أعادت إيجابية بيانات الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة خلال يناير فضلا عن ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ أربعة أعوام، طرح فكرة رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في 2016 على الطاولة مرة أخرى. وبحسب البيانات التي أصدرتها وزارة العمل الأمريكية في 26 فبراير، ارتفع الإنفاق الشخصي بنسبة 0.5 بالمئة بدعم من زيادة إنفاق الأسر على مجموعة متنوعة من السلع فضلا عن زيادة الطلب على وقود التدفئة والغاز الطبيعي مع عودة الطقس البارد. وارتفع الإنفاق الاستهلاكي، والذي يمثل ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، بنحو 0.1 بالمئة خلال ديسمبر.
وأظهرت القراءة المراجعة للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة نموا سنويا بنسبة 1 بالمئة خلال الربع الرابع. وبالقطع سيمثل صدور بيانات إيجابية حول القطاع التصنيعي والتوظيف إشارة قوية على تزايد وتيرة النمو الاقتصادي مع بداية العام الجديد.
وارتفعت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين بقيمتها الأساسية، التي تمثل مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 1.5 بالمئة خلال ديسمبر. وأضاف المؤشر 0.7 بالمئة خلال الشهر الفائت. كما ارتفعت الأسعار بنسبة 0.3 بالمئة بعد استبعاد السلع الغذائية والطاقة. وتعد تلك الزيادة هي الأكبر منذ يناير 2012 وتأتي بعد ارتفاع قدره 0.1 بالمئة خلال ديسمبر. كما ارتفع مؤشر PCE بقيمته الأساسية بنسبة 1.7 بالمئة خلال الاثنى عشر شهرا الماضية، وهي أكبر زيادة منذ يوليو 2014.
هل تلوح في الأفق زيادة في أسعار الفائدة؟
هذا كل شيء باختصار. يزيد المستثمرون على الأرجح رهاناتهم على رفع الفيدرالي لسعر الفائدة مرة واحدة على الأقل خلال 2016. سينصب التركيز حاليا على تقرير الوظائف بالقطاع غير الزراعي في الولايات المتحدة حيث سيعزز صدور أرقام إيجابية من التكهنات حول رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.

استبعد المستثمرون بالفعل احتمال رفع أسعار الفائدة في مارس ولكن استمرار الزيادات المسجلة في الإنفاق الاستهلاكي بالتوازي مع تحسن معدلات التوظيف وارتفاع أسعار النفط سوف يدعم من معدلات التضخم وبالتالي ستتزايد الرهانات على رفع أسعار الفائدة خلال يونيو المقبل.
وسيؤثر هذا السيناريو المرتقب لرفع أسعار الفائدة، والذي سيستند بشكل كبير إلى ردود فعل المتداولين على بيانات الجمعة، على العديد من فئات الأصول. لهذا ينبغي أن يستعد المتداولين مبكرا هذا الأسبوع للتعامل مع حالة التذبذب التي قد تنتاب أسواق عديدة بسبب تقرير الوظائف في الولايات المتحدة الذي سيصدر الجمعة المقبلة وسيؤدي على الأرجح إلى تحركات قوية في الأسواق.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن التقرير الحكومي سيظهر إضافة 195 ألف وظيفة خلال فبراير. كما يتوقع أن يزداد متوسط الدخل الفرد في الساعة بنسبة 0.2% واستقرار معدل البطالة عند 4.9%.
ارتفاع الوظائف برقم أكبر من المتوقع سوف يضع على الأرجح ضغوط على الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة في يونيو. من المتوقع أن ترتفع أيضا عوائد سندات الخزانة بفعل إيجابية الأخبار الصادرة حول سوق العمل. هذه التطورات سوف تصب في نهاية المطاف في صالح زيادة الطلب على الدولار الأمريكي، ما يضع ضغوط على العديد من العملات الرئيسية خصوصا الين الياباني واليورو.
بدورها ستتأثر أسعار الذهب سلبا بارتفاعات الدولار الأمريكي. بينما من المتوقع أن تتخلى أسواق الأسهم عن بعض مكاسبها الأخيرة. دعنا نتذكر أن أسواق الأسهم تبدأ في الارتفاع بالتوازي مع تكهنات المستثمرين حول امتناع الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة في 2016. وبالتالي في حال تبدلت الاحتمالات القائمة فإن هذا سيدفع المستثمرين إلى جني الأرباح من مراكز التداول الأخيرة. سندات الخزانة من المتوقع أن تشهد هي الأخرى بعض الضغوط السلبية.

وفي الختام، من المحتمل أن نشهد تحركات عرضية للأسعار حتى صدور تقرير الوظائف بالقطاع غير الزراعي يوم الجمعة المقبلة. سيفضل العديد من اللاعبين الرئيسيين البقاء على الخطوط الجانبية حتى موعد صدور التقرير. يتوقع أن تكون هناك ارتدادات في العديد من الأسواق الأخرى لهذا يجب أن يستعد المستثمرين لمواجهة التزايد المرتقب في مستوى التذبذب. إذا أتت أرقام التوظيف بأفضل مما هو متوقع فإن هذا سوف يزيد من احتمالات رفع أسعار الفائدة في يونيو.