اتجاهات السوق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتجاهات السوق


    إحصائيات وعمليات تداول البنك المركزي

    تشهد أسواق العملات اهتمامًا جديدًا ومتزايدًا بالإحصائيات. فمنذ عشر سنوات والإحصائيات الاقتصادية تسيطر على السوق مرتين أو ثلاث مرات في الشهر. قد تتمكن المؤشرات الاقتصادية الكبرى مثل الميزان التجاري الدولي للولايات المتحدة أو معدل البطالة من توجيه انتباه السوق نحو المضاربة والتحكم في النتائج المفاجئة العرضية لبعض التقلبات المثيرة.

    إلا أنه مؤخرًا بدأ المتداولون يراقبون عن كثب مجموعة أكبر بكثير من الإحصائيات. يستخدم العديد من متداولي السوق هذه الإحصائيات "الثانوية"، كما استخدموا المؤشرات الكبرى من قبل، كمؤشرات وعلامات تداول للتوجه الاقتصادي. تُرى هل هذا مجرد تغيير مؤقت في أسلوب التداول في السوق أم هو بداية لعلاقة جديدة بين المتداولين والمعلومات الاقتصادية التي تهمهم؟

    يمكننا إلى حدٍ كبير إلقاء اللوم على رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكي وزملائه في البنك المركزي الأوروبي (ECB) لما أظهروه مؤخرًا من اهتمام بالمتداولين في العملة بالإضافة إلى الدراسات الإحصائية عن النمو الاقتصادي.

    تبنت البنوك المركزية العالمية مبدأً جديدًا للشفافية في تعاملاتها في ظل البيئة الاقتصادية العالمية. ويمكن أن يلخّص موقفهم هذا في النصيحة القديمة للكتاب المبتدئين وهي: "أخبر القارئ بما ستقوله، ثم قله، وبعد ذلك أخبر القارئ بما قلته". فقد أخذ كلٍ من جان كلود تريشيه رئيس مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي والسيد برنانكي يردد مرارًا وتكررًا مخاوفه الاقتصادية وآرائه في مستقبل القياس الاقتصادي. فقد قاما بتحديد الإحصائيات الأكثر تأثيرًا والمنطق المرتبط بالتضخم والنمو الاقتصادي. فقد أخذا يكرران هذه الآراء تقريبًا في كل تصريح لهما بسياسة جديدة.

    وقد غابت عن الأسواق حرية التأمل المتضمنة في الكلمات الشهيرة لرئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي السابق، السيد آلان جرينسبان وهي: "إذا وجدتم ما قلته واضحًا كل الوضوح، فمن المحتمل أن تكونوا قد أسأتم فهم ما قلته". قد يترك العمل في ظل هذه النصيحة غير الواضحة للمتداولين حرية التفكير بشكلٍ فعال وذلك لعدم معرفتهم الدقيقة بما يدور في ذهن رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي السابق، كما أنه من غير المحتمل أن يكون تخمينهم خاطئًا وفقًا لمجموعة معينة من الإحصائيات.

    لكن أصبح الآن الوضع مختلفًا مع بن برنانكي أكثر المنفعيين الذي يوفر حلولاً لكل الألغاز، حيث لم يعد لدى المتداولين فرصة للتأمل أو للتفكير فيما يدور بذهن رئيس مجلس الإدارة، وذلك لأنه بالفعل يخبرهم بكل شيء. لا يمكنهم المراهنة على أي الإحصائيات أفضل في ذهن رئيس البنك المركزي الأوروبي، فقد أمدهم السيد برنانكي مسبقًا بقائمة بأعلى وأفضل الإحصائيات. أصبح الآن من السهل التحقق من كل مركز عملة على أساس أحدث المعلومات الاقتصادية. كما أصبح تحديد المركز في السوق خاضعًا للتقييم والتصحيح الثابتين من أي وقت مضى.

