أزمة الديون و مخاطر التضخم تدفع المعادن للارتفاع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أزمة الديون و مخاطر التضخم تدفع المعادن للارتفاع

    ارتفعت أسعار المعادن الثمينة بشكل حاد خلال تداولات يوم أمس الثلاثاء في الأسواق المالية بعد أن اتجهت قوى طلب هائلة لتلك الأسواق. الطلب الذي اتجاه نحو أسواق المعادن الثمينة شمل المضاربة و طلبات الملاذ الآمن و كذلك شمل طلبات تغطية مخاطر التضخم و طلب تغطية مخاطر انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي. انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي يوم أمس مقابل سلّة العملات الأجنبية الرئيسية و اليوم أيضاً نرى الدولار يستمر في اتجاهه الهابط. بالنسبة لسعر برميل النفط، نراه و قد تمركز في أعلى مستويات له منذ شهر أيلول عام 2008 مهدداً بارتفاع مستويات التضخم.
    إن مخاطر ارتفاع التضخم تصبح مقلقة أكثر فأكثر، حيث أن ارتفاع سعر النفط له تأثير مباشر على مؤشرات سعر المستهلك في الدول و كذلك الارتفاع في سعر النفط له تأثيرات غير مباشرة تشمل تبعية أسعار المنتجات لارتفاع التكاليف عندما ترتفع أسعار النفط. انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي يعتبر أيضاً سبباً داعماً لارتفاع التضخم، حيث أن العديد من السلع الأساسية في العالم يتم قياسها في الدولار الأمريكي و انخفاض سعر صرف الدولار يرفع تكاليف الاستيراد من الاقتصاد الأكبر في العالم" الولايات المتحدة الأمريكية" و كذلك تكاليف الاستيراد للسلع الأساسية و غيرها من الدول التي تعتمد الدولار في طلب السلع من الدول.
    عهدنا الذهب و الفضة تتداول في اتجاه معاكس لاتجاه صعر صرف الدولار الأمريكي و في اتجاه طردي مع سعر النفط خلال الأعوام قبل 2008، لكن بدأت هذه العلاقات تهتز بشكل كبير عندما انخفضت مستويات التضخم و أصبح الاقتصاد الدولي ضعيفاً جداً و مهدداً في الركود. لكن حالياً، عاد التضخم ليظهر أنه يعود من جديد مهدداً في ارتفاع كبير يوازي ارتفاع عام 2008.
    يوم أمس، أغلق سعر الذهب عند سعر 1456.80 دولار تداولات نيويورك قريباً من السعر القياسي الذي حققه عند مستوى 1457.50 دولار للأونصة حيث أغلق مرتفعاً بمقدار 1.55%. بالنسبة للفضة، فقد اكتسب سعرها 1.79% ليغلق سعر الفضة عند مستوى 39.28 دولار للأونصة. البلاتين أيضاً استطاع الاستفادة من الاتجاه نحو أسواق المعادن الثمينة، حيث نرى بأن البلاتين و قد اكتسب 0.45% عندما أغلق تداولات نيويورك عند سعر 1793.00 دولار للأونصة.
    أزمة الديون الأوروبية ما زالت تقلق المتداولين، حيث أن تخفيض التقييم الائتماني لعديد من ديون الدول في المجموعة الأوروبية أعطى المتداولين سبباً للبحث عن أصول ملاذ آمن. ارتفاع مستويات التضخم سبب آخر لدفع السيولة نحو أسواق المعادن الثمينة. الصين قامت بتصعيب شروط الائتمان مرّة أخرى و للمرة الثانية على التوالي خلال هذه السنة و هذا أعطى المتابعين بأن الصين تشهد فعلاً مخاطر تضخم كبيرة، كيف لا و مستويات التضخم ترتفع فوق مستويات 4.00% و كذلك في المملكة المتحدة وصلت إلى مستويات فوق المستوى المشار له و عادت مستويات التضخم في الاتحاد الأوروبي لتتعدّى 2.00% و العديد من الدول الناشئة بدأت فعلاً تعاني ارتفاع مستويات التضخم، و حالياً يوضع اللوم على ارتفاع سعر النفط الذي سببه أزمة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا السياسية.
    توقعات إعادة إعمار اليابان تعطي احتمال بأن يرتفع الطلب على المعادن و النفط بشكل كبير، و هذا بالتالي ينعكس على شكل ارتفاع في الأسعار. فالتضخم قد يكون عنوان عام 2011 في وقت لم تتخذ فيه البنوك المركزية في الدول العظمى حتى الآن في أي خطوة احترازية ضد ارتفاع التضخم بل ما زالت تتجه نحو سياسات دعم الاقتصاد. هنالك توقعات بأن يتم تغيير السياسة المالية أو السياسة النقدية في البنك الأوروبي أو البريطاني يوم غد الخميس، أو على الأقل أن يتم الإشارة إلى الاستعداد لذلك في حال استمرت مخاطر التضخم في التعاظم، و هذا خير إثبات للمتداولين بأن التضخم عاد ليخيّم في ظلاله على الاقتصاد الدولي من جديد.
