الأسهم يمكن أن تشعر باللسعة في عصر الحركات الجانبية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأسهم يمكن أن تشعر باللسعة في عصر الحركات الجانبية


    لقد شهدنا هذا من قبل. للصيف الثاني على التوالي تتدهور البيانات الاقتصادية بصورة حادة مع اقتراب الصيف. وللصيف الثاني تتراجع الأسواق المالية من وقع الصدمة.

    هذا الأمر مخيب لآمال جميع الذين يرجون استعادة ثروة عائلتهم بعد الكساد المؤلم العنيف خلال الفترة 2008 – 2009. كما أنه يثير مشاعر الإحباط لدى المستثمرين. فبعد أن اتضحت معالم الانهيار العظيم في الفترة من 2007 إلى 2009، والاندفاع الذي جاء في أعقابه، ظلت الأسواق تراوح مكانها خلال معظم الـ 18 شهرا الماضية.

    النمط واضح. تستمر الأزمة في تحديد ورسم حركة الاقتصاد والأسواق. وبعد وقوع أزمة مالية شديدة، كان التسلسل التاريخي للسوق يشهد انهياراً، يتبعه انتعاش جزئي، وعقب ذلك تكون هناك سنوات من الحركة الجانبية في الوقت الذي يسعى فيه الاقتصاد والنظام المالي لاستعادة الزخم (مع كثير من الرجاء وخيبة الأمل أثناء ذلك).

    وهذه هي السنة الثانية من عصر الحركات الجانبية. ونستطيع أن نتوقع أنها ستستمر لسنوات كثيرة.

    العقود التي جاءت في أعقاب الانهيار العظيم لعام 1929، وانهيار سوق طوكيو في أول أيام السنة الجديدة لعام 1990، تبدو مشابهة تماماً لبعضها بعضاً. هذه المرة هوت الأسواق إلى القاع عند مستوى أعلى (بقليل من الانهيارات السابقة)، وتمكنت من تحقيق انتعاش مبدئي أكثر إقناعاً، لكن النمط المتكرر الذي يظهر أمامنا من مراحل الانتعاش وخيبة الأمل يبدو الآن مشابهاً تماماً لما سبق.

    يمكن تفسير ذلك بسهولة من الناحية الاقتصادية. الديون العالقة بفعل الأزمة، إلى جانب القيمة السلبية في سوق الإسكان (بمعنى أن أسعار المساكن تهبط إلى ما دون قيمتها الحقيقية) والمؤسسات المالية التي تعرضت للوهن، تدفع إلى الأدنى. أما المحاولات الرامية إلى إنعاش النشاط الاقتصادي من خلال أسعار الفائدة المتدنية، والآثار الطبيعية لدورة الأعمال، والطلب المتزايد من بلدان الأسواق الناشئة، وفي طليعتها الصين، تدفع إلى الأعلى. وهاتان القوتان تلغيان بعضهما بعضاً، ما يؤدي إلى خلق حالة من الجمود.

    بالتالي تكون النتيجة حركة شبيهة بحركة السلطعون الجانبية. والمزيج الذي أدى إلى إبطاء الأمور هذا العام مطابق لمزيج السنة الماضية: مشاعر القلق والتخوف من إعسار الحكومة اليونانية في سداد التزامات سنداتها (المظهر المتواصل للأزمة)، ومشاعر القلق والتخوف من دخول الصين في مرحلة كساد اقتصادي (حيث تقوم الحكومة الآن بسحب الحوافز التي قدمتها في فترة الأزمة)، ومشاعر القلق حول السُحُب التي تظهر في سماء العالم الغربي منذرة بارتفاع أسعار الفائدة. وهناك ما يكفي من الحياة في الاقتصاد ليحرك نفسه قليلاً من خلال أسعار الفائدة المتدنية، لكنه لا يملك من القوة ما يكفي لتحمل مجرد التلميح برفع أسعار الفائدة، أو وقوع متاعب مالية جديدة.

    إن جَنْي المال في هذه البيئة يعتمد على معرفة مواقيت الهزات الرافعة والخافضة، وهو أمر مشهور بصعوبته. وعلى الأقل اشتعل فتيل جزء من أحدث مرحلة في التباطؤ بسبب حدث واقع خارج شاشات الأسواق، وهو الزلزال الذي ضرب اليابان في آذار (مارس) الماضي. ويتبين من تحليل أجرته مؤسسة بيسبوك للاستثمار Bespoke Investment في نيويورك أن الارتفاع الحاد نسبياً في مطالبات التعويض عن البطالة في الولايات المتحدة، والهبوط في الطلب كما يقيسه استبيان شركات التصنيع الذي يجريه معهد إدارة الطلب، خلال الأشهر القليلة الماضية، يكاد يكون مطابقاً للتراجع الذي يُظهِره هذان المقياسان، والذي شهدناه بعد وقوع زلزال كوبي في اليابان عام 1995.

