المخاطر تحيط بسندات الخزانة الأمريكية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المخاطر تحيط بسندات الخزانة الأمريكية

    قبل ثلاثة أعوام تلقى المستثمرون درسا قاسيا حول الخطر الذي يمكن أن تتعرض له البنوك، أو المؤسسات المالية الأخرى، عندما يتم تمويل الممتلكات طويلة الأجل بديون قصيرة الأجل. لكن هل حان الوقت بالنسبة إلى المستثمرين كي يتعلموا مجدداً ذلك المفهوم الآن فيما يخص الديون السيادية؟ إنه سؤال يحوم حول أكثر من 14300 مليار دولار من سوق سندات الخزانة الأمريكية، في وقت تشتد فيه المعركة السياسية حول السياسة المالية الأمريكية. خلال الأشهر الأخيرة كانت الأجواء في سوق سندات الخزانة هادئة بشكل مخيف، إلى درجة أن العائد على السندات انخفض الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له هذا العام. إنه أمر مذهل، بالنظر إلى أن الخزانة الأمريكية وصلت من الناحية الفنية إلى الحد الأعلى من سقف الديون في الأسبوع الماضي (عدد السندات التي يمكنها إصدارها بشكل قانوني)، حتى أنها يمكن أن تميل إلى التخلف عن السداد فنياً في آب (أغسطس)، إذا فشل الكونجرس في التوصل إلى صفقة لرفع مستوى سقف الديون بحلول ذلك الوقت. لكن في حين أن الأمر مطمئن من حيث رؤية المستثمرين وهم يواصلون ابتلاع الديون الأمريكية، حتى وسط عدم اليقين السياسي هذا، إلا أن المستثمرين والسياسيين سيفعلون حسناً بالنظر كذلك إلى أي نوع من الديون تبيع الولايات المتحدة اليوم ـــ والأهم من ذلك ماذا باعت في الماضي. وتتمحور القضية حول متوسط أجل استحقاق سوق سندات الخزانة، أو عدد المرات التي تحتاج فيها الحكومة إلى بيع سندات جديدة لتحل محل تلك التي انتهى سريانها.

    وصل متوسط أجل الاستحقاق الآن إلى نحو 61 شهراً، الأمر الذي يعني ضرورة تبديل الديون، في المتوسط، كل خمس سنوات، أو تبديل خُمس المخزون كل عام. حسب معايير التاريخ الأمريكي الحديث، لا يبدو ذلك غريباً للغاية. فمنذ عام 1980 تحرك متوسط أجل الاستحقاق بين 45 شهراً و75 شهراً. وفي عام 2008 انخفض إلى مستوى متدنٍ بلغ 48 شهراً، لأن الحكومة الأمريكية أصدرت كمية كبيرة من الديون قصيرة الأجل لتهدئة أسواق المال. لكن حينما ينظر إلى الأمر من منظور أوسع، فإن هذا النمط الأمريكي يبدو استثنائياً ومقلقاً. ففي المملكة المتحدة مثلا، يبلغ متوسط أجل استحقاق ديون الحكومة بالجنيهات الاسترلينية 13 عاماً. وفي حين أن المملكة المتحدة متطرفة إلى حد ما فيما يتعلق بأجل الاستحقاق، إلا أنه في جانب كبير من أوروبا القارية تراوح آجال الاستحقاقات بين سبع وثماني سنوات. وتدرك وزارة الخزانة الأمريكية تماماً أن هذا النمط يجعل الولايات المتحدة مختلفة إلى حد ما، وليس من المدهش أنها تحاول تمديد أجل الاستحقاق. وبالفعل نجحت إلى حد ما، على الأقل مقارنة بعام 2008. في واقع الأمر، سندات الخزانة في هذه الأيام ـــ أقصر شكل من الديون ـــ تشكل أقل من 20 في المائة من الديون القائمة القابلة للتسويق، وهي أدنى نسبة منذ ستينيات القرن الماضي. لكن لا تتوقعوا أن تدفع وزارة الخزانة آجال الاستحقاق إلى فترة أبعد في وقت قريب للغاية. وتتمثل إحدى المشاكل في أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن من المهم المحافظة على سلامة سوق سندات الخزانة من أجل الاستقرار المالي الكلي، وبالتالي هم ملتزمون بمواصلة الإصدار الكبير. ويريدون كذلك ضمان أن تبقى سوق السندات لمدة عشر سنوات مدعومة جيداً، لأن ذلك مهم للغاية لهيكل سوق الإسكان الأمريكية. وهناك شكوك كثيرة حول ما إذا كان هناك كثير من الشهية لدى المستثمرين للديون الأمريكية طويلة الأجل. وعلى الرغم من أن المستثمرين غير الأمريكيين كانوا يشترون نسبة أعلى من الديون طويلة الأجل، إلا أن المؤسسات المحلية ليست لديها الشهية ذاتها كما في المملكة المتحدة، مثلا. ومن شأن ذلك أن يولد عنصري مخاطر محتملين. الخطر الأكثر دراماتيكية، والأقل احتمالاً، هو أن متوسط الاستحقاق قصير الأجل يعني أن بإمكان الحكومة أن تجد صعوبة في إعادة استثمار ديونها بأسعار معقولة ـــ إذ حدث ذلك على الإطلاق ـــ لو حصل انهيار كامل للثقة. والمشكلة الأكثر تعقيدا وأكبر احتمالاً، هي أن الحكومة الأمريكية يمكن أن ترى كذلك أن تكلفة تمويل الديون سترتفع بحدة إذا ارتفع التضخم، لأنها تحتاج إلى إعادة استثمار ديونها بمعدلات سوقية مرتفعة. وفي الآونة الأخيرة توقع مكتب الميزانية التابع للكونجرس، مثلا، ما سيحدث لنسبة الديون الأمريكية إلى الناتج المحلي الإجمالي، إذا ارتفع التضخم بنسبة 3 في المائة. واستنتج المكتب أن تلك النسبة تهبط من 72 في المائة عام 2012 إلى أقل من 70 في المائة عام 2020، إذا بقيت معدلات السندات مستقرة (وبقي كل شيء آخر دون تغيير). لكن إذا ارتفعت المعدلات 2 في المائة، فإن عبء الديون يرتفع إلى 76 في المائة. بعبارة أخرى، التضخم لن ''يصلح'' عبء الديون الأمريكية، ما لم تجد الحكومة طريقة لحمل أسعار الفائدة في الأسواق على الانخفاض بواسطة الضوابط. وفي الوقت الحالي، فإن ذلك غير مهم. وما زالت معدلات عائد السندات لمدة عشر سنوات متدنية بطريقة تدعو إلى الضحك، الأمر الذي يعني أن تكاليف التمويل رخيصة. لكن إذا تغيرت المشاعر بشكل عنيف، فربما يكون جرس الاستيقاظ مزعجا للغاية. إنها فكرة متزنة في الوقت الذي تعيش فيه واشنطن كذلك في شكل من أشكال مخاطر ''إعادة الاستثمار'' السياسي، وعلى وجه الخصوص، الخطر بأن يواصل الكونجرس إعاقة أي صفقة دين مستقرة طويلة الأجل، واللجوء إلى إصلاحات الميزانية قصيرة الأجل والمؤقتة، التي تحتاج مثل السندات إلى تجديد مستمر.
يعمل...
X