    بالنسبة لتداول المضاربة، لا يمكن لأي شيء أن يتفوق على نتيجة غير متوقعة لبيان إحصائي ضخم. في الماضي، كانت الإحصائيات مصدرًا لأكثر التقلبات المنتظمة المركزة للأسواق. منذ عشر سنوات، تمكن عدد محدود فقط من إحصائيات الاقتصاد الأمريكي الشاملة والبطالة والناتج المحلي الإجمالي (GDP) والميزان التجاري الدولي ومؤشر سعر المستهلك (CPI) من إحداث تقلبات حادة في العملة. كما كان النظام الإحصائي الأمريكي الذي يعتمد عليه معظم المتداولون منذ عشر سنوات، مقصورًا على بعض الإحصائيات القومية الكبرى التي تقوم الحكومة بتجميعها.

    في السنوات العشرة الأخيرة وبالأخص في السنوات الخمسة الأخيرة، اتسع محور تركيز كلٍ من السوق والإعلام ليشملا العديد من الإحصائيات من الفئة الثانية والثالثة. ويعد اقتصاد الولايات المتحدة من أكثر الاقتصادات الموثقة بإحصائيات والمعلنة على مستوى العالم. توجد العديد من العوامل التي يتم إعلانها كل شهر والتي تكفي لبقاء جيش من خبراء التأمين في حالة انشغال دائمة، من هذه العوامل: مؤشر سعر المنتج ومؤشر الإنتاج الصناعي ومؤشر ثقة المستهلك ومؤشر السلع المعمرة ومؤشر البيع بالتجزئة ومؤشر معهد إدارة التوريدات (ISM) ومؤشر Redbook. كيف يمكن للمتداولين الحكم على الإحصائيات التي تستحق الانتباه الكامل وتلك التي لا ينبغي أن تستغرق وقتًا سوى للمعرفة السريعة أو التراكمية؟

    معظم الإحصائيات تحلل الاقتصاد بطريقة جزئية. فالإحصائيات تتناول إما قطاعًا محددًا من الاقتصاد أو الاقتصاد خلال فترة زمنية محدودة. لذلك، لا نستطيع الجزم بأن النتائج الإحصائية التي تتناول قطاعًا اقتصاديًا محددًا ستنبئ بالصورة العامة للاقتصاد بأكمله.

    ولنأخذ مثالاً على ذلك من قطاع الإسكان. سنجد أن المؤشرات المختلفة، إلى جانب مبيعات المنازل الحالية، فضلاً عن مبيعات المنازل الجديدة وتراخيص البناء، من الممكن أن تعطي نظرة عامة عن هذا القطاع الاقتصادي المحدد، لكن ليس بالضرورة عن الاقتصاد بأكمله. فقد كان الاقتصاد في قطاع الإسكان متدهورًا قبل فترة طويلة من حدوث الركود الاقتصادي العام.

    بالرغم من ذلك، حتى عندما تشير الإحصائيات الشهرية من داخل نفس القطاع إلى الاتجاه الاقتصادي نفسه، فقد تؤدي عدة أشهر من البيانات الصادرة إلى تغيير الاتجاه الاقتصادي. كما يمكن أن توفر المؤشرات التي تغطي قطاعات اقتصادية مختلفة إطلالة شاملة على النمو المستقبلي، ولكن هذا لا يحدث إلا إذا تم تجميع هذه المؤشرات معًا وتوجيهها في نفس الاتجاه. طبقًا لذلك، فإن الهبوط في المعدل الشهري للقدرة الإنتاجية أو الارتفاع في معيار ثقة المستهلكين تبعًا لمؤشر كونفرنس بورد يقدم بمفرده معلومات محدودة للمتداول. ولكن إذا حدث وارتفعت مؤشرات ثقة المستهلكين في أثناء أحد الشهور وفاقت الطلبات على المصانع توقعات الجميع وكانت قراءات معهد إدارة التوريدات (ISM) إيجابية، فيمكن للمتداولين الوثوق بالاتجاه الإيجابي المتنبأ به للاقتصاد.