    هذا اليوم نرى المعادن الثمينة تتداول بتقلّب كبير، لكن قريباً من مستوياتها المرتفعة. يتداول سعر الذهب اليوم عند مستوى 1452.70 دولار للأونصة، و رغم أنه فقد 0.28% من إغلاق نيويورك بتداوله عند هذا المستوى، إلا أننا نرى السعر يتداول قريباً من السعر القياسي على الإطلاق له. بالنسبة لسعر الفضة، فيتداول اليوم عند أعلى مستوياته منذ 31 عاماً مضت حول سعر 39.32 دولار للأونصة و اكتسب عند هذا المستوى 0.10% من إغلاق نيويورك يوم أمس. لم يكن البلاتين في كفاءة الذهب و الفضة يوم أمس، لكن نراه اليوم و قد استطاع اكتساب 0.06% ليتداول عند مستوى 1794.00 إلا أننا نلاحظ بعض أوامر جني الأرباح تحصل مع الاقتراب من الحاجز النفسي 1800.00 دولار كما حصل يوم أمس مما يسبب بعض الضغط السلبي على سعر البلاتين. الأسعار المشار لها هنا كما هي في تمام الساعة 02:10 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:10 بتوقيت غرينتش )
    حقبة جديدة من الدورة الاقتصادية، هذا ما نحن فيه الآن! حقبة اجتمعت فيها الأزمات السياسية و الكوارث الطبيعية مع أزمة الديون الأوروبية و ضعف الاقتصاد الدولي و استمرار دعم الاقتصاديات العظمى من خلال البنوك المركزية رغم أنها بدأت تخشى ارتفاع مستويات التضخم. هذه ظروف غاية في الروعة بالنسبة للمعادن الثمينة و هي الظروف التي سببت الارتفاع القوي الذي يحصل. لكن لا يجب أن ننسى بأن هنالك قوى طلب مضاربي قوي جداً و الإثبات في الفقرة المقبلة!
    يتداول مؤشر الذهب/فضة عند مستويات 37.06 نقطة تقريباً، و هذا يعني ارتفاع سعر الفضة بشكل أكبر كثيراً من ارتفاع سعر الذهب. خلال العقدين الماضيين، ارتفع المؤشر ليلامس مستوى 100.82 نقطة في بداية التسعينات من القرن الماضي لكن نراه في يومنا هذا يتداول قريباً من أدنى مستوياته منذ عام 1998. إن الفضة تشتهر باستقبال المضاربة الكبيرة من المتداولين الذين يتّجهون للفضة كاستثمار أو كمضاربة في السعر السوقي، و هذا فعلاً ما يحصل حالياً لنرى طلباً على العقود الآجلة و العقود الآنية للفضة بكميات تداول تشير إلى أن الكثير منها مضاربي. فرغم أننا نرى الذهب عند مستويات قياسية جديدة، إلا أن أداء الفضة يفوق أداء الذهب كما فعل خلال عام 2009 و 2010. الصورة أدناه توضح حركة مؤشر الذهب/فضة خلال الـ 36 عاماً الماضية.
    <table align="center" border="0"> <tbody> <tr> <td></td> </tr> </tbody> </table> نحن لا نستبعد حصول عمليات جني أرباح عند هذه الأسعار، و كما حصل يوم أمس شهدنا موجة جني أرباح على المعادن الثمينة قبل أن تعود للارتفاع و كانت قوية نسبياً و سريعة على الفضة مؤكدة أن الفضة تشمل مضاربة كبيرة، لكن أيضاً استمرار الظروف الاقتصادية على ما هي عليه و استمرار المخاوف من ارتفاع التضخم مترافقاً مع ضعف الاقتصاد الدولي، قد تكون أسباباً لمزيد من الاتجاه الصاعد. يجب أن نعلم بأن سعر الفضة يقترب من مستويات نفسية هي مستوى 40.00 دولار، و مثل هذه المستويات قد تجلب عمليات جني أرباح، فنرجو من الجميع اتخاذ الحيطة و أقصى درجات الحذر حتى لو كنا نميل لصالح مزيد من الارتفاع، إذ أن بداية عمليات جني الأرباح لو حصلت قد تجتذب معها استمرارية في ذلك.
يعمل...
X