    لكن كانت هناك نذر وعلامات أخرى ضمن الأسواق أنفسها. ففي الولايات المتحدة، تراجعت مؤشرات كيس – شيلر لأسعار المساكن قبل بضعة أشهر، وأكد هذا الأسبوع وقوع تراجع مزدوج. وهذا يزيد من الضغط الواقع على البنوك الراقدة على أوراق مالية مدعومة بقروض عقارية، ويضعف وضع المستهلك.

    ثم لاحِظ الأنماط ضمن أسواق الأسهم. في الخريف الماضي أخذ أداء بلدان الأسواق الناشئة في التراجع، قياساً إلى أداء البلدان المتقدمة. وكان لهذا الأمر دلالة هائلة. فقد أظهر أنه كانت هناك شكوك حول ما إذا كان بمقدور بلدان الأسواق الناشئة بالفعل أن تنتشل معها بقية العالم.

    وتراجعت الأسهم الدورية أكثر من الأسهم الدفاعية، حسب مؤشرات بنك مورجان ستانلي، نحو 7.7 في المائة منذ أن وصلت إلى مستوى الذروة في شباط (فبراير) ـ بعد أن كان أداؤها في السابق أفضل بمرتين تقريباً منذ أن وصلت الأسواق إلى القاع في آذار (مارس) 2009. وهذا مؤشر معروف تماماً يدل على أن المستثمرين يتحولون إلى السلوك الحذِر.

    وأداء أسهم الشركات المالية أدنى بكثير من أداء السوق ككل. كان أداء مؤشر كيه بي دبليو KBW للبنوك في الولايات المتحدة، حتى الوقت الحاضر من هذا العام، أدنى من أداء مؤشر ستاندار آند بورز ـ 500 بنحو 12 في المائة – كما أن أداء البنوك كان أدنى بنسبة تزيد على 20 في المائة منذ أن بدأت ملامح أزمة السندات السيادية اليونانية بالظهور في الربيع الماضي. مرة أخرى أقول إن هذا يقلب التقدم الذي شهدناه خلال فترة اندفاع الارتياح العظيم. وهذا الأمر يشي بتزايد مشاعر التوتر من وقوع أزمة مالية أخرى.

    جميع هذه المؤشرات كانت دالة على المتاعب اللاحقة، وربما يتبين أنها مفيدة مرة أخرى في السنوات المقبلة. في هذه الأثناء، ولأن العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات هي الآن عند مستوى متدني تماماً من الناحية التاريخية، يبلغ 3 في المائة، وهو ما يشير في العادة إلى إحساس كبير بالتشاؤم وتراجع الأسعار من قبل المستثمرين، فإن أداء الأسهم مذهل بالدرجة الأولى بسبب متانة وضعها.

    والتصحيح الذي وقع السنة الماضية دفع بمؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية إلى التراجع بنسبة تزيد على 16 في المائة، من القمة إلى القاع. وفي وقت كتابة هذا المقال يسجل المؤشر مستوى يقل عن 5 في المائة عن الذروة التي سجلها في الفترة الأخيرة. وهو يظل تقريبا عن ضعف مستواه المتدني الذي سجله في آذار (مارس) 2009، وأعلى بواقع 30 في المائة عن المستوى المتدني الذي سجله في السنة الماضية (كل هذه الأرقام بالدولار).

    والسبب في ذلك أن الأرباح صامدة بصورة جيدة – لكن التوقعات آخذة في الظهور بمظهر الزيادة والمبالغة. كذلك يشعر المستثمرون إلى حد ما بالتعطش لمكان يذهبون إليه، بالتالي الأسهم هي الفائزة بسبب عملية الاستبعاد (استبعاد الاستثمار في موجودات أخرى). لكن على المدى القصير، فإن القوة التي تدفع الأسهم باتجاه الأدنى تبدو قوية.

    ستكون الحركات الجانبية كثيرة في الأسواق خلال السنوات القليلة المقبلة – بل وأكثر من حالات التقدم أو التراجع. وللمحافظة على الحركات السريعة الخفيفة على الجانبين، ربما يكون من الحكمة الابتعاد عن الأسهم لفترة، على اعتبار أن احتمال حدوث تصحيح حقيقي، مثل التصحيح الذي حدث في الصيف الماضي، يبدو قوياً.


يعمل...
X