    لقد كان السيد برنانكي على وجه الخصوص صريحًا بشأن المؤشرات التي يطلع عليها. وقد جذب السيناريو المتوقع لديه، ألا وهو النمو الاقتصادي البطيء الذي يكبح جماح التضخم، الأنظار إلى مؤشر PCE Deflator الذي يشير إلى نفقات الاستهلاك الشخصية باستثناء الغذاء والطاقة، الصادر عن مكتب التحليل الاقتصادي في وزارة التجارة الأمريكية. وأضاف السيد برنانكي أنه يود أن يصل هذا المعيار إلى نسبة 2,0%. وباستخدام تلك المعلومات يستطيع القائمون على السوق ملاحظة الفرق بين الرقم المُصدر والرقم المتوقع والمسافة التي تبعد عن الوضع المثالي.

    ونظرًا لأن النمو الاقتصادي يستحوذ على تفكير السيد برنانكي، فقد أدى ذلك إلى إبراز عدد من المعايير المتقدمة على مستوى الاقتصاد من جانبي المستهلكين والشركات. وقد جذبت قراءة مؤشر ثقة المستهلكين تبعًا لرويترز/جامعة ميتشجان وقراءة مؤشر ثقة المستهلكين تبعًا لكونفرنس بورد أنظار القائمين على السوق كما حدث مع أرقام معهد إدارة التوريدات (ISM) ومؤشر مشتريي شيكاغو. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تقدم نظرة على المستقبل القريب، فبالسؤال إذا كانت هذه الأرقام تقدم تنبؤات عن المدير والمستهلك في الأشهر القليلة بعد ذلك، فالإجابة المعروفة جيدًا هي أنها متقلبة.

    إن لدى البنك المركزي الأوروبي مؤشرين إحصائين مفضلين للتضخم، المؤشر الشهري التوافقي لأسعار المستهلكين (HICP) وهو يمثل معيارًا موحدًا للتضخم في دول الاتحاد الأوروبي، ورقم نمو كمية وسائل الدفع M3. ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تحقيق أهداف مميزة في كلتا الإحصائيتين، 2,0% للتضخم و8,0% لإحصائية M3. ولكن قراءة كلتا الإحصائيتين كانت أدنى من المستهدف بقدرٍ كافٍ منذ بدء الأزمة الاقتصادية. كما أن البنك المركزي الأوروبي يعتمد على معايير أكثر تقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي (GDP) إلى جانب العديد من الإحصائيات الاقتصادية القومية الأخرى. وتجدر الإشارة إلى أن النظام الإحصائي للاتحاد النقدي الأوروبي (EMU) أحدث بكثير من الذي تقدمه الولايات المتحدة ولا يتمكن من توثيق جميع أنشطة الاتحاد النقدي الأوروبي (EMU) على نحوٍ دقيق.

    بالنسبة إلى المتداولين، فالمفاتيح الإحصائية لها وجهان؛ الإحصائيات التي تفضلها البنوك المركزية والمؤشرات التي تعطي معلومات مهمة عن الحالة الاقتصادية. ولا يشترط أن يتقابل الوجهان.

    لا تزال أسعار الفائدة تسيطر على العلاقات بين العملات وما زالت البنوك تحدد الأسعار. ستؤدي عمليات التطوير في الإحصائيات التي تتبناها البنوك إلى البت في كثير من القرارات المعلقة. لكن المتداولين الذين يسعون إلى التميز، يتحتم عليهم أن تكون لهم نظرة شخصية في الاقتصاد ويعني ذلك الاطلاع على تلك الإحصائيات الثانوية. إنه ما حدث بالفعل، ففي الخريف الماضي، أشارت تلك المؤشرات الصغيرة جميعًا إلى اتجاه غير الذي أشارت إليه المؤشرات الكبيرة لدى البنوك.



    جوزيف تريفيساني
    شركة اف اكس سوليوشنز
    محلّلُ السوق الرئيسي
يعمل...
X