منعطف ومفترق طرق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • منعطف ومفترق طرق

    استقالة دومينيك ستراوس- كانْ من صندوق النقد الدولي، دفعت الزعماء الأوروبيين إلى المناورة لوضع واحد من مواطنيهم في مقعد المدير الإداري. وشعورهم بالانكشاف الشديد في مسألة الخلافة في صندوق النقد، يعكس فقدانهم السيطرة على مستقبل منطقة اليورو منذ أن ضربت أزمة الديون السيادية المنطقة.

    وفي هذا، على الزعماء الأوروبيين ألا يلوموا سوى أنفسهم. ففي الغالب الأعم، أظهروا أنفسهم اقتصادياً بصورة غير إيجابية، كما ظهروا متصدعين سياسيا بسبب الأفكار الوطنية المتضاربة والمصالح الضيقة. لكنهم بدوا أكثر ثباتاً في الآونة الأخيرة، وأكثر رغبة في النظر إلى الواقع. وعلى الرغم من الكبوات التي حدثت، شهد هذا الأسبوع تحركاً لمعالجة ضغوط السوق الفورية والتخطيط لإدارة أزمات المستقبل.


    ولا شك في أن بعضاً من تلك الثقة ينبع من الكيفية التي انعطف بها معظم اقتصاد أوروبا على الأرض. فالتقديرات الأولية لنمو الربع الأول كانت مشجعة. والبلدان التوأم في القلب الأوروبي اندفعا قُدماً: ألمانيا بوتيرة نمو سنوية مذهلة بلغت 6.1 في المائة، وفرنسا تسارعت في النهاية بمعدل قوي بلغ 4 في المائة. والدول الأصغر المتحلقة حولهما أجادت أيضاً، فيما تتعافى دول البلطيق من انهيار اقتصادي.


    المفاجأة الأضخم والأغرب، كانت تسجيل اليونان معدل نمو سنوي عند 3.2 في المائة. وإن صدق ذلك، فإنها أنباء مدهشة. لكن بينما لا يوجد سبب للشك في صدقية وكالة الإحصاء المستقلة الجديدة، من الحكمة انتظار صدور بيانات معززة. والدرس الأكثر أهمية في هذه المفاجأة هو مدى عدم وضوح صورة النمو اليوناني – وبالتالي استدامة عبء الدين اليوناني.


    وصانعو السياسة مُحقون في الانتظار قبل الإقدام على الخطوة التالية بشأن اليونان – على الأقل حتى مراجعة أداء أثينا ضمن برنامج الإنقاذ في حزيران (يونيو). لكن عليهم أن يقرروا عاجلاً كيفية تمويل اليونان في 2012. فالمقرضون الخاصون لن يعودوا على الأرجح – عوائد السند اليوناني لمدة عشرة أعوام بلغت 16.75 في المائة يوم الجمعة. وبات الاختيار بين رفع أوروبا حصتها، أو إعادة هيكلة الدين.


    وكلاهما يصعب تخيلهما، لكن الأخير هو الأقرب في ظل رأس المال السياسي الهائل المستثمر لتفادي العجز عن السداد. وعلى أي حال، هناك حاجة إلى مزيد من الحسم – من النوع الذي حدث عند التخطيط لآلية الاستقرار الأوروبي ما بعد 2013. وكان لذلك تأثير قصير الأجل غير سار في السوق، لكنه النمط الصائب للمستقبل وينبغي تكريسه بمستلزمات قانونية للحد من دائني الدول المعسرة.


    إن أوروبا بحاجة إلى مزيد من الفطنة بشأن مشكلة اليونان الماثلة. والحديث الفضفاض عن ''إعادة ترتيب الأوضاع'' إنما هو حديث انصرافي. فمتى ما فُرض ذلك يمكن كذلك إعادة الهيكلة. والأكثر إلحاحاً هو توضيح أن منطقة اليورو مستعدة أن تعمل مقابل مزيد من التدابير اليونانية. وعلى الزعماء تجاوز التركيز على الحديث المفرد بشأن الدين العام، وتهيئة المقترعين وحاملي السندات لانعكاسات محتملة على البنوك. وتستطيع أوروبا فعل ذلك دون مساعدة من صندوق النقد الدولي – مالية كانت أو غير مالية. وعليها تقرير ما تريده وأن تخفف القلق مما يمكن أن يفعله الرئيس المقبل لصندوق النقد الدولي.
يعمل...
X