِ إلى الطرقِ غير الشرعيةِ للعيش كالسرقَةِ [1] وغيرها.
    · وأنَّ النَّفْسَ البشرية حريصة وتَواقَة دَوْمَاً للبحثِ عن الأمنِ والطمأنينةِ، تنشدهُما أيْنَما وُجِدَتَا، وما ذلك إلا حُبـاً في الاستقرار الذي جُبِلَ عليهِ الإنسانُ؛ والاستقرارُ لا يَتِمُّ إلاّ بالمحافظةِ على الكُلياتِ الخمْس وهي: (النفس، المال، العقل، العرض، الدين). ولا شكَّ أنَّ في حِفْظِ المالِ ضرورةٌ قُصْوى ، كيفَ لا ؟ والمال عَصَبُ الحياةِ !! لذا يكونُ صَوْنُ وحماية حقِّ الملكيةِ ضرورةٌ من أهمِّ الضروراتِ ، ومِن هنا يكونُ الاعتداءُ عليها بالسرقَةِ جريمةٌ وجنايَةٌ تُؤَثِرُ على أمْنِ الفرد والمجتمع بل والدولِ أيضاً.
    · حقُّ الملكية يتصلُ بوجودِ الفردِ وبكرامَتِهِ مِنْ جهةٍ، وبناموسِ العمرانِ مِنْ جهةٍ أُخرى، وبهذا المعنى لا تُدْرَكُ هذه الملكيةِ إلاّ بوجودِ صاحبِ الملكيةِ ؛ حيثُ وجدتِ الملكيةُ له ووُجِدَ لها[2]،وتزدادُ أهميةُ الملكيةِ كلما قَطَعَ الفردُ أشواطاً في المدنيةِ ؛ كما هو حاصلٌ الآن مِن اهتمامٍ زائدٍ بهذه الحقوقِ الفرديةِ.

    3. الملكيــة الفكريــة:
    هي مظهرٌ مِن مَظَاهِر شخصيةِ الفردِ، إذ هي جَميعُ ما يَبْتَكِرُهُ و ويؤلفُه ويَخْتَرِعُهُ الفردُ؛ سواءٌ كان ملكية صناعية: كبراءَةِ الاختراعِ والنماذجِ والرسومِ الصناعيةِ وأسماءِ العلامات التجاريةِ والإشاراتِ وأعمالِ الهندسةِ والمخترَعاتِ وغيرها، أو ملكيـة أدبيـة: كالقصصِ والأشعارِ والكتابات العلميةِ والرسوم والنماذجَ الفنيـةِ مِنْ رَسْمٍ وتصويرٍ ونَحْتٍ وغيرِهِ

    [3] وحق ّ"الملكية الفكريةِ" المُتمثلُ في حَقِّ المؤلِفِ أو المبتكِر أو المخترع جديرٌ بالحمايةِ القانونيةِ؛ إذ بها تحققُ مصلحة عَمَلِيَة وشَرْعِية لحمايةِ حقِّ المؤلِفِ أو المبتكِرِ أو المخترِع ماليًـا وأدبيـًا، وكافةُ الأممِ تُقدِّرُ هذا الحقَّ وتحشدُ له المؤتمرات والندوات العالميةِ.


    4. أثـر الملكيـة الفكريـة على حياتي اليوميـة:
    · أضحى الاهتمامُ بالحمايةِ الفكريةِ مِن قِبَلِ أيِّ دولةٍ ؛ دليلٌ على مواكبةِ التطورِ والحداثَةِ وإقرارٌ للمجتمعِ المتمدن ؛ ولذلك كانت المناداةُ والاهتمامُ بتقنينِ القوانين في حمايةِ "الملكية الفكرية"؛ حتى أصبحَ الاهتمامُ بها يُعدُّ صِِنْوا لحقوقِِ الإنسان ؛ تُذْكَرُ حيثما ذكرتْ [4]، وقانون ـ حمايةِ الملكيةِ الفكريةِ ـ يَحْرِصُ أشدَّ الحرصِ على صَوْنِ الأصولِ العامةِ التي تَحمي الحقوق ؛ وذلك بوضعِ القواعِدِ الضابِطَةِ لاستنساخِ المصنفاتِ وما يَرتَبِطُ بها من مظاهرَ: كالأمانةِ العلميةِ ؛ واستهجانِ السرقاتِ الأدبيةِ ، ويَضَعُ القواعدَ والضوابِطَ التي تَحْكُمُ الملكيــةَ الفكريةَ للمحافظةِ على الإنتاجِ الفكري والابتكار الذهني عموماً ، وعندما يكونُ النظامُ والقانونُ هو الذي يَحكُمُ الجميعَ و ينظّمُ سلوكَ الإنسانِ في المجتمعِ في كافةِ العلاقات الماليةِ والمدنيـةِ وعلى رأسِها العلاقاتِ التي تُنظِّمُ حقوقَ الآخرِ
    عندئذٍ يكون لها الآثارُ النافعةُ وهذه بعضٌ منها:

    · عندما أُؤلِفُ أو ابْتَكِرُ أكونُ ـ وأنا محميَّ الحقوقِ ـ مُصانـاً في إنتاجي وابتكاري وما يترتبُ وينتجُ عنه من أموالٍ في حياتي اليوميةِ.
    · في ظلِّ هذا النظامِ والقانونِ ـ وأنا محميّ الحقوقِ ـ لا يكونُ من قِبَلي تقاعسًا ـ أكون عالماً أو مفكراً ـ في مواجهةِ الحضارةِ الغربية بمخترعَاتِهِا ومُبْتَكرَاتِهِا وقوانِينِها لأنَّ حمايةَ الملكيةِ الفكريةِ تُنَظِّمُ وتَحمي هذه المخترعاتِ المُنْتَجَة من قِبَلي وتحميها .
    · لها أثرٌ بالغُ الأهميةِ وهو تقديرٌ واحترامٌ لحقِّي كمُبتَكِـرٍ للأمورِ المُحدَثةِ التي لم يَقَعْ قبلَها أو لم يَسبِقْ سابقٌ في إنتاجِها في سائرِ المجالات .

    · في مجالِ الابتكارِ الذهني أكَدَ وحَمَى القانونُ ونبَّهَ على أهميةِ الابتكارِ بالنسبةِ للمؤلِفِ [5] باعتبارِه شرطًا أساسيًا للإبداعِ الذهني الذي يجبُ تَوَفُرَهُ في العالِم.
    · في مجالِ الحث على العلْمِ والانتفاعِ بِهِ ؛ نَظَرَ قانونُ الملكيةِ الفكريةِ إلى المؤلِفِ أو المُبْتَكِرِ نَظْرَةَ تقديرٍ وإجلالٍ فأصْبَغَ عليِهِ لفظ (المؤلِف والمبتكِر ومخترِع ....)
    · فيما يتصلُ بتطورِ الحياةِ تركت الملكيةُ الفكرية مجالاً رحبــًا وواسعـاً للعقلِ البشريِّ كي يتحركَ في دائرةِ السنن الكونيةِ والاجتماعيةِ متأمِـلاً ومُنتِجـاً ومُبتَكِـراً.
    · في سبيلِ تحريكِ وتفعيلِ الفِكْرِ ساهمت الملكيةُ الفكريةُ على الاجتهادِ عملاً صحيحًا ومحببًا في حالةِ حمايتِهِ وصِوْنِهِ؛ حيثُ يَنْشَطُُ التأليفُ والابتكارُ من شِعْرٍ وكتابةٍ ونَسْخٍ وإنتاجٍ فكريٍّ وعلميٍّ، فهي عمليةٌ متلازمةٌ لانتشارِ الكتابِ والتأليفِ [6].
    · بحمايةِ هذه الحقوقِ أصبحَ المؤلِفُ والمبتَكِرُ فئة لها شأنٌ تؤثرُ– بلا شكٍّ – إيجاباً في نشرِ العلمِ والتأليفِ وظهورِ ابتكاراتهم؛ لأنَّها مصونةٌ ـ بحمايتها ـ من العبثِ والضياعِ والتحريفِ والسرقةِ[7]. فبحمايتِها تتحققُ مصلحةٌ عمليةٌ وشرعيةٌ لصاحبِهِا ومنتجِها وناشرها ومسوِّقها.
    وأيضًا تكونُ هناك حماية للمجتمعِ بنشرِ وابتكارِ ما ينفعُ النَّاسَ؛ وذلك يتحققُ بالدرجةِ الأولى بتوفيرِ الحمايةِ الفكريةِ للمؤلِفِ أو المبتكِرِ.
    · بالنسبةِ للآثارِ المترتبةِ على حقِّ المؤلَِِف بَعْدَ ثبوتِهِ لصاحبِهِ تتمثلُ في أمريْنِ هما:
    الأمرِ الأول:
    هو استيفاءُ الحقِّ إذ لصاحبِ الحقِّ – وهو المؤلِف – أن يستوفىَ حقَّهُ بكلِّ الوسائلِ المشروعةِ، بل ولورثتِهِ الحقّ في ذلك أيضا، والأصلُ في استيفاءِ الحقِّ أن يكونَ بالعدلِ المتمثلِ في مراعاةِ المصلحةِ العامةِ وان يتحاكم فيه الخصوم إلى قانون، وهذا ما حققتهُ الحماية الفكرية .
    والأمرِ الثاني:
    هو حمايةُ الحقِّ حيث تُقررُ القوانينَ حماية حقِّ المؤلِفِ من أيِّ اعتداءٍ بأنواعٍ مختلفةٍ من وسائلَ الحمايةِ منها: المسؤوليةِ المدنية، والمسؤوليةِ الجنائية، ومِنْ قَبْلِها المسؤوليةِ أمامَ اللهِ الممثلةِ في الوازعِ الديني والصدقِ والوفاءِ.
    · وهكذا تحمي قوانين الملكية الفكرية كلَّ أنواعِ الحقوقِ الدينيةِ والمدنيةِ الخاصةِ والعامةِ لحقِّ المؤلِفِ باحترامِ حَقِّهِ؛ وعدمِ الاعتداءِ عليهِ وبمعاقبةِ المعتدي.
    وكذلك تحمي هذا الحقَّ ذا الطبيعةِ الخاصةِ وذلك بحماية المظاهر الأدبية، الأمرَ الذي يَضْمنُ استمرارَ التوافقَ بين شخصيةِ المؤلِفِ وبيْنَ أثرِ إنتاجِهِ فكرياً ومالياً وأدبياً.


