حماسة ساركوزي المفرطة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماسة ساركوزي المفرطة

    لأول مرة منذ أكثر من 50 عاماً تتورط فرنسا في ثلاثة صراعات عسكرية متزامنة – أفغانستان، ساحل العاج، وليبيا. وفي الوقت نفسه، تقبع شعبية نيكولا ساركوزي، رئيس فرنسا المنتمي إلى يمين الوسط، في منخفضات قياسية ويواجه تحدياً هائلاً للظفر بإعادة انتخابه العام المقبل. وبعض معارضي ساركوزي السياسيين يختزلون حماسته المستجدة للتدخلات العسكرية باعتبارها خديعة لتوشيح نفسه بالمجد والاحتفاظ بالرئاسة حتى 2017. لكن هذا تفسير مبالغ في تهكمه.

    الحرب الأفغانية بدأت قبل فترة طويلة من حلول ساركوزي في قصر الإليزيه عام 2007. كذلك تورط فرنسا في الحرب الأهلية في ساحل العاج، المستعمرة الفرنسية السابقة، يعود إلى عام 2002. صحح أن ساركوزي صعّد الدور، بأمره عسكره بضرب القوات الموالية للوران باجبو، الرئيس المنتهية ولايته. هذا يمتد حتى حدود منطوق قرار مجلس الأمن الدولي 1975، الذي يفوض قوات الأمم المتحدة استخدام كل التدابير اللازمة لحماية المدنيين في مواجهة الهجمات.


    إن لفرنسا مصالح واسعة في غربي إفريقيا الناطق بالفرنسية، ولها أيضا حضور عسكري قديم في ساحل العاج، ما يرجح كثيراً أن أي رئيس ما كان ليتصرف إلا على غرار ما فعل ساركوزي. فالتراجع يضر بصدقية فرنسا في غربي إفريقيا ومن الممكن أن يفتح الباب على مصراعيه لحلول نفوذ أمريكي أو صيني أو برازيلي.


    على النقيض، فإن الحرب لتخليص ليبيا من معمر القذافي هي حرب ساركوزي. فليبيا ليست مستعمرة سابقة ناطقة بالفرنسية، ونتيجة الحرب فيها لن تحمل إلا النذر اليسير لحقبة الصحوة السياسية العربية. وفي عالم تتشكل فيه السياسة الخارجية جزئياً بصور التلفزيون ولقطات الهاتف الجوّال، فإن ساركوزي خشي بلا شك من أن آفاق إعادة انتخابه ربما تتلقى ضربة، إن سمحت فرنسا وحلفاؤها لقوات القذافي بارتكاب حمام دم في بنغازي التي يسيطر عليها الثوار.


    لكن التدخل كان مدفوعاً كذلك بالقلق من أن نفوذ فرنسا في شمالي إفريقيا يمكن أن يضمحل عقب ما تكشف من اتصالات مخجلة بين وزراء الحكومة الفرنسية والطاغيتان السابقان في مصر وتونس. وفوق ذلك، الحملة الليبية تتيح لفرنسا إظهار إحساسها بالمسؤولية باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، وأن تجسد فكرتها عن نفسها كحامل لواء عالمي للقيم. وتهور ساركوزي يمكن أن يفضي إلى صعوبات مع حلفاء فرنسا، في حين أن نجاح العملية الليبية ليس مضموناً. لكن الفاعلية الفرنسية الجديدة تمثل بالتأكيد تحسناً مقارنة بما سبقها.
يعمل...
X