    · الخاتمة:
    بناءاً على ما سَبَقَ كلّه تتضحُ بعضَ الآثار التي استطعتُ الوقوفَ عليها راجياً أنْ يتوفرَ لي الوقتَ والمصادِرَ المتخصصةِ في هذا البابِ لتوسيعِ مقالي هذا!!
    وألتمس من المشرفِ الكريمِ أنْ يلاحِظَ أنَّ المقالَ مع ما بذلتُ فيِهِ من جُهْدٍ وسجلتُ فيهِ من أفكارٍـ بلا تقليدٍ ـ أنَّه محاولةٌ موضوعيةٌ جادة لقراءةِ أثرِ الملكيةِ الفكريةِ على حيـاةِ الناسِ
    اليومية ، شاكراً له ذلك

    والله الموفق والهادي للصواب
    والحمد لله رب العالمين
    ------------------------------------

    الهوامش :

    [1] . السرقة: هي أخذ المال خِفْيَةً بلا شُبْهةٍ، والمراد بأخذ المال؛ هو الاستيلاءُ عليه دونَ عِلْمِ المجني عليه أي خِفْيةً عنه. انظر في ذلك كتب الفقه الإسلاميِّ.
    [2]. د.عبد السلام الذهني: "الحقوق وتعارضها وأحوالها"، مطبعة مصر، القاهرة، 1945م. ص34 بتصرف
    [3]. كالكتب والكتيبات وغيرها من المواد المكتوبة. والمحاضرات والخطب الدينية وغير الدينية،والمؤلفات المسرحية. والمصنفات الموسيقية سواء كانت مصحوبة بكلمات أم لا، ومصنفات تصميم الرقصات والتمثيل الإيمائي، والمصنفات الإذاعية ذات الخصائص الإبداعية والمصنفات السينمافوتغرافية وغيرها من المصنفات السمعية والصوتية، وأعمال الرسم والتصوير والعمارة والنحت والنقش والحياكة الفنية، وأعمال التصوير الفوتوغرافي بما في ذلك الأعمال التي يستخدم فيها أسلوب شبيه بالتصوير الفوتوغرافي، وأعمال الفنون التطبيقية سواء كانت حرفية أو صناعية، والصور والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات والأعمال التشكيلية المتصلة بالجغرافيا والطبوغرافيا وفن العمارة والعلوم، ومصنفات الفلكلور وبصفة عامة المصنفات المندرجة في عداد التراث الثقافي التقليدي والسعي بما فيها المخطوطات. ا هـ "من كتاب الملكية الفكرية في الفقه الإسلامية"أسامة محمد عثمان خليل ص17
    [4] . د.عبد السلام الذهني: "الحقوق وتعارضها وأحوالها"، مطبعة مصر، القاهرة، 1945م ص4
    [5] . د. نواف كنعان: "حق المؤلف النماذج المعاصرة في حق المؤلف ووسائل حمايته"، الطلعة الأولى 1407هـ، - 1987م ص 21 وما بعدها
    [6] . بل في حماية هذه الحقوق زيادة اهتمام بتوفير سبل تشجيع وتطوير الأبحاث العلمية والإنتاج الفكري في الدول العربية الإٍسلامية على وجه الخصوص لا سيما المتعلقة بالعلوم التطبيقية مثل الصناعات الثقيلة والهندسة العالية والفيزياء النووية حتى نواجه عصر العولمة.
    [7]. قاسم عثمان النور: الكتابة والمكتبة، ص189

  • #2
    ماشاء الله تبارك الله ولا اروع

    للاسف فيه ناس كثيرة لاتحترم الملكية الفكرية وبكل وقاحة تسرق , لدرجة ان كلمة (منقوول) ثقيلة عليه ان يكتبها في المنتديات

    تعليق


    • #3
      رد: سرقة الأفكار وأَثرُ الملكيةِ الفكريةِ

      ما يسرق إلا واحد سروق

      تعليق

      يعمل